إم بي سي تحت سيطرة الصندوق السيادي: تحولات كارثية تهز الإعلام السعودي
في إعلان صادم زلزل أوساط السوق المالية السعودية أبلغت مجموعة إم بي سي عن إبرام اتفاقية بيع وشراء حصة ضخمة من الأسهم يمتلكها صندوق الاستثمارات العامة السعودي الأمر الذي يعكس تحولات خطيرة في ملكية واحدة من أكبر المؤسسات الإعلامية بالمنطقة الاتفاقية جرت تحت أعين المساهمين وسط حالة من الترقب والقلق.
تأتي هذه الصفقة نتيجة إخطار تلقيته إم بي سي من شركة الاستدامة القابضة التي تمثل أحد أهم المساهمين في الشركة توضح الوثيقة أن الاستدامة ستبيع كامل حصتها البالغة 179.550.000 سهم تمثل 54% من رأس المال ليكون الصندوق هو المستفيد من هذه الصفقة في خطوة مفاجئة وغير متوقعة.
سعر السهم في هذه الصفقة حُدد عند 41.60 ريال سعودي ما يعني أن القيمة الإجمالية للصفقة ستصل إلى نحو 7.469 مليار ريال سعودي وهو ما يعادل 1.987 مليار دولار أمريكي في صفقة تعتبر من الأكبر في تاريخ الشركات الإعلامية بالمملكة حيث سيصبح الصندوق بعد هذه الخطوة مالكاً لنسبة كبيرة من إم بي سي.
مع ذلك فإن الصفقة ليست مجرد نقل ملكية فحسب بل هي تمثل تغيراً استراتيجياً خطيراً في القطاع الإعلامي السعودي الصفقة تخضع لعدد من الشروط بما في ذلك الحصول على الموافقات اللازمة من الجهات المختصة وهذا يعني أن هناك الكثير من الجوانب الإدارية والمالية التي قد تعقد العملية.
ووفقاً للبيانات فإن تنفيذ الصفقة سيُعقد ضمن السوق المالية السعودية تداول في الوقت الذي تُظهر فيه الحركة السعرية لأسهم إم بي سي استجابة إيجابية إذ قفز السهم بحوالي 10% ليصل إلى 45.75 ريال بعد الإعلان مباشرة مما يعكس ثقة السوق في هذه الصفقة.
ما يزيد من تعقيد الوضع هو التحول الكبير الذي شهدته إم بي سي حيث حققت أرباحاً بقيمة 121 مليون ريال في الربع الأول من العام الجاري وهو ما يعتبر إنجازاً في ظل الخسائر التي كانت تعاني منها الشركة في نفس الفترة من العام الماضي الأمر الذي يعكس إمكانيات النمو في القطاع الإعلامي.
السوق شهد كذلك نمواً ملحوظاً في الأرباح السنوية لمجموعة إم بي سي حيث ارتفعت بنسبة 44.8% بنهاية العام الماضي لتصل إلى 69 مليون ريال متجاوزة التوقعات التي كانت تشير إلى خسائر بقيمة 38.9 مليون ريال هذا التحول لم يكن سهلاً ولكنه جاء نتيجة جملة من الاستراتيجيات التي تبنتها الشركة.
تجدر الإشارة إلى أن إم بي سي كانت قد طرحت في ديسمبر من العام الماضي 33.25 مليون سهم تمثل 10% من رأسمال الشركة في عملية اكتتاب أولي بسعر 25 ريالاً للسهم ومع الإعلان عن الصفقة الجديدة يتساءل المستثمرون عن مستقبل الشركة في ظل هذه التغيرات الكبيرة.
للأسف هذه الصفقة ليست الأولى بين وزارة المالية وصندوق الاستثمارات العامة فقد تم إبرام اتفاقية سابقة في سبتمبر لتحويل كامل المتبقي من القرض المستحق للوزارة على شركة إعمار المدينة الاقتصادية والبالغ حوالي 2.9 مليار ريال إلى الصندوق.
وبالتالي فإننا نشهد حالياً استحواذ الصندوق على حصة 25% من أسهم إعمار المدينة الاقتصادية وذلك بعد تحويل جزء من القرض الذي حصلت عليه الشركة من وزارة المالية بمبلغ 2.8 مليار ريال في خطوة تدل على تزايد نفوذ الصندوق في مختلف القطاعات.
لا يمكننا إغفال التقارير الإعلامية التي أشارت إلى سعي الصندوق للاستحواذ على حصة وزارة المالية في مجموعة بن لادن والتي تبلغ 36% ولكن يبدو أن الوزارة تفضل دعم هذه المجموعة بدلاً من نقل ملكيتها للصندوق دون أي تعليق حول خطط نقل الملكية مستقبلاً.
تُظهر هذه التطورات أن الصندوق السيادي السعودي يسير بخطى حثيثة نحو تعزيز سلطته في السوق واستثماراته في الشركات الكبرى بينما تعاني المؤسسات الإعلامية التقليدية من تحديات كبيرة في ظل التغيرات الاقتصادية والسياسية.
فما الذي يعنيه كل ذلك لمستقبل الإعلام في المملكة وما هي التداعيات المحتملة لهذه الصفقة على التنوع الإعلامي واستقلالية القنوات المحلية هذه الأسئلة تبقى بلا إجابات واضحة في وقت يتزايد فيه الضغط على الشركات للابتكار والنمو في سوق تنافسية بشكل متزايد.
ويمكن القول إن هذه الصفقة تعكس تحولاً عميقاً في المشهد الإعلامي السعودي وهي تطرح تساؤلات حول كيفية تأثيرها على الاستثمارات المستقبلية ورؤية المملكة 2030 هل سيكون لدينا إعلام متنوع يعبر عن جميع الفئات أم سنشهد تركيزاً أكبر للسلطة الإعلامية بيد قلة من المستثمرين.