اقتصادتقارير

مصر تحت حصار التقسيط: الفساد الحكومي يغرق المواطنين في دوامة الديون

في ظل الأزمات الاقتصادية المتفاقمة التي يعيشها الشعب المصري تبرز صورة قاتمة عن دور الحكومة التي تتقاعس بشكل متزايد عن توفير الحلول المناسبة لرفع المعاناة عن كاهل المواطنين

ففي الفترة من يناير 2024 إلى يوليو 2024 شهدت مشتريات المصريين بالتقسيط نسباً صادمة تتجاوز الحدود المعقولة مما يعكس مدى الفشل الحكومي في إدارة الاقتصاد وتحقيق الرفاهية للمواطنين

تقرير الهيئة العامة للرقابة المالية يقدم تفاصيل مثيرة حول توجهات الإنفاق في مصر حيث أظهرت البيانات أن نسبة 5.35% من مشتريات المصريين كانت مخصصة للملابس والإكسسوارات

بينما جاءت نسبة 7.86% لتشطيبات وأثاث المنازل بينما كانت السيارات في قمة هذا الاتجاه بنسبة مذهلة تصل إلى 28.88% من إجمالي المشتريات

بينما استحوذت الإلكترونيات والأجهزة الكهربائية على نسبة 39.36% وبالنسبة لفئة أخرى فقد مثلت 11.9% مما يدل على تزايد الاعتماد على التقسيط كوسيلة لتلبية احتياجات المواطنين في ظل الضغوط الاقتصادية

يتبين من الأرقام أن سوق التقسيط أصبح بمثابة الملاذ الوحيد للمواطنين في ظل سياسات الحكومة التي تفتقر إلى الرؤية والتخطيط السليم

ففي الوقت الذي يشهد فيه الاقتصاد ركوداً واضحاً وأزمات متلاحقة يبدو أن الحكومة تتجاهل هذه الحقائق وتستمر في نهجها المليء بالفساد والاستغلال

إن هذا الفشل الحكومي لا يظهر فقط في الأرقام بل يمتد إلى مستوى حياة المواطنين الذين يجدون أنفسهم مضطرين للاستدانة واللجوء إلى القروض لتلبية احتياجاتهم الأساسية

ومن المثير للقلق أن نسبة المشتريات التي تمثلها الإلكترونيات والأجهزة الكهربائية قد بلغت 39.36% مما يعكس توجهاً لدى الأسر المصرية نحو التقنيات الحديثة كأولوية رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة حيث يعيش الكثيرون في دوامة من الديون التي لا تنتهي

وبالرغم من هذه الأرقام المخيفة فإن الحكومة لا تقدم أي حلول فعالة بل تكتفي بمراقبة الوضع عن بُعد حيث تظهر معالم الفساد جلياً في كل خطوة تتخذها في مجال الاقتصاد ومشتريات التقسيط فبدلاً من البحث عن حلول تتجه الحكومة إلى زيادة الأسعار وفرض ضرائب إضافية دون مراعاة للواقع المؤلم الذي يعاني منه المواطنون

وعندما نتحدث عن السيارات نجد أن نسبة 28.88% تعكس رغبة الناس في التنقل والاعتماد على وسائل النقل الخاصة كبديل لحالة الفوضى التي تسود وسائل النقل العامة

ولكن في الوقت نفسه تعكس أيضاً حالة القلق التي يعيشها المواطنون من صعوبة الظروف المعيشية مما يدفعهم إلى التقسيط كحل لامتلاك سيارة رغم الديون المترتبة على ذلك

إن أرقام الهيئة العامة للرقابة المالية تشير إلى حالة من الهشاشة في الاقتصاد المصري الذي يعاني من عدم الاستقرار وغياب الاستراتيجيات الواضحة وقد كانت القطاعات الأكثر تأثراً هي الملابس والإكسسوارات والتي لم تتجاوز نسبة 5.35%

حيث يدل ذلك على تراجع القدرة الشرائية للمواطنين الذين باتوا يتجهون نحو شراء الأساسيات فقط دون التطرق إلى الكماليات في وقت يحتاج فيه السوق إلى الدعم والتحفيز من قبل الحكومة

في النهاية يبقى السؤال الأهم أين الحكومة من كل ما يحدث لماذا لا تتدخل لوضع حلول جذرية بدلاً من التفرج على مأساة المواطن المصري الذي يعاني يومياً من تقاعس الحكومة وضعف سياساتها الاقتصادية

وعلى الرغم من الأرقام المرعبة لا يبدو أن هناك أي تحرك جاد لإنقاذ المواطنين من براثن الفقر والفساد فالأرقام تتحدث عن نفسها وتكشف عن واقع مرير يحتاج إلى صرخة مدوية لتغيير مسار الأمور نحو الأفضل

إنه زمن يحمل في طياته الكثير من التحديات ولكن الأمل ما زال موجوداً في شعب قوي قادر على التصدي لهذا الفساد المستشري وكسر حلقة الاستغلال التي تمارسها الحكومة كل يوم بحجة توفير الخدمات والاحتياجات الأساسية

فالشعب المصري يستحق أفضل مما هو عليه الآن ويجب أن يكون هناك تحرك عاجل لإنهاء هذه المعاناة المعيشية ولتحقيق العدالة الاجتماعية التي غابت طويلاً في ظل هذه الظروف القاسية

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى