السودان يلغي اتفاقًا مع الإمارات.. هل تلغي مصر اتفاق رأس الحكمة
في خطوة جريئة أعلن الدكتور جبريل إبراهيم وزير المالية والتخطيط الاقتصادي السوداني إلغاء اتفاقية مع الإمارات تتعلق بتطوير ميناء على البحر الأحمر
هذه الاتفاقية التي كان من المقرر أن تُدخِل استثمارات ضخمة تصل إلى 6 مليارات دولار جاءت كضربة موجعة للحكومة المصرية التي تسير على نفس النهج في اتفاق رأس الحكمة مع الإمارات
بالنظر إلى الموقف المصري نجد أن الحكومة تتجاهل صرخات الشعب وواقع الفساد المستشري على مختلف الأصعدة تواصل الحكومة المصرية تبني نفس السياسات التي أدت إلى إلغاء السودان لهذا الاتفاق
في الوقت الذي كان من المفترض أن تكون فيه الحكومة أكثر حذراً في التعامل مع مثل هذه الصفقات يثير هذا التقاعس تساؤلات عديدة حول مدى تأثير المصالح السياسية على اتخاذ القرارات السليمة
ما حدث في السودان يطرح علامة استفهام كبيرة حول قدرة الحكومة المصرية على اتخاذ خطوات مشابهة في ظل الفساد المستشري والانتهاكات الواضحة في حقوق المواطنين
بينما تواصل الإمارات الاستحواذ على مقدرات الشعوب العربية ومواردها دون أي حسيب أو رقيب فكيف ستواجه الحكومة المصرية تحديات كهذه وهي غارقة في دوامة الفساد والمحسوبية
ففي الوقت الذي كانت فيه الإمارات تقدم وعوداً بالمساهمة في تطوير موانئ البحر الأحمر وتقوية البنية التحتية المصرية نجد أن الشراكة الاقتصادية أصبحت مجرد وهم لا يفضي إلى أي شيء يذكر
ويعكس ذلك غياب التخطيط السليم ووضوح الرؤية لدى الحكومة المصرية التي تتبع سياسة رهن البلاد لمصالح الخارج دون أي اعتبار للمصلحة الوطنية
وصف الدكتور جبريل إبراهيم إلغاء الاتفاق بقوله “ولا سنتيمتر من أرض السودان للإمارات” في إشارة واضحة إلى رفض أي شكل من أشكال التنازل عن الأراضي السودانية
مما يضع الحكومة المصرية أمام مرآة الواقع ويجعلها مضطرة لإعادة النظر في تعهداتها ومشاريعها مع الإمارات خصوصاً بعد ما شهدته الساحة السياسية في السودان
اتفاقية رأس الحكمة التي أبرمتها مصر مع الإمارات تحمل في طياتها الكثير من المخاطر والمفاجآت السلبية فهل ستجد الحكومة المصرية الشجاعة لإلغاء هذا الاتفاق بعد ما حدث في السودان
بينما تواصل التقارير تتحدث عن فساد إداري ومالي كبير داخل مؤسسات الدولة يؤكد أن الحكومة ليست في وضع يؤهلها لاتخاذ مثل هذه القرارات الجريئة
إن التوجه نحو الإمارات في مشاريع التنمية يبدو وكأنه صفقات سياسية تهدف إلى تحقيق أهداف خارجية على حساب الوطن والمواطن المصري وهو ما يتطلب وقفة جادة من المجتمع المدني والقوى السياسية للضغط على الحكومة لإعادة تقييم علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع أبوظبي
بالإضافة إلى ذلك فإن الاتفاق يتضمن العديد من النقاط التي تتعلق بإدارة المناطق الاقتصادية المشتركة ما يثير مخاوف حول عدم مشاركة المصريين في إدارة مشروعاتهم المحلية
وبالتالي سيطرة الإماراتيين على الموارد والمرافق الحيوية في البلاد مما يضعف من السيادة الوطنية ويجعل من مصر مجرد تابع
ما حدث في السودان قد يكون بداية تغيير كبير في المنطقة وقد يتوجب على الحكومة المصرية أن تتخذ خطوة شجاعة لتصحيح مسارها قبل فوات الأوان
فالوقت الحالي هو الأنسب لإجراء مراجعة شاملة للسياسات الاقتصادية وتحديد الأولويات بما يتوافق مع مصالح الشعب المصري
وتبقى تساؤلات عديدة حول قدرة الحكومة على مواجهة هذه التحديات وبناء مستقبل أفضل بعيداً عن الفساد والمصالح الضيقة التي تسيطر على قراراتها فهل ستأخذ العبرة من السودان أم ستبقى غارقة في غياهب الفساد والجمود السياسي
دعونا ننتظر ونرى ما ستسفر عنه الأيام المقبلة وما إذا كانت الحكومة المصرية ستتخذ خطوات فعالة لمواجهة هذه القضية الملحة التي تؤثر على مستقبل البلاد ومصير أبنائها وهل ستتحلى بالشجاعة لإنهاء الصفقات المشبوهة التي تهدد الوطن في الصميم