في خضم الأحداث المتسارعة التي تشهدها المنطقة العربية تتوالى الأنباء حول فضيحة جديدة تضاف إلى قائمة الفساد المستشري في حكومة مصر
حيث أصبحت قضية السفينة الألمانية “كاثرين” التي رست في ميناء 22 بالإسكندرية محط أنظار الجميع بعد أن تبين أنها محملة بالأسلحة والذخائر الموجهة إلى إسرائيل
الفضيحة التي أثارت عاصفة من الانتقادات لم تتوقف عند حدود مصر بل تجاوزتها إلى المنظمات الدولية والجهات الحقوقية التي بدأت ترفع الصوت عاليا في وجه الحكومة المصرية.
ما حدث هو أن معلومات استقصائية موثوقة نشرت عن استقبال ميناء الإسكندرية للسفينة “كاثرين” التي ترفع العلم الألماني الأمر الذي أثار الشكوك حول طبيعة الشحنة وأهدافها دفعت الحكومة إلى اتخاذ خطوات متسرعة لنفي الخبر
حيث خرج مصدر مسؤول لينفي الخبر ويتحدث عنه باعتباره شائعة متهما وسائل الإعلام بأنها تسعى لخلق حالة من الفوضى والبلبلة لكن هذا النفي لم يكن سوى بداية لعاصفة من الشكوك والانتقادات التي كشفت عن تعاظم الفساد في مفاصل الدولة.
في الساعة 08:49 مساءً، جاء نفي المصدر المسؤول الذي ادعى عدم صحة ما نشر حول استقبال ميناء الإسكندرية للسفينة “كاثرين” وأكد أن الأخبار المتداولة حول شحنة الأسلحة ليست إلا شائعات تمثل تهديدًا للأمن القومي المصري
ومع ذلك لم تمر سوى ساعة واحدة حتى أصدرت القوات المسلحة المصرية بيانًا آخر عند الساعة 10:00 مساءً لتؤكد فيه على عدم وجود أي شكل من أشكال التعاون مع إسرائيل في هذا الشأن إلا أن هذا البيان لم يكن كافيًا لتهدئة النفوس الغاضبة.
استمرت الحكومة في تخبطها حيث أصدرت وزارة النقل نفيًا جديدًا عند الساعة 11:40 مساءً قائلةً إن السفينة “كاثرين” هي في الأصل سفينة برتغالية الجنسية ترفع العلم الألماني وأنها رست بميناء الإسكندرية لتفريغ شحنة خاصة بوزارة الإنتاج الحربي
وأضافت أن السفينة تقدمت بطلب رسمي لمغادرة الميناء متجهةً إلى ميناء حيدر باشا في تركيا لاستكمال مسارها. هذه التناقضات في البيانات الحكومية تعكس حالة الفوضى وانعدام الشفافية التي تعاني منها الحكومة المصرية.
في الوقت الذي كانت فيه الحكومة المصرية تحاول احتواء الفضيحة وتحويل الأنظار عنها كان هناك ردود فعل دولية فورية حيث انتشر الخبر كالنار في الهشيم على منصات التواصل الاجتماعي وخارج الحدود المصرية
مما دفع منظمة العفو الدولية للتدخل في القضية مشيرةً إلى أن الحكومة المصرية قد سمحت للسفينة “إم في كاثرين” بالرسو في ميناء الإسكندرية بالرغم من المخاطر التي قد تساهم بها هذه الشحنة في ارتكاب جرائم حرب في غزة وهو ما يعكس حجم الأزمة الحقيقية التي تواجهها الحكومة.
أمام هذا التخبط المتواصل من جانب الحكومة المصرية كانت هناك دعوات من قبل محامين للتقدم بدعوى للنائب العام ضد الحكومة وشركائها في هذه الجريمة
والتي تعتبر بمثابة خيانة للأمن القومي المصري خاصة بعد أن رفضت عدة دول أوروبية وأفريقية استقبال هذه السفينة خوفًا من تبعات الشحنة التي تحملها مثل دول “مالطا” و”سلوفينيا” في أوروبا و”ناميبيا” في أفريقيا
حيث يطرح هذا الأمر تساؤلات عميقة حول قدرة الحكومة المصرية على حماية البلاد من هذه النوعية من الأزمات.
إن فضيحة السفينة “كاثرين” لم تكشف فقط عن فساد الحكومة المصرية وإنما سلطت الضوء على الفشل الذريع في إدارة الأزمات والتعامل مع المخاطر التي تهدد أمن الوطن
فقد عكست هذه القضية صورةً قاتمة عن مدى التجاوزات التي تحدث في ظل حكومة لا تأبه بمصالح الشعب ولا بالأخطار التي تداهم الوطن من كل حدب وصوب.
ما حدث يذكر الجميع بأن هناك حاجة ملحة لإعادة تقييم السياسة العامة في مصر والبحث عن سبل فعالة لمحاربة الفساد الذي أصبح ينخر في جسد الدولة ويهدد مستقبلها
فإن استمرار الوضع على ما هو عليه لن يؤدي سوى إلى مزيد من الفوضى والارتباك ولابد من وقفة جادة من المجتمع الدولي وكافة المنظمات الحقوقية لمحاسبة المتسببين في هذه الفضيحة التي لم يعد بالإمكان السكوت عنها.
إن ما نراه اليوم هو تحذير واضح بأن الحكومة المصرية في حالة من الانهيار التام وهي تحاول جهدها البقاء على السطح لكن الأزمات تتوالى عليها واحدة تلو الأخرى بينما الشعب المصري يراقب ويشهد كيف تدار الأمور خلف الكواليس وكيف تُتخذ القرارات التي تؤثر على أمنه واستقراره فقد حان الوقت ليتحرك الشعب وينتفض ضد الفساد الذي أصبح واقعًا مُرًا يجب تغييره.
ويجب التأكيد على أن هذه القضية ليست مجرد حادثة عابرة بل هي جرس إنذار لكل المصريين بضرورة التكاتف والعمل على كشف الحقائق ومحاربة الفساد الذي ينخر في مؤسسات الدولة ويؤثر سلبًا على كل جوانب الحياة في مصر
فإن اللحظة الحالية تتطلب وقفة شجاعة من الجميع لوضع حد لتلك الانتهاكات التي لم تعد تُحتمل والتي أصبحت تهدد كل شيء في هذا الوطن الذي يحتاج إلى جهود كل أبنائه.