الاحتلال الإسرائيلي يعلن إلغاء اتفاقية عمل “الأونروا”: نهاية مأساوية لملايين اللاجئين الفلسطينيين
في خطوة كارثية جديدة تعكس تمادي الاحتلال الإسرائيلي في سياساته القمعية تجاه الشعب الفلسطيني، أعلنت حكومة الاحتلال إلغاء الاتفاقية الخاصة بعمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، القرار الذي سيبدأ تنفيذه خلال ثلاثة أشهر يهدد مصير ملايين الفلسطينيين ويزيد من وطأة المعاناة الإنسانية في الأراضي المحتلة
يأتي هذا القرار في إطار سلسلة متواصلة من الانتهاكات الإسرائيلية الهادفة إلى تقويض أي جهود دولية لدعم القضية الفلسطينية خاصة فيما يتعلق بحقوق اللاجئين الفلسطينيين
اتهامات الاحتلال المزعومة
الاحتلال الإسرائيلي ادعى في رسالته إلى الأمم المتحدة التي أبلغ فيها عن إلغاء الاتفاقية أن بعض موظفي “الأونروا” كانوا على علاقة مباشرة بهجوم “طوفان الأقصى” الذي نفذته المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر 2023 وحسب زعم حكومة الاحتلال فإن “جهاز التربية التابع للأونروا يعزز ثقافة الكراهية ويدعم الإرهاب” وهي اتهامات باطلة تفتقر إلى أي دلائل ملموسة ورغم نفي الأونروا لتلك المزاعم إلا أن حكومة الاحتلال تستمر في استخدام هذه الادعاءات كذريعة لتصعيد مواقفها العدائية تجاه الوكالة
في 7 أكتوبر 2023 هاجمت المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة “حماس” 11 قاعدة عسكرية و22 مستوطنة إسرائيلية ردا على الجرائم اليومية التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني ومقدساته وخاصة المسجد الأقصى قتل وأسر خلالها عدد من الجنود والمستوطنين الإسرائيليين وجاء الهجوم كرد على الممارسات الوحشية التي يتعرض لها الفلسطينيون يوميا في الضفة الغربية وقطاع غزة
نفي الأونروا ورد الأمم المتحدة
وكالة “الأونروا” التي تأسست في 1949 بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة وصاحبة التفويض الحصري لتقديم المساعدة والحماية للاجئين الفلسطينيين نفت بشدة صحة الادعاءات الإسرائيلية وأكدت أنها ملتزمة بالحياد المطلق في عملها ولا علاقة لها بأي أنشطة سياسية أو عسكرية سواء من جانب المقاومة الفلسطينية أو الاحتلال الإسرائيلي الأمم المتحدة دعمت موقف الأونروا في بيان واضح وصريح أشارت فيه إلى عدم وجود أي منظمة أخرى يمكنها القيام بالمهام التي تؤديها الوكالة لصالح اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس التي تشمل الأردن سوريا لبنان الضفة الغربية وقطاع غزة
هجوم ممنهج على الأونروا
هذه الخطوة ليست جديدة بل تأتي ضمن إطار هجوم ممنهج ومستمر على “الأونروا” منذ سنوات إذ تعرضت الوكالة لضغوطات كبيرة من قبل حكومة الاحتلال تهدف إلى تقليص دورها أو حتى تفكيكها بشكل كامل في محاولة لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين بشكل نهائي حكومة الاحتلال تدرك جيدا أن قضية اللاجئين تمثل حجر الزاوية في القضية الفلسطينية وأن تفكيك “الأونروا” يعني إنهاء أي أمل في عودة اللاجئين إلى ديارهم
من جهته أعرب المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني عن قلقه العميق إزاء القرار الإسرائيلي وقال قبل أسبوع إن إلغاء الاتفاقية يشكل “سابقة خطيرة” ويهدد بتقويض ميثاق الأمم المتحدة ذاته هذا القرار لا يمس فقط بالمبادئ الأساسية التي قامت عليها الأمم المتحدة بل يضع ملايين الفلسطينيين في موقف إنساني صعب للغاية خاصة في ظل الظروف القاسية التي يعيشونها تحت الاحتلال
تبعات القرار الكارثية
إلغاء الاتفاقية بين إسرائيل و”الأونروا” يعني بشكل مباشر تعطيل عمل الوكالة في المناطق التي تحتلها إسرائيل بما في ذلك الضفة الغربية وقطاع غزة وهو ما سيؤثر على ملايين الفلسطينيين الذين يعتمدون بشكل كبير على المساعدات والخدمات التي تقدمها الوكالة وخاصة في قطاعي الصحة والتعليم في ظل حصار خانق فرضته إسرائيل على قطاع غزة منذ سنوات يشمل حرمان السكان من أبسط مقومات الحياة الكريمة
في قطاع غزة حيث يعيش حوالي 2.3 مليون فلسطيني يعاني السكان أصلا من أوضاع إنسانية مزرية جراء الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ 7 أكتوبر 2023 حيث تشن قوات الاحتلال حرب إبادة جماعية بدعم أمريكي كامل الحصار الإسرائيلي على غزة فاقم من معاناة المدنيين الذين يعتمدون بشكل كبير على خدمات “الأونروا” لإدارة حياتهم اليومية سواء من حيث توفير الرعاية الصحية والتعليم أو حتى الحصول على المواد الغذائية الأساسية
تهديد وجودي لملايين اللاجئين
المعاناة الفلسطينية في القدس الشرقية والضفة الغربية ليست أقل وطأة من تلك التي يعيشها سكان غزة فالقرار الإسرائيلي بإلغاء اتفاقية عمل “الأونروا” يعني أيضا زيادة الضغط على الفلسطينيين الذين يعيشون في ظروف قاسية تحت الاحتلال المباشر في هذه المناطق القدس الشرقية على وجه الخصوص تمثل رمز الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والمساس بمكانة “الأونروا” هناك يشكل تهديدا مباشرا لهوية المدينة العربية الإسلامية
ويأتي هذا القرار ضمن حملة إسرائيلية متكاملة تهدف إلى محو قضية اللاجئين الفلسطينيين من الأجندة الدولية بشكل نهائي تقويض “الأونروا” هو خطوة أولى نحو إلغاء حق العودة الذي يعتبره الفلسطينيون حقا مقدسا لا يمكن التفريط فيه ومن خلال هذه الخطوة تستمر إسرائيل في محاولاتها لفرض واقع جديد على الأرض يعتمد على القوة العسكرية والدبلوماسية لدفع الفلسطينيين إلى الرضوخ لشروطها التعسفية
المجتمع الدولي أمام اختبار
قرار الاحتلال الإسرائيلي بإلغاء الاتفاقية مع “الأونروا” يضع المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي فإما أن يتخذ خطوات جادة وحاسمة لحماية حقوق الفلسطينيين ولا سيما اللاجئين أو أن يستسلم للأمر الواقع الذي تحاول إسرائيل فرضه من خلال القوة والابتزاز الدبلوماسي بقاء “الأونروا” واستمرارها في تقديم خدماتها هو قضية إنسانية قبل أن تكون سياسية والمجتمع الدولي مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بالوقوف في وجه هذه السياسات الإسرائيلية التي لا تسعى إلا إلى تكريس الظلم والعدوان