تقاريرفتوى ودين

رجال الدين: خنجر في قلب مصر يزرعه الفساد لدعم السيسي

في خضم الأزمات التي تعصف بمصر وفي الوقت الذي تعاني فيه البلاد من مشكلات اقتصادية واجتماعية جسيمة يبرز دور رجال الدين كأحد أبرز العوامل التي ساهمت في انهيار الوطن وجعلت منه ساحة لتكريس الفساد والفشل على كل الأصعدة

إذ يعتبر هؤلاء الرجال من أبرز مؤيدي النظام الحالي بل إنهم يشكلون درعاً له يستغلون سلطتهم ونفوذهم في تبرير ممارسات النظام الفاشلة والترويج لها تحت شعار الحفاظ على الدولة

يتصدر المشهد في هذا السياق شوقي علام المفتي السابق للجمهورية الذي لم يتردد في القول إن مصر لولا عبد الفتاح السيسي لكانت في مهب الريح ويبدو أن علامات التملق والخنوع تتجلى بوضوح في تصريحاته التي تعكس تبعيته المطلقة للنظام القائم دون أي اعتبارات لمصلحة البلاد وشعبها فبدلاً من أن يكون صوتاً للأمة وقوة تعبر عن آلام الشعب نجد علام يتحول إلى أداة بيد السيسي لتعزيز سلطته وإضفاء الشرعية على أفعاله

وفي نفس الإطار يأتي محمد مختار جمعة وزير الأوقاف السابق ليعبر عن نفس النهج المقيت حيث وصف السيسي بأنه رجل عظيم قيضه الله لحماية مصر وكأن السيسي هو المنقذ الذي أنقذ البلاد من مصير مظلم وكأن التاريخ لم يسجل أن الشعوب هي التي تقود نفسها وأن الأفراد ليسوا سوى أدوات ضمن مجتمعاتهم لقد أصبح جمعة مثالاً لرجال دين يحرفون الرسالة الروحية لصالح أهداف سياسية بحتة متجاهلين المعاناة اليومية التي يواجهها المصريون بسبب السياسات الاقتصادية والاجتماعية الفاشلة

أما علي جمعة المفتي السابق الذي يُعتبر أحد أبرز رموز التيار الديني في مصر فقد كان له نصيب من هذه المهزلة إذ وصف السيسي بالبطل الهمام الذي اختير لأعمال جليلة لكن وكما أضاف جمعة فإن السيسي قد فاق ما تصورناه وكأن هذا الإطراء يأتي في وقت تشتعل فيه الأزمات ويعاني فيه المصريون من أزمات معيشية خانقة فجمعة لا يدرك أو يتجاهل الأبعاد الخطيرة لهذه الكلمات في ظل واقع مرير يعيشه الشعب

وفي خضم هذا الواقع يبرز دور خالد الجندي الداعية المعروف الذي لم يتردد في إعلان تأييده الكامل للسيسي ويؤكد على الدور العظيم الذي يقوم به السيسي مما يجعلنا نتساءل عن كيفية تقييم الجندي لهذا الدور فهل هو دور في إنقاذ البلاد أم دور في تكريس الفساد والإفساد يفرض علينا الجندي أن ننحني له تكريماً على دوره المزعوم في حين أن الحقيقة تتجلى في أن دوره يتمثل في دعم نظام فقد شرعيته أمام الشعب

وفي سياق متصل يظهر الشيخ ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية كأحد أبرز وجوه التيار السلفي حيث دعا الناس إلى عدم الشعور بالحرج أثناء اختيارهم للسيسي مما يعكس تحركاً جماعياً من قبل رجال الدين لنشر ثقافة الخنوع والتسليم بواقع مرير تسيطر عليه سياسات قمعية وتهميش متعمد لحقوق الشعب المصري

إن دور رجال الدين في مصر في دعم السيسي لا يمكن فصله عن الفساد المستشري الذي تعاني منه البلاد بل على العكس يبدو أنهم يمثلون أحد أبرز تجليات هذا الفساد إذ يتضح من تصريحاتهم وبياناتهم أنهم يعتبرون أنفسهم في خندق واحد مع السلطة وهو ما يظهر بشكل جلي في تبريرهم لكل الإجراءات القمعية التي يتخذها النظام دون أي اعتبار للواقع المعاش للشعب

إن هذه الممارسات لا تعكس فقط الفساد الأخلاقي الذي يعيشه بعض رجال الدين بل تشير أيضاً إلى غياب المسؤولية الوطنية التي ينبغي أن يتحلى بها هؤلاء تجاه مجتمعهم وأمتهم إذ إن التأييد الأعمى لنظام فاشل يقود البلاد إلى الهاوية إنما يمثل خيانة لرسالتهم الدينية التي ينبغي أن تكون في خدمة الشعب وليس في خدمة السلطة الحاكمة

إن الأرقام تشير إلى تدهور الأوضاع المعيشية في مصر حيث تشير تقارير رسمية إلى أن نسبة الفقر قد ارتفعت إلى مستويات غير مسبوقة تفوق 30% بينما البطالة تتجاوز 10% مما يجعل الحديث عن العظمة المزعومة للسيسي مجرد كذبة يتاجر بها رجال الدين لتحقيق مكاسب شخصية أو للبقاء في مراكزهم بينما يتجرع المواطنون الفقر والذل

لقد أصبح من الواضح أن رجال الدين الذين يروجون للسيسي قد وضعوا أنفسهم في خانة المدافعين عن الفساد والفشل مما يشكل خطراً حقيقياً على مستقبل مصر فعندما يتحول الدين إلى أداة للتبرير والاستغلال فإن المجتمع بأسره سيكون أمام تحديات جسيمة تهدد استقراره ورفاهية أفراده

فإن مصر بحاجة إلى رجال دين يحملون رسالة الحق والعدالة لا رجال دين يتاجرون بمواقفهم لصالح السلطة ويخدمون أجندات خاصة لقد حان الوقت لكي نعيد النظر في دور هؤلاء الرجال ونطالبهم بأن يكونوا في صف الشعب وأن يرفعوا أصواتهم ضد الفساد والفشل الذي يعيشه الوطن إذ إن تغيير الواقع لن يحدث إلا من خلال وجود صوت حر وصادق يعبر عن آمال وآلام المصريين بعيداً عن التملق والفساد الممارس باسم الدين

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى