مرور سفينة حربية إسرائيلية بقناة السويس: خرق للسيادة وتخاذل حكومي مستمر
لا تزال نيران الغضب الشعبي مشتعلة بعد السماح للسفينة الحربية الإسرائيلية “كاثرين” بالمرور عبر قناة السويس، في خطوة يعتبرها الكثيرون خرقًا واضحًا للسيادة المصرية وإهانة لتاريخ النضال العربي ضد الاحتلال الإسرائيلي.
رغم الاحتجاجات العارمة التي شهدتها البلاد والمطالبات الصريحة بوقف مرور السفن الإسرائيلية بشكل نهائي، إلا أن الحكومة المصرية تستمر في نهجها المتخاذل إزاء هذا التصعيد.
ما يحدث ليس فقط انتهاكًا لحقوق الشعب المصري بل أيضًا خيانة صريحة لدماء الفلسطينيين التي تُراق يوميًا على يد قوات الاحتلال.
انتهاك صارخ لاتفاقية القسطنطينية: أين الحكومة من حماية السيادة؟
منذ توقيع اتفاقية القسطنطينية في 29 أكتوبر 1888، والتي أكدت حق مصر في السيادة على قناة السويس، تم إلزام الدول الموقعة بعدم استخدام القناة لأغراض عسكرية واحترام حيادها وسلامتها.
غير أن ما شهدناه من سماح مصر بمرور السفينة الإسرائيلية يثير الكثير من التساؤلات حول مدى التزام الحكومة الحالية بهذه الاتفاقيات.
فكيف يعقل أن توافق الحكومة على مرور سفينة حربية لدولة معروفة بعدوانها المتواصل وجرائمها ضد الإنسانية؟ إن هذا التصرف يُعد ضربًا بعرض الحائط لكل القوانين والمعاهدات الدولية، فضلاً عن كونه إهدارًا لكرامة مصر وسيادتها على أرضها وممراتها المائية.
تواطؤ حكومي أم فساد مستشرٍ؟ مطالبات بتطبيق الاتفاقيات الدولية
السياسيون وكتاب الرأي لم يلتزموا الصمت إزاء هذا القرار الكارثي، إذ أعربوا عن استنكارهم الشديد لسماح مصر بمرور السفينة الإسرائيلية عبر قناة السويس، واعتبروا ذلك تواطؤًا واضحًا من الحكومة المصرية مع الكيان الإسرائيلي.
في ظل هذا الوضع، تظل الحكومة المصرية مكتوفة الأيدي، عاجزة أو غير راغبة في تطبيق الاتفاقيات الدولية، مثل اتفاقية القسطنطينية، التي تمنح مصر الحق الكامل في رفض مرور السفن الحربية عبر القناة.
كما أن الاحتلال الإسرائيلي نفسه لا يتردد في انتهاك هذه الاتفاقيات، بجانب انتهاكه لاتفاقيات جنيف الأربع ومعاهدة السلام المصرية، ما يعكس تجاهلاً تامًا للقوانين والأعراف الدولية.
تظاهرات أمام نقابة الصحفيين: الغضب الشعبي يتفجر
رد الفعل الشعبي لم يتأخر، حيث شهدت نقابة الصحفيين المصريين وقفة احتجاجية حاشدة مساء يوم الأحد، شارك فيها عدد كبير من الصحافيين والنشطاء السياسيين تعبيرًا عن غضبهم من هذه الخطوة الكارثية.
رفع المتظاهرون لافتات تُدين التخاذل المصري وكتبوا عليها شعارات مثل “لا لمرور سفن الاحتلال” و”عام من الإبادة في غزة ولبنان وعام من الصمت المصري والخذلان”، في إشارة واضحة إلى الصمت المطبق من الحكومة المصرية أمام الجرائم الإسرائيلية المستمرة.
فساد مستتر: بلاغات للنائب العام تكشف تورط المسؤولين
الغضب لم يتوقف عند حدود التظاهرات، بل تجاوزه إلى خطوات قانونية جريئة، حيث تقدم مجموعة من المحامين والنشطاء ببلاغ رسمي إلى النائب العام المصري، مطالبين بالحجز على السفينة الإسرائيلية “كاثرين”.
شمل البلاغ اتهامات لرئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، ورئيس هيئة ميناء الإسكندرية اللواء أحمد حواش، والمديرة التنفيذية لشركة المكتب المصري للاستشارات البحرية EMCO، راندا عبد الله، المسؤولة عن التوكيل الملاحي للسفينة، وذلك لتورطهم في السماح بمرور هذه السفينة دون اعتراض.
وتضم قائمة المحامين الذين قدموا البلاغ أسماء بارزة مثل مختار منير وحازم صلاح وأسماء نعيم وخلود سعيد ورشا عزب وهدير المهدوي، إلى جانب عدد من الناشطين الآخرين.
الاحتلال الإسرائيلي لا يعترف بالقوانين: تاريخ طويل من الانتهاكات
إسرائيل ليست فقط دولة احتلال، بل هي أيضاً دولة تتفنن في انتهاك القوانين الدولية، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة واتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948، كما أنها تنتهك باستمرار معاهدات السلام المبرمة مع الدول المجاورة، بما في ذلك معاهدة السلام المصرية.
من الأمثلة الصارخة على هذه الانتهاكات، احتلال قوات الاحتلال الإسرائيلي لمحور صلاح الدين (فيلادلفي) على الحدود مع مصر، والذي يعد انتهاكًا صارخًا لاتفاقية السلام مع مصر.
هذا السجل الطويل من الانتهاكات يثير تساؤلات عميقة حول مدى قدرة الحكومة المصرية على حماية مصالحها الوطنية والحفاظ على سيادتها.
تجاهل المطالب الشعبية: هل نحن أمام حكومة عاجزة أم متواطئة؟
من الواضح أن الحكومة المصرية تقف في موقف حرج، إذ يتزايد الضغط الشعبي بشكل مستمر وسط مطالبات صريحة بعدم السماح لأي سفينة إسرائيلية بالمرور من قناة السويس.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل نحن أمام حكومة عاجزة عن اتخاذ موقف صلب ضد إسرائيل، أم أن هناك تواطؤًا خفيًا يقود هذه السياسة المتخاذلة؟
الحكومة المصرية تبدو وكأنها غير مهتمة بمطالب الشعب أو بقيم الكرامة والسيادة الوطنية، مما يزيد من حالة الاحتقان الشعبي ويفتح الباب أمام المزيد من الاحتجاجات والغضب.
إلى أين نحن ذاهبون؟
الأزمة الراهنة تضع مصر أمام مفترق طرق خطير. السماح بمرور سفينة حربية إسرائيلية عبر قناة السويس ليس مجرد حادثة عابرة، بل هو جزء من سلسلة من التنازلات التي تقدمها الحكومة المصرية دون مراعاة لمصالح الوطن أو احترام لمشاعر الشعب.
إذا استمرت الحكومة في هذا النهج المتخاذل، فإن الثقة المتبقية بين الشعب والحكومة ستتلاشى تمامًا، وسيصبح من الصعب جدًا استعادة هيبة الدولة ومكانتها على الساحة الدولية.
ويبقى السؤال الأهم: متى ستتوقف الحكومة عن الانصياع للإملاءات الخارجية؟ ومتى ستبدأ في الاستماع لصوت الشعب الذي يُطالب بحقوقه وبسيادته على أرضه؟