تقاريرمصر

فساد الحكومة يلتهم مصر: اختفاء 4 مليون متر مربع من المساحات الخضراء

تعيش مصر منذ عام 2014 حتى عام 2023، في ظل أزمة بيئية خطيرة بدأت بتقلص واضح ومؤلم في مساحاتها الخضراء حيث فقدت البلاد في خلال 4 سوات ما يقرب من مليون متر مربع من الأراضي الخضراء في مختلف أنحاء الجمهورية

وهي أرقام مخيفة تظهر حجم الإهمال الجسيم من قبل السلطات المختصة التي تواصل تقاعسها دون اتخاذ إجراءات حقيقية للحد من هذا النزيف البيئي المستمر

وفي قلب هذه الأزمة تقع العاصمة القاهرة حيث تكشف البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة البيئة ومنظمات بيئية مستقلة عن أرقام صادمة تنذر بكارثة وشيكة

فقد شهدت القاهرة وحدها خلال الفترة من 2017 إلى 2020 فقدان ما يزيد عن 911 ألف متر مربع من المساحات الخضراء في صورة من صور الانهيار البيئي الذي يضرب قلب مصر

لم يعد المواطن المصري يجد متنفسًا صحيًا وسط زحام المدن وتكدس الأبنية الخرسانية التي تلتهم كل يوم المزيد من الرقعة الخضراء التي تعد الرئة الطبيعية للمدن والتي بدونها تختنق الحياة اليومية لسكان هذه المناطق إلا أن الحكومة المصرية بدلاً من التحرك الفوري والعاجل لوقف هذه الظاهرة الخطيرة

تبدو وكأنها تفضل البقاء مكتوفة الأيدي فالتصريحات الحكومية الرسمية تشير إلى وجود خطط وبرامج لاستعادة بعض المساحات الخضراء إلا أن الواقع العملي يظهر العكس تمامًا فالمساحات الخضراء تتلاشى بسرعة قياسية وبوتيرة تفوق أي جهود مبذولة لزيادة الرقعة المزروعة

ووفقًا لتقارير بيئية مستقلة، لم تكن هذه الخسائر محض صدفة أو نتيجة لأحداث طبيعية بل ترتبط بشكل مباشر بسياسات حكومية متعمدة تركز على توسع المشاريع العقارية والتجارية على حساب المساحات الخضراء

فالمناطق الحضرية تتوسع على حساب الحدائق والأشجار والأماكن العامة التي كانت توفر للسكان ملاذًا من الحرارة الشديدة والتلوث المتصاعد في المدن الكبيرة وعلى رأسها القاهرة

لقد تفاقمت الأزمة في العاصمة بشكل حاد حيث أصبحت الأشجار والحدائق ضحية لسياسات البناء والتطوير العشوائي التي تهدف فقط إلى تحقيق الأرباح المادية السريعة دون أي اعتبار للبيئة وصحة السكان

وعليه فقد سجلت تقارير بيئية فقدان 911 ألف متر مربع من المساحات الخضراء بالقاهرة وحدها في فترة لا تتجاوز ثلاث سنوات من 2017 حتى 2020 مما يمثل انهيارًا غير مسبوق في البنية البيئية للمدينة

ويبدو أن الحكومة تواصل تجاهلها لهذه الأزمة إذ يقتصر دورها على إطلاق وعود فارغة وخطط مستقبلية غير واضحة المعالم في حين أن التدهور البيئي مستمر بوتيرة متسارعة

هذا الإهمال المتعمد أدى إلى تدهور نوعية الحياة في المدن المصرية وخاصة في القاهرة التي أصبحت تعاني من مستويات غير مسبوقة من التلوث الجوي وارتفاع درجات الحرارة

وهو ما يعزز من معاناة المواطن المصري الذي بات يواجه أزمة صحية حقيقية نتيجة فقدان هذه المساحات التي كانت تلطف الجو وتحسن جودة الهواء

وفي الوقت الذي يعاني فيه المواطنون من آثار هذه الأزمة البيئية القاتلة نجد الحكومة تروج لإنجازات مزعومة في مجالات أخرى

بينما يتم تجاهل الكارثة البيئية التي تضرب البلاد في الصميم فالبيانات الحكومية تشير إلى خطط لإنشاء حدائق جديدة وزراعة ملايين الأشجار إلا أن هذه المبادرات لا تزال على الورق فقط حيث أن تنفيذها على أرض الواقع بطيء للغاية وغير مؤثر بالشكل الكافي لإحداث فرق ملموس على الأرض

إن تجاهل الحكومة المستمر لهذه القضية الخطيرة يفتح الباب أمام اتهامات خطيرة بالفساد والتواطؤ مع شركات العقارات التي تستفيد بشكل مباشر من إزالة الحدائق والمساحات الخضراء لتحويلها إلى مشاريع تجارية عملاقة تحقيقًا لمصالح خاصة دون أدنى مراعاة للصالح العام

ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هو من المستفيد الحقيقي من تدمير البيئة في مصر ومن الذي يقف وراء هذا التدهور السريع والممنهج للرقعة الخضراء في البلاد

تشير بعض التقارير إلى أن هذا الوضع لا يقتصر فقط على القاهرة بل يمتد ليشمل العديد من المحافظات المصرية الأخرى حيث يتم التعدي على الأراضي الزراعية والمساحات الخضراء لصالح التوسع العمراني والمشاريع الصناعية وهو ما يزيد من حجم المشكلة ويجعلها قضية وطنية تحتاج إلى تدخل فوري من أعلى مستويات السلطة قبل فوات الأوان

المجتمع المدني والمنظمات البيئية تواصل دق ناقوس الخطر محذرة من العواقب الوخيمة لهذا التدهور البيئي غير المسبوق على الصحة العامة وجودة الحياة في مصر

حيث يؤكد الخبراء أن استمرار هذه السياسة الكارثية سيؤدي إلى تفاقم مشكلات التلوث وارتفاع درجات الحرارة بالإضافة إلى انتشار الأمراض المرتبطة بتدهور البيئة مثل أمراض الجهاز التنفسي والجلدية

وفي ظل هذه الأرقام الصادمة والتجاهل الحكومي المتعمد لا يسعنا إلا أن نتساءل هل هناك فعلاً نية حقيقية لدى الحكومة المصرية لمواجهة هذه الكارثة البيئية التي تهدد حياة الملايين أم أن المصالح الاقتصادية والسياسية لبعض الجهات المتنفذة هي التي تحكم القرار وتحدد مصير البيئة في مصر

الأمر المؤكد هو أن الشعب المصري أصبح يعيش في بيئة غير صحية تفتقر إلى الحد الأدنى من المساحات الخضراء التي تعد من أساسيات الحياة الكريمة وهذا الوضع لن يتغير ما لم تتحرك الحكومة بشكل جاد وحقيقي لوقف هذا النزيف البيئي المستمر

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى