تقاريرحقوق وحريات

الدنمارك تتصدر العالم في مؤشر الأمن والسلام للمرأة

في عالم يتزايد فيه الحديث عن حقوق المرأة وأمنها وسلامتها تصدرت الدنمارك قائمة الدول الأكثر أماناً وسلاماً للنساء لعام 2024/2023 وفقًا لتقرير صادر عن مؤشر الأمن والسلام للمرأة الصادر عن جهات دولية مختصة التقرير الذي شمل 177 دولة جاء ليكشف عن فجوة شاسعة بين الدول ويضع الدنمارك وسويسرا في الصدارة في وقت تتصارع فيه دول أخرى مع قضايا التحرش والعنف الجسدي والجنسي وعدم المساواة في الحقوق الأساسية

يعتبر حصول الدنمارك على المرتبة الأولى ليس مجرد فوز في قائمة ترتيب بل هو تأكيد على أن السياسات التي تم اعتمادها خلال سنوات عديدة قد آتت ثمارها ويعكس هذا النجاح الجهود المستمرة في توفير بيئة آمنة ومتكاملة للمرأة

حيث تحظى النساء في الدنمارك بحقوق تضمن لهن حياة متوازنة تحترم حقوقهن وتدعم تطورهن الشخصي والمهني إذ يتمتعن بمجتمع يتعامل مع قضايا الأمن بجدية مطلقة فالشرطة والقضاء هناك يأخذون أي تهديد أو اعتداء على النساء على محمل الجد مما يساهم في تعزيز ثقافة الحماية والسلام

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو هل يمكن للدنمارك أن تكون معيارًا عالميًا للدول الأخرى في مجال أمن المرأة أم أن هناك عوامل وظروف خاصة جعلتها في هذا المكان المتقدم الحقيقة هي أن المجتمع الدنماركي يختلف كثيرًا عن بقية الدول الأخرى سواء من حيث التقاليد الاجتماعية أو المستوى الاقتصادي والسياسي كما أن النظام التعليمي والثقافة العامة في الدنمارك يلعبان دوراً رئيسياً في رفع مستوى الوعي بحقوق المرأة وحمايتها ومع ذلك لا يمكن إنكار أن هناك العديد من التحديات التي واجهتها البلاد للوصول إلى هذه المرحلة أبرزها قضية تمثيل المرأة في مواقع صنع القرار وتوفير فرص متكافئة للجنسين في العمل

أما سويسرا التي احتلت المرتبة الثانية فقد أثبتت هي الأخرى جدارتها في توفير بيئة آمنة للنساء رغم وجود بعض التحديات المستمرة ويعود الفضل في ذلك إلى سياسات الدولة الصارمة تجاه العنف ضد المرأة والتمييز فضلاً عن التشريعات التي تعزز حقوق النساء وتضمن لهن المشاركة الفعالة في المجتمع السويسري ومع ذلك فإن بعض الأصوات تعتقد أن سويسرا ما زالت بحاجة إلى معالجة بعض القضايا التي تخص تكافؤ الفرص في مواقع العمل والمساواة في الأجور إذ أن التقدم في هذه المجالات يسير بوتيرة بطيئة مقارنة بالدول المجاورة

ورغم أن التقرير أظهر تفوق الدنمارك وسويسرا إلا أن الفجوة بينهما وبين الدول الأخرى تظل كبيرة فعلى الرغم من التقدم الذي تحقق في بعض الدول إلا أن هناك العديد من البلدان التي تعاني من تدهور شديد في أوضاع المرأة الأمن والسلام لم يعودا مجرد قضايا مجتمعية بل أصبحا تحديات سياسية واقتصادية تتطلب حلولاً شاملة ومستدامة تتضمن إصلاحات قانونية واقتصادية واجتماعية

واستناداً إلى النتائج التي كشف عنها التقرير فإن العديد من الدول ما زالت تعاني من تحديات حقيقية تهدد أمن وسلامة المرأة حيث أظهر التقرير أن بعض الدول ذات الاقتصادات النامية والتي تعاني من اضطرابات سياسية أو اجتماعية تمثل بيئات خطرة للغاية على النساء إذ لا تزال المرأة في هذه الدول تواجه مستويات مرتفعة من العنف الجسدي والتحرش والتمييز في العمل والتعليم بل وأحيانًا تصل الأوضاع إلى مستويات من القمع الاجتماعي الذي يمنع المرأة من المشاركة في الحياة العامة

وفي الوقت الذي تحاول فيه بعض الدول تحسين أوضاع المرأة من خلال تطبيق قوانين جديدة أو رفع مستوى الوعي المجتمعي يبقى التحدي الأكبر هو التنفيذ الفعلي لهذه السياسات فالكثير من الدول تعتمد سياسات تبدو على الورق مثالية ولكنها تواجه مشكلات كبيرة في التنفيذ على أرض الواقع فبدون آليات رقابة فعالة وضمانات حقيقية لحقوق النساء سيظل التقدم بطيئًا وربما متعثرًا

من جهة أخرى فإن التقرير لم يقتصر على مجرد تصنيف الدول وإنما قدم توصيات للدول التي تحتل مراتب متأخرة بهدف تحسين أوضاع النساء في مجتمعاتهن من خلال إصلاحات تشريعية وتطبيق برامج توعية شاملة ودعم المجتمعات المحلية للنساء فضلاً عن توفير آليات قانونية فعالة تمكن النساء من حماية أنفسهن من أي تهديد أو عنف قد يتعرضن له

وبينما تتربع الدنمارك على قمة المؤشر وسويسرا تحل في المرتبة الثانية يبقى السؤال الذي يطرح نفسه هل ستتمكن باقي الدول من الاستفادة من هذه التجارب الرائدة وهل ستستطيع تقليص الفجوة الكبيرة بين الدول المتقدمة في هذا المجال والدول التي تعاني من أوضاع متردية بالنسبة للمرأة إن التقدم في هذا المجال ليس مجرد خيار بل هو ضرورة حتمية تفرضها التحديات العالمية الحالية إذ لا يمكن لأي دولة أن تزدهر إذا كان نصف سكانها يعانون من غياب الأمن والسلام

وبينما يستمر العالم في الانشغال بقضايا أخرى مثل الاقتصاد والسياسة تظل قضية أمن المرأة وسلامتها تمثل حجر الزاوية في بناء مجتمعات أكثر عدلاً وإنصافًا فما حققته الدنمارك وسويسرا قد يكون نموذجًا يحتذى به ولكن على العالم أجمع أن يدرك أن الطريق نحو تحقيق العدالة والمساواة ما زال طويلًا وشائكًا

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى