مأساة الجوع في مصر: الحكومة تتجاهل معاناة الشعب والفساد يشتعل
تعيش الأسر المصرية في حالة من الضياع والقلق المستمر في ظل الارتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائية الأساسية التي تهدد استقرارها، إذ أصبح من الصعب توفير أبسط متطلبات الحياة اليومية.
في الوقت الذي تتزايد فيه الأسعار بشكل متواصل، تكتفي الحكومة بالتفرج على المأساة، مما يعكس عجزها الفاضح عن معالجة هذه الأزمة التي باتت تمس شريحة كبيرة من الشعب.
تحت شعار “العين بصيرة والإيد قصيرة”، تتجه ربات البيوت إلى البحث عن أطعمة اقتصادية، بينما يزداد عدد الذين يعيشون تحت خط الفقر.
فمع تجاوز سعر كيلو الدجاج 100 جنيه، اضطرت الأسر إلى تقليل استهلاكها من اللحوم والدواجن، معتمدة على بدائل مثل عظام الدجاج ورقابها وأرجلها، التي تعتبر الحل المتاح للأكثر فقراً.
تشير التقارير إلى أن نسبة الفقر في البلاد وصلت إلى 20 مليون نسمة في عام 2022، وهو رقم يزداد مع كل يوم يمر فيه المواطنون في معاناة.
ومع ذلك، لم تسلم حتى هذه البدائل الرخيصة من موجة الزيادة في الأسعار. فقد شهدت أسعار أرجل الدجاج زيادة غير مسبوقة، مما دفع الأسر للتوجه نحو الأطعمة التقليدية مثل العدس والفول.
ولكن تلك الأطعمة الشعبية التي كانت تعتبر ملاذاً للفقراء، لم تنجُ من مقصلة الأسعار، إذ شهد العدس زيادة تصل إلى 100% عن العام الماضي، وارتفع سعر كيلو الفول من 50 جنيهاً إلى 90 جنيهاً في بعض المحلات، ليزيد من أعباء الأسر التي لم تعد قادرة على تغطية نفقاتها الأساسية.
وسط هذه المعاناة، تعبر العديد من ربات البيوت عن استيائهن من هذا الوضع. “أرجل الدجاج أصبحت ملجأنا للتغلب على ارتفاع الأسعار،” تقول منال، ربة منزل تعيش مع أطفالها الأربعة.
ويكفي أن تعرف أن زوجها لا يستطيع توفير دجاجة لهم إلا مرة في الشهر، ما جعلها تعتمد بشكل كامل على الهياكل لملء بطون أبنائها.
تتحدث كريمة محمدين ربة منزل من الجيزة، عن واقعها الذي أصبح مأسوياً في ظل هذه الأزمات، حيث تقول إنها تضطر للتسوق من الأسواق الشعبية لتأمين احتياجات أسرتها.
رغم بحثها عن أرخص الأسعار، إلا أن كل شيء أصبح أغلى. تشير أم مصطفى إلى أن أسعار هياكل الدجاج قفزت من 10 جنيهات إلى 50 جنيهاً، مما يطرح تساؤلاً حول مدى رضى الحكومة عن الوضع الحالي الذي جعل الشعب يرزح تحت وطأة الفقر والعوز.
وتمثل الشكاوى من انعدام القدرة الشرائية مشهداً يومياً يتكرر في المنازل المصرية. “المصروف لم يعد يكفي لسد احتياجات الطعام والشراب،” تقول أميمة، موظفة تعاني من الضغوط المالية المتزايدة.
وفي حديثها عن أزمة الغذاء، تعبر عن قلقها إزاء الوضع المتدهور الذي يؤثر على الحياة الأسرية ويزيد من مشاعر التوتر والقلق.
في قلب القاهرة، يروي محمود الأبياري، عامل محارة، كيف أصبح يتناول وجبة واحدة في اليوم من أجل توفير المال. في ظل هذه الظروف، ارتفعت أسعار الوجبات الأساسية بشكل جنوني، مما جعل البقاء على قيد الحياة تحدياً حقيقياً.
بينما تجلس الحاجة حياة مع أسرتها، تجد نفسها محاصرة بوجبة واحدة تتكرر يومياً، مشيرة إلى أنها تعيش مع ستة أفراد على وجبة فقيرة لا تسد الرمق.
أما في أسواق الخضار، فلا تختلف الأمور كثيراً. حيث تلجأ الأسر إلى بدائل غير تقليدية مثل البساريا أو ما يعرف بـ”جمبرى الغلابة”، الذي ارتفع سعره أيضاً بشكل ملحوظ.
تضطر الأسر لتعديل نظامها الغذائي بشكل كامل، مع التوجه نحو الأطعمة الأقل تكلفة حتى لو كانت ذات قيمة غذائية متدنية.
يؤكد خبراء التغذية أن البدائل الصحية موجودة، لكن المشكلة تكمن في القدرة على شراء هذه البدائل. حيث تنصح الدكتورة محاسن عبدالله بالاعتماد على البقوليات، مثل العدس والفول، ولكن حتى هذه الخيارات أصبحت تتطلب ميزانية لا تتوافر لدى الكثيرين. إن استيراد السلع الأساسية وإدارة الأسواق، في ظل الفساد الحكومي المستشري، أدى إلى هذه الكارثة.
وتظل الأسئلة مطروحة: أين الحكومة مما يحدث؟ لماذا لا توجد خطة واضحة لمواجهة هذه الأزمة؟ هل ستستمر هذه المعاناة في ظل صمتٍ مريبٍ من الحكومة، أم أن هناك من سيستجيب لصوت الشعب الذي يعاني كل يوم من الفقر والغلاء؟ إن الوضع الراهن يحتاج إلى تدخل سريع وجاد، فالأسر المصرية لم تعد تحتمل المزيد من الارتفاعات المروعة في الأسعار، وحان الوقت للوقوف على أرض الواقع بدلاً من تجاهل المصاعب التي تواجهها.