فريدوم هاوس: تسع سنوات من القمع والفساد في مصر الأقل حرية بالعالم
في السنوات التسع الماضية عانت مصر من حالة من القمع الممنهج الذي أظهره تقرير مؤسسة فريدوم هاوس الأمريكية الذي صنف مصر كواحدة من الدول الأقل حرية في العالم بين عامي 2013 و2022 في واقع ينذر بالخطر ويكشف النقاب عن استبداد حكومي يشتد ضراوة بينما تبقى أصوات المواطنين العاديين محجوبة تحت وطأة الخوف والتهديد
فالتقرير يسلط الضوء على ظاهرة اعتقال الصحفيين حيث تم اعتقال 362 صحفيا مما يعكس الهجمة على حرية الصحافة وحرية التعبير في البلاد هذه الأرقام الصادمة ليست مجرد أرقام بل هي تعبير عن واقع مرير يعيشه الصحفيون في مصر الذين يسعون لتسليط الضوء على الفساد الحكومي والانتهاكات المستمرة للحريات
الأوضاع لم تقتصر على الاعتقالات بل امتدت لتشمل إغلاق 23 صحيفة متنوعة بين مستقلة وحزبية وقومية في خطوة تعكس سياسة الحكومة في كتم الأصوات المعارضة ومحاولة السيطرة على كل ما يمكن أن يسجل الحقيقة ويدحض الأكاذيب التي تروجها السلطة الحاكمة
من المدهش أن هذا الانغلاق الإعلامي يترافق مع حجب 90 موقعا إخباريا كان يمكن أن تكون منبراً للمعلومات الحرة والنزيهة فبدلاً من أن تشجع الحكومة على الحوار المفتوح وتقبل النقد أصبحت هي العائق الأكبر أمام الحقيقة في زمن تزداد فيه الحاجة إلى الشفافية والمحاسبة
إن السياسات القمعية التي تتبناها الحكومة المصرية تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي ليست فقط انتهاكاً لحقوق الإنسان بل هي أيضاً تجسيد حقيقي للفساد الذي ينخر في جسد الدولة فبدلاً من التصدي للتحديات الحقيقية التي تواجه المجتمع تتجه الحكومة نحو المزيد من القمع والتضييق على الحريات المدنية مما يدفعنا للتساؤل عن مستقبل البلاد في ظل هذه الأوضاع
العديد من المنظمات الدولية وحقوق الإنسان انتقدت وبشدة هذه الممارسات القمعية لكن للأسف يبدو أن الحكومة المصرية غير مكترثة لهذه الانتقادات بل تمضي قدماً في تنفيذ أجندتها القمعية دون أي اعتبار للأصوات المعارضة أو مطالب الشعب المصري الذي يطمح لحياة أفضل
في هذا السياق يجب أن نتساءل كيف يمكن لمصر أن تتقدم نحو مستقبل مشرق إذا كانت القيم الأساسية للحريات مهددة بهذا الشكل الفاضح كيف يمكن بناء مجتمع ديمقراطي يتطلع إلى المستقبل في ظل حكومة تعتمد على القمع كوسيلة للتعامل مع معارضيها
هذه الأرقام والحقائق المروعة تمثل دليلاً على الوضع المأساوي الذي تعيشه مصر اليوم فمن الواضح أن الفساد الحكومي يعوق أي تقدم أو تغيير حقيقي فبدلاً من تعزيز حرية الصحافة والحريات العامة يتم استخدام القوة لإسكات الأصوات التي تسعى للكشف عن الحقائق
في ختام التقرير يجب أن نؤكد على أهمية متابعة هذه القضية والتعريف بها محلياً ودولياً فمصر تستحق أن تكون دولة حرة ديمقراطية تنعم فيها كل فئات الشعب بحقوقها الأساسية فالصمت على هذه الانتهاكات هو بمثابة مشاركة في جريمة كبرى ترتكب بحق الإنسانية وحقوق الشعب المصري الذي يستحق أن يسمع صوته وأن تُحترم حقوقه
إذا لم يتغير الوضع بسرعة سيكون من الصعب الحديث عن أي أمل في التغيير والإصلاح فالأمر يتطلب ضغطاً دولياً متزايداً ومتابعة مستمرة من منظمات حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني لإلقاء الضوء على الفساد الحكومي والانتهاكات المتزايدة للحريات
عندما نتحدث عن الحرية يجب أن ندرك أن ما يحدث في مصر هو جرس إنذار يجب أن يدق في آذان الجميع فالحرية ليست مجرد كلمة بل هي حق يجب الدفاع عنه بكل السبل ومن المهم أن يقف الجميع مع الشعب المصري في مطالبه المشروعة من أجل مستقبل أفضل
إذاً إلى متى ستظل الحكومة المصرية تتجاهل هذه الانتهاكات وتستمر في سياساتها القمعية وبدلاً من السير نحو المستقبل ترفض الحكومة المصرية التغيير وتختار الاستمرار في نفس السياسات الفاشلة التي لم تؤد إلا إلى مزيد من المعاناة للشعب المصري
المسؤولية تقع على عاتق المجتمع الدولي لمحاسبة هذه الأنظمة التي تجرم الحق في الحرية وتستخدم كل السبل المتاحة للحفاظ على سلطتها بطريقة غير شرعية فمصر بحاجة إلى دعم حقيقي يعيد لها روح الحرية والعدالة التي فقدتها في السنوات الماضية
إن كل ما يحدث في مصر هو تذكير بأن الحرية لا تأتي بسهولة بل تتطلب نضالاً مستمراً وإرادة حقيقية من الشعب والمجتمع الدولي للوقوف ضد الفساد والقمع والتمييز فالوقت قد حان للتحرك قبل أن يغمر الظلام البلاد بالكامل ويتلاشى الأمل في مستقبل أفضل