أصدر حزب التحالف الشعبي الاشتراكي بيانًا مدويًا يعبر عن قلقه العميق ورفضه القاطع لأي شحنات حربية تمر عبر الموانئ المصرية أو قناة السويس إلى العدو الإسرائيلي.
هذا البيان لم يكن مجرد إعلان روتيني بل كان صرخة في وجه واقع مؤلم تشهده البلاد حيث تتسارع الأحداث وتتداخل المصالح لتخلق حالة من الضبابية والخوف بين المواطنين المصريين.
ووسط هذه الأجواء المثقلة بالقلق يبرز سؤال مهم: أين تذهب أولويات الحكومة المصرية في مثل هذه الأوقات الحساسة
أثارت الأخبار المتداولة حول السفينة كاثرين التي ترفع علم ألمانيا وتراسي في ميناء الإسكندرية حاملة شحنة ضخمة من المتفجرات والتي يُزعم أنها متوجهة إلى إسرائيل العديد من علامات الاستفهام.
فالبيانات الحكومية التي صدرت لنفي الشائعات حول السفينة بدت غير مقنعة، وكأنها تتعارض مع حقيقة الوضع. هذا التناقض لم يقف عند حدود الحكومة المصرية فقط بل دفع عددًا من الموانئ إلى الامتناع عن استقبال السفينة خوفًا من الشبهات.
بل إن حقوقيين ألمان قاموا برفع دعوى قضائية ضدها مما يبرز مدى التوتر الدولي الذي تسببت فيه هذه الحادثة. ومع ذلك نجد أن السلطات المصرية لم تتخذ أي إجراء حاسم للتعامل مع هذا الموقف الخطير مما يعكس تقاعسًا في مواجهة مثل هذه التهديدات
بعد فترة قصيرة من تلك الواقعة الكارثية صدم المصريون مرة أخرى برؤية سفينة حربية إسرائيلية تمر عبر قناة السويس مع رفع العلم المصري إلى جانب العلم الإسرائيلي.
هذا المشهد الذي تجرأ على استفزاز مشاعر الملايين أثار استهجانًا واسعًا في الشارع المصري، حيث تجددت التساؤلات حول كيفية السماح بمرور سفن تحمل معاني الخيانة والإذلال.
وقد بررت هيئة قناة السويس ذلك بمدى التزامها باتفاقية القسطنطينية، لكن هذا التبرير جاء مفضوحًا وواهنًا، إذ كان من الممكن للحكومة المصرية اتخاذ تدابير أكثر حزمًا لحماية السيادة الوطنية
وتاريخيًا، سبق لمصر أن منعت مرور السفن الحربية في القناة، فقد منعت السفن الإيرانية في عام 1980 خلال حربها مع العراق، وكررت ذلك في عام 2015 مع السفن المرتبطة بالحوثيين.
إلا أن الحكومة الحالية تبدو غير قادرة على تكرار تلك السياسات الحازمة، مما يزيد من الشكوك حول صدقيتها وقدرتها على حماية مصالح البلاد.
إن مرور السفن الحربية الإسرائيلية ليس مجرد خرق للقوانين بل هو استهتار بمشاعر الشعب المصري الذي يعاني من انتهاكات مستمرة من قبل الكيان المحتل
وفي سياق متصل فإن الالتزام السياسي والأخلاقي والقانوني بمنع وصول الأسلحة إلى الكيان الإسرائيلي الذي ينفذ إبادة جماعية مستمرة ضد الفلسطينيين هو واجب لا يمكن التنازل عنه.
فكيف يمكن لمصر التي عانت من ويلات الاحتلال أن تفتح أبوابها لتسهيل مرور الأسلحة إلى من يهدد أمنها وأمن جيرانها؟ إن السكوت عن هذه الممارسات يعكس صورة مخجلة للحكومة المصرية التي يفترض بها أن تتبنى موقفًا صارمًا في مواجهة الغطرسة الإسرائيلية
ويأتي في صميم هذا الموقف الحرج تجاه المجتمع الدولي حيث انتهك الكيان الصهيوني كل القوانين الدولية. وما كان يجب على مصر إلا أن تلغي ما يسمى بمعاهدة السلام وتقطع العلاقات مع الكيان الذي يسفك الدماء ويدمر الأرض.
فلا يمكن أن تكون هناك أي تبريرات لاستمرار التعاون أو التطبيع في ظل هذه الانتهاكات. إن جميع الأحكام التي صدرت من محكمة العدل الدولية والتي تنص على حماية الفلسطينيين في غزة وضرورة تقديم المساعدات الإنسانية قد قوبلت بالرفض من قبل إسرائيل، وهو ما يجعل الدول ملزمة بالتدخل لمنع هذه الانتهاكات وليس بالتعاون في تسهيل مرور الأسلحة
إن تكرار مثل هذه الأخطاء في السماح بمرور الشحنات الحربية قد يورط مصر في مستنقع الأزمات، مما يعيق فرصتها في استعادة مكانتها في العالم العربي.
فكيف يُعقل أن تستمر حكومة عاجزة عن حماية سيادتها في الوقت الذي تواجه فيه تحديات خطيرة من قبل الاحتلال الإسرائيلي؟ إن الشعب المصري يستحق قيادة قوية تسعى إلى تحقيق المصالح الوطنية وليس حكومة تستجيب لضغوط خارجية
إن البيان الذي أصدره حزب التحالف الشعبي الاشتراكي يبرز ضرورة تكاتف الجهود من قبل جميع القوى الوطنية والقانونية لمنع مرور هذه الشحنات.
إذ يتوجب على جميع الحقوقيين والمحامين المصريين التعاون معًا لاستصدار أحكام تمنع منعا باتا مرور هذه الشحنات عبر الموانئ المصرية أو الممرات المائية.
فمصر ليست مجرد ممر بل هي قلب الأمة العربية وأي اعتداء على سيادتها هو اعتداء على كل عربي. إن المواقف التي تتخذها الحكومة في هذه اللحظات الحرجة يجب أن تكون في مستوى المسؤولية التاريخية، وإلا فإنها ستكون محط سخرية وازدراء من قبل الشعب المصري والأشقاء العرب
إذاً، هل ستبقى الحكومة المصرية متفرجة على ما يحدث أم ستتخذ خطوات حاسمة لحماية الوطن؟ لقد حان الوقت لتكون هناك خطوات جادة تحمي الأمن القومي المصري من الغطرسة الإسرائيلية المتكررة،
فالشعب المصري يستحق أكثر من مجرد بيانات فارغة وتصريحات غير مجدية. إن المستقبل يتطلب منا جميعًا أن نكون في قلب المعركة من أجل السيادة والكرامة والوطن.