تقاريرحقوق وحريات

إسرائيل تحارب الأونروا: تهديد مباشر لحياة 5.5 مليون لاجئ فلسطيني

إن مصادقة الكنيست الإسرائيلي على القرارين اللذين يهدفان إلى حظر عمل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة هو بمثابة إعلان عن نية مبيتة لإنهاء أي أمل في الحصول على الدعم الإنساني للاجئين الفلسطينيين المتعطشين للمساعدة

في ظل الظروف المأساوية التي يعيشونها هذا التوجه الذي يعكس عقلية الاحتلال الإسرائيلي يتمحور حول سعيهم لضرب المؤسسات الدولية التي تهدف إلى تقديم الدعم والإغاثة للاجئين الفلسطينيين والتي باتت تُعتبر بالنسبة للاحتلال عقبة رئيسية في طريق مشروعه الاستعماري.

الأرقام صادمة إذ يستهدف هذا القرار أكثر من خمسة ملايين لاجئ فلسطيني موزعين في مختلف المناطق بما في ذلك الضفة الغربية وقطاع غزة ومخيمات اللاجئين في الأردن ولبنان وسوريا هذا التصعيد يهدد حياة الآلاف الذين يعتمدون على خدمات الأونروا الأساسية والتي تشمل التعليم والرعاية الصحية والغذاء. بوضوح هذه القرارات تعد بمثابة حرب شاملة على حقوق الفلسطينيين وإنكار لوجودهم وحقهم في العودة.

من الخطير أن هذا القانون لا يتوقف عند حد إلغاء اتفاقية عام 1967 التي سمحت للأونروا بالعمل بل يتجاوز ذلك إلى تصنيف الوكالة كمنظمة إرهابية وهذه الخطوة تعكس ذروة التحدي للشرعية الدولية وتجاهل تام لحقوق الإنسان إن تنفيذ هذه القوانين يعني محاصرة أي نشاط قد تقوم به الوكالة ومنعها من تقديم الخدمات الحيوية في الأراضي التي تصنفها إسرائيل تحت سيطرتها.

إن إغلاق مكاتب الأونروا يعني التوقف الفوري عن تقديم أي خدمات إنسانية وهو ما سيؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية بشكل لم يسبق له مثيل خصوصاً في قطاع غزة الذي يعاني من مجاعة مستمرة وسوء تغذية حاد بعد عام من العمليات العسكرية المتواصلة هذا الاضطهاد المفروض على السكان المدنيين يعد بمثابة جريمة ضد الإنسانية تحتاج إلى تحرك دولي عاجل.

تأسست الأونروا في عام 1949 كاستجابة مباشرة للأزمة الإنسانية التي نتجت عن النكبة حيث أصبح هذا الكيان أحد أبرز المؤسسات الدولية التي تساهم في إعادة بناء حياة اللاجئين الفلسطينيين وتحسين ظروفهم المعيشية من خلال برامج تعليمية وصحية واجتماعية متنوعة توفر الأونروا يومياً الخدمات لحوالي ثلاثين ألف موظف وتعمل على تأمين التعليم لأكثر من ستمائة وستين ألف طفل فلسطيني بالإضافة إلى توفير الرعاية الصحية الوقائية والعلاجية.

إلا أن الظروف الحالية التي تواجهها الأونروا باتت تهدد بقاءها وقدرتها على الاستمرار في تقديم خدماتها لللاجئين فالقرارين الجديدين يعكسان بداية نهاية هذه المؤسسة التي تمثل شريان الحياة للعديد من الأسر الفلسطينية إن انهيار الأونروا يعني حرمان اللاجئين من التعليم والرعاية الصحية والخدمات الأساسية وهو ما قد يؤدي إلى تفشي العنف والفوضى في المناطق التي تعاني أصلاً من أزمات مستمرة.

تعتبر الأونروا بمثابة الحائط الأخير الذي يقف بين الفلسطينيين وبين الانهيار الكامل للمجتمع إذ تمثل لهم الأمل الوحيد في كسر حلقة الفقر والحرمان ويأتي القراران ليقوما بتفكيك هذه المنظومة الحيوية ومن الواضح أن هناك خطة مدروسة لتقويض عمل الوكالة بحيث يتم حرمان الفلسطينيين من جميع أشكال الدعم والرعاية مما يهدد بزيادة حالات التهميش والفقر بينهم.

وتعد هذه الخطوة سابقة تاريخية لم تحدث سابقاً من دولة عضو في الأمم المتحدة حيث تسعى إسرائيل إلى التخلص من كل ما يذكرها بحقوق الفلسطينيين ووجودهم التاريخي وعلى المجتمع الدولي أن يدرك أن عدم الاستجابة لهذا التحدي يعني السكوت عن انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان إن ما يجري هو محاولة مكشوفة لإنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين بصورة تعسفية.

إن الكنيست الإسرائيلي بتصويته على هذه القوانين ينتهك كافة القيم الإنسانية ويعبر عن نية مبيتة في إحلال حالة من الفوضى وغياب الأمن في المناطق المحتلة إن ما تقوم به إسرائيل هو عملية اغتيال لجهود الأونروا ووسيلة لإعادة الفلسطينيين إلى مرحلة ما قبل التاريخ حيث يتم نفي حقوقهم الأساسية.

علاوة على ذلك فإن القرارين يهددان ليس فقط بإنهاء عمل الأونروا بل أيضاً بتقويض الجهود الدولية الساعية لحل القضية الفلسطينية إن هذا التوجه يتطلب وقفة حقيقية من المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل وإلزامها بالالتزامات التي فرضتها عليها الشرعية الدولية والمواثيق الإنسانية إن عدم التحرك الآن يعني إغفالاً صارخاً عن مسؤولياتنا كعالم.

كما أن تصنيف الأونروا كمنظمة إرهابية يمثل قمة التحدي للأعراف الدولية ويعكس سيطرة إسرائيل على السرديات الإنسانية وقدرتها على تغييب الحقائق هذا النوع من الاعتداءات لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأوضاع وزيادة كراهية الإسرائيليين لدى الفلسطينيين وهو ما يجعل من السلام أمراً بعيد المنال.

المؤسسات الدولية مطالبة بتكثيف جهودها لدعم الأونروا وعدم ترك الفلسطينيين يواجهون مصيرهم وحدهم فمعركة الأونروا هي معركة وجودية لن تقتصر تداعياتها على الفلسطينيين وحدهم بل ستؤثر على استقرار المنطقة ككل إن انهيار الأونروا يعني تآكل أمل العودة وبالتالي إضفاء الشرعية على احتلال الأراضي الفلسطينية.

إغلاق الأونروا سيؤدي إلى خلق أزمات إنسانية متزايدة مع نقص حاد في التعليم والخدمات الصحية وهو ما سيتطلب تدخلاً عاجلاً من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لحماية الوكالة وضمان استمرارها في تقديم الدعم للاجئين هذا الانهيار إذا حدث سيتسبب في خلق بيئة تفتقر إلى الأمن والاستقرار في مناطق الصراع.

بإقرار الكنيست الإسرائيلي لهذه القوانين يكون قد أسس لواقع جديد حيث إن جميع الخدمات التي كانت تقدمها الأونروا ستتوقف مما يعني انقطاع شريان الحياة عن كل ما تقدمه هذه الوكالة الدولية وإن انهيار الخدمات خلال 24 ساعة فقط يعني تهديداً للحياة اليومية لنحو مليون ونصف لاجئ في قطاع غزة وحده.

لذا فإن الخطوات التي تنوي الحكومة الإسرائيلية اتخاذها يجب أن تُواجه بصرامة من المجتمع الدولي إذ ينبغي أن تكون هناك استجابة عاجلة تتضمن العقوبات والمراقبة الدولية لمنع المزيد من الانتهاكات وبداية جادة لتحقيق العدالة الفلسطينية.

إن ما يجري هو محاولة خبيثة للضغط على الفلسطينيين ومحاولة لإنهاء وجودهم من خلال تجريدهم من هويتهم وحقوقهم فإن الأونروا هي إحدى الأدوات الرئيسية لحماية هذه الهوية ولذا فإن أي محاولة لتقويضها تعد بمثابة اعتداء على حقوق ملايين اللاجئين الفلسطينيين في حقهم في العودة وإعادة بناء حياتهم.

إذا استمرت إسرائيل في هذا النهج المدمر فإن العواقب ستكون وخيمة ليس فقط على الفلسطينيين بل على المنطقة بأسرها حيث ستشهد المزيد من الصراعات والتوترات والتأزم مما يضع الجميع أمام مسؤولياتهم في اتخاذ موقف حازم تجاه هذه الانتهاكات والممارسات التعسفية.

إن ما يحدث هو بمثابة جرس إنذار يدق في آذان المجتمع الدولي ليكون له موقف حازم وعاجل يحمي الأونروا ويؤكد على حقوق اللاجئين الفلسطينيين وينهي هذه الحلقة المفرغة من العنف والحرمان التي لا تزال تعيشها فلسطين.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى