في خضم أزمة متنامية يواجهها المواطن المصري بفعل السياسات الاقتصادية المتهورة تواصل الحكومة المصرية مساعيها لتعزيز الفساد من خلال فرض رسوم باهظة على شركات السياحة
مما ينعكس سلبًا على أسعار الحج ليُصبح حلم أداء الفريضة بعيد المنال لملايين المصريين وقد أظهرت الأرقام الأخيرة أن وزارة السياحة قد أصدرت قرارات ترفع الرسوم بشكل غير مبرر مما يزيد من معاناة المواطنين ويؤكد مدى التقاعس الحكومي في التعامل مع هذه القضية المصيرية
تحدد وزارة السياحة رسومًا باهظة على الشركات السياحية الراغبة في تنظيم رحلات الحج مما يؤثر على التكلفة النهائية للرحلات فالفئة الخمس نجوم تتطلب دفع 40 ألف ريال سعودي كرسوم بينما الفئة الاقتصادية تفرض رسومًا تصل إلى 30 ألف ريال وللرحلات البرية يتوجب على الشركات سداد 40 ألف ريال أيضًا
وهذه الرسوم تأتي في وقت يعيش فيه المواطن المصري تحت ضغوط اقتصادية غير مسبوقة حيث تزايدت أسعار السلع والخدمات بشكل جنوني في الآونة الأخيرة
ومع هذه الرسوم الجديدة فإن أسعار الحج السياحي المتوقع أن تصل إلى مستويات كارثية فقد ذكرت مصادر مطلعة أن الأسعار الجديدة للحج الاقتصادي والبري ستتراوح بين 380 ألف جنيه إلى 520 ألف جنيه مصري
وهذا يعني أن الحج أصبح حلمًا بعيدًا لملايين المصريين الذين يسعون لتأدية هذه الفريضة المقدسة بينما يرتفع سعر الحج الفاخر ليصل إلى ما بين 480 ألف جنيه و750 ألف جنيه
وهذا في حد ذاته يُعتبر قفزة غير مسبوقة في الأسعار تدلل على حالة الفوضى والفساد التي تسود في هذا القطاع الحيوي
تأتي هذه الأرقام الصادمة في الوقت الذي كان من المتوقع فيه أن تسعى الحكومة المصرية لتخفيف العبء عن المواطنين وزيادة الدعم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة لكن بدلاً من ذلك نجدها تزيد من الضغوط المالية على كاهل المواطن المصري مما يطرح تساؤلات عديدة حول أولويات الحكومة ومصالحها الحقيقية
لم يقتصر الأمر على رفع الرسوم بل امتد ليشمل أيضًا الطريقة التي يتم بها الدفع حيث تفرض الحكومة المصرية على شركات السياحة سداد الرسوم نقدًا بالريال السعودي لكل مجموعة لا تزيد عن 40 مسافرًا مما يضاعف من الأعباء المالية على الشركات ويزيد من تكلفة الحج على المواطنين الأمر الذي يبرز حجم الفساد وعدم الكفاءة في إدارة هذا الملف الحيوي
في ظل هذا الوضع المأساوي يظهر السؤال الأهم لماذا تواصل الحكومة تجاهل مطالب المواطنين الذين يعانون من ضغوط اقتصادية هائلة ولماذا يتم إلقاء المزيد من الأعباء عليهم بدلًا من دعمهم ومساعدتهم على تحقيق أحلامهم الدينية كما ينص عليه الواجب الديني والإنساني
الحكومة المصرية تتحمل مسؤولية هذا الوضع الكارثي حيث يظهر الفشل الواضح في إدارة هذا الملف ويعكس عدم وجود أي رؤية استراتيجية للتعامل مع قضية الحج
ورغم النداءات المتكررة من المواطنين والهيئات المختلفة لإعادة النظر في هذه القرارات إلا أن الحكومة تواصل فرض الرسوم بشكل قاسي مما يضعف ثقة المواطنين فيها ويزيد من انعدام الأمل في تحسين الأوضاع
إن الفساد المتفشي في أروقة الحكومة المصرية يظهر بوضوح من خلال هذه القرارات التي تهدف إلى تحقيق الربح على حساب المواطن البسيط الذي لا حول له ولا قوة في مواجهة هذا الواقع المظلم والكارثي
فبدلاً من أن تكون الحكومة حامية لمصالح المواطنين نجدها تعمل على تعزيز الفساد وتكريس معاناة الناس في سبيل تحقيق مكاسب شخصية أو جماعية معينة
عندما يتحدث المسؤولون عن دعم السياحة والحج يجب أن يدركوا أن ذلك لا يتحقق عبر فرض رسوم باهظة على شركات السياحة بل عبر توفير بيئة مناسبة وآمنة للمواطنين لأداء شعائرهم الدينية بدون ضغوط إضافية تدفعهم للتخلي عن أحلامهم
ونستطيع أن نقول إن الوضع الحالي يتطلب من الحكومة المصرية اتخاذ خطوات جادة نحو مراجعة سياساتها وقراراتها والعمل على تحقيق مصلحة المواطن المصري بدلًا من الاستمرار في نهج الفساد الذي يضر بالبلاد والعباد
فهل ستتحمل الحكومة مسؤوليتها وتبدأ في العمل من أجل مصلحة الشعب أم ستبقى على هذا النهج المظلم الذي لم يعد مقبولاً من قبل أي مواطن يسعى للعيش بكرامة وتحقيق أحلامه الدينية والإنسانية