تبادل تجاري “غير نفطي” بين مصر والسعودية .. أرقام خادعة وتجاهل حكومي صارخ لمصالح الشعب
في خطوة تتطلب المزيد من التدقيق والمساءلة، أعلنت الحكومة المصرية عن خطتها لزيادة حجم التبادل التجاري غير النفطي مع السعودية إلى أكثر من 8 مليارات دولار بحلول عام 2025، وذلك بنسبة نمو تقدر بنحو 20%.
هذه الأرقام التي استعرضها جهاز التمثيل التجاري المصري، تأتي في ظل زيارة ولي العهد السعودي الأخيرة لمصر. لكن خلف هذا الإعلان الصاخب تتوارى حقائق مخيفة عن الفساد والتقاعس الحكومي الذي لم يعد خافيًا على أحد،
حيث تتعامل الحكومة المصرية مع مثل هذه الاتفاقيات بسطحية مريبة لا تعكس سوى تجاهل واضح لمصلحة المواطن المصري العادي، الذي يعاني من أزمات اقتصادية خانقة.
الحكومة، وكعادتها في الترويج لإنجازات واهية، تحاول إيهام الشعب بأن هذه الزيادة المرتقبة ستحقق قفزة اقتصادية كبرى، لكنها تتغاضى عن حقيقة أن معظم هذا التبادل سيظل محصورًا بين الكيانات الكبرى والطبقات الغنية.
لا شك أن مصر بحاجة إلى تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع الدول المجاورة، لكن السؤال هنا: من المستفيد الحقيقي من هذه الزيادة؟
الأرقام التي تتحدث عنها الحكومة المصرية بلسان جهاز التمثيل التجاري تدعو إلى التساؤل عن مدى جديتها في معالجة المشكلات الهيكلية العميقة التي يعاني منها الاقتصاد المصري.
تشير الأرقام إلى أن التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين سيتجاوز حاجز الـ 8 مليارات دولار، لكن هل يعكس هذا أي تحسن في مستوى المعيشة للفئات الأكثر احتياجًا؟ أين هي المشاريع التنموية التي تستفيد منها الأسر المصرية؟
لا يوجد أي ذكر أو تفاصيل عن كيفية توزيع هذه الأرباح أو الاستثمارات، ما يجعلنا نشك في نزاهة وشفافية هذه الصفقة.
في الوقت الذي تزعم فيه الحكومة المصرية أنها تعمل على زيادة التبادل التجاري وتحقيق شراكات اقتصادية، نجد أن الفساد المستشري داخل أروقة السلطة يعيق أي تقدم حقيقي.
من الواضح أن الأولوية دائمًا تكون لتوسيع مصالح رجال الأعمال المرتبطين بالسلطة، الذين يتربعون على عرش هذه الاتفاقيات، في حين أن المواطن العادي يغرق في دوامة من الغلاء، والبطالة، وسوء الخدمات.
الحكومة المصرية لم تتوقف عن تقديم الأرقام والوعود الخاوية، في محاولة للتغطية على فشلها الذريع في إدارة الاقتصاد.
ماذا يعني للمصري العادي زيادة التبادل التجاري مع السعودية إذا كانت الأرباح تصب في جيوب حفنة من الأثرياء؟ هذه السياسات التي تتبعها الحكومة ليست سوى محاولات بائسة لتلميع صورتها في الداخل والخارج، بينما الفساد ينخر في كل جوانب الدولة.
فلا يمكن اعتبار هذه الزيارة الأخيرة لولي العهد السعودي وما أفضت إليه من وعود بزيادة التبادل التجاري إلا كحلقة جديدة من حلقات الفساد الحكومي والتواطؤ مع رؤوس الأموال.