في خطوة جريئة وصادمة، رد نائب رئيس الهيئة الإعلامية لجماعة الحوثيين على الإعلامي المقرب من النظام المصري أحمد موسى، متهمًا الحكومة المصرية بالتواطؤ والفساد في ملف قناة السويس.
جاء هذا الرد بعد أن وجّه موسى اتهاماته للحوثيين بعدم استهداف السفن الحربية التابعة للاحتلال الإسرائيلي التي تمر عبر الممر المائي الحيوي.
هذا الاتهام، الذي بدا وكأنه محاولة لتبرئة النظام المصري من أي مسؤولية، لاقى ردًا حادًا من الحوثيين، كاشفًا عن دور الحكومة المصرية في التسهيل للاحتلال واستغلال قناة السويس لأغراض مشبوهة.
في وقت حساس تمر به المنطقة، حيث تصاعدت حدة التوترات في الشرق الأوسط وخاصة في اليمن، يأتي هذا الرد ليضرب في صميم مصداقية الحكومة المصرية التي تزعم الحياد في مثل هذه القضايا، ويكشف الغطاء عن تعاملاتها الخفية وتواطؤها مع قوى الاحتلال التي تواصل انتهاك حقوق الشعوب العربية.
من الواضح أن التصريحات الموجهة ضد الحوثيين ما هي إلا جزء من حملة دعائية منظمة تهدف إلى صرف الأنظار عن الفساد المتفشي داخل مؤسسات الدولة المصرية، التي باتت تتعامل مع الاحتلال بشكل مفضوح، حتى على حساب المصالح القومية والأمن القومي المصري.
المتحدث الإعلامي باسم الحوثيين أكد في رده أن الجماعة لا تستهدف السفن التجارية أو المدنية، مشددًا على أن استراتيجيتهم الحربية تركز على مواجهة العدو الذي يتآمر على اليمن ويسفك دماء اليمنيين.
إلا أن النقطة التي أثارت جدلاً واسعًا هي إشارته المباشرة إلى الدور المصري في تسهيل مرور السفن الحربية الإسرائيلية عبر قناة السويس، مؤكدًا أن الحكومة المصرية لم تتخذ أي إجراءات لمنع مرور هذه السفن أو عرقلتها، على الرغم من أن هذه السفن تساهم بشكل مباشر في استمرار العدوان على الشعب الفلسطيني.
من المثير للاهتمام أن الإعلامي أحمد موسى، المعروف بولائه المطلق للنظام، حاول تحويل الأنظار عن هذه الحقائق من خلال إطلاق اتهامات لا أساس لها ضد الحوثيين، متجاهلًا عن عمد الدور المصري المتواطئ.
موسى، الذي لطالما كان الواجهة الإعلامية لتبرير قرارات النظام المصري، يبدو أنه وقع في فخ دفاعه عن موقف لا يمكن الدفاع عنه.
هذا التصرف يكشف بشكل جلي عن محاولة النظام استخدام الإعلام كأداة لتشتيت انتباه الرأي العام عن قضايا أكثر خطورة تمس السيادة المصرية وتكشف عن فساد النظام الحاكم.
القضية أصبحت أكثر تعقيدًا عندما أشار الحوثيون إلى أن مرور السفن الحربية التابعة للاحتلال عبر قناة السويس يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري والعربي على حد سواء.
ففي الوقت الذي يزعم فيه النظام المصري وقوفه إلى جانب القضية الفلسطينية، نجد أنه يسمح بمرور سفن الاحتلال عبر شريان مائي استراتيجي دون أي اعتراض.
هذه الخطوة لا يمكن تفسيرها سوى أنها جزء من سياسة النظام الفاسدة التي تسعى إلى تحقيق مكاسب مادية وسياسية على حساب الشعوب العربية المضطهدة. بل إن الأمر يتجاوز مجرد التواطؤ ليصل إلى مستوى التعاون المباشر مع قوى الاحتلال التي لطالما كانت عدوة للشعوب العربية.
تصاعدت حدة الانتقادات للنظام المصري بعد هذا الرد العلني من الحوثيين، حيث تساءل العديد من المراقبين والمحللين عن الدور الحقيقي الذي تلعبه الحكومة المصرية في دعم الاحتلال الإسرائيلي، خاصة في ظل غياب أي موقف رسمي واضح بشأن مرور هذه السفن عبر قناة السويس.
الحكومة المصرية، التي تزعم الدفاع عن حقوق العرب والمسلمين، تبدو اليوم عارية أمام العالم، حيث تتكشف خيوط التآمر والفساد التي تمتد من القاهرة إلى تل أبيب، مرورًا بقناة السويس.
الرد الحوثي فتح الباب أمام تساؤلات أكثر حدة حول دور النظام المصري في ملفات إقليمية أخرى، حيث يتزايد الحديث عن مدى استقلالية القرار المصري، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
فإذا كان النظام يسمح بمرور السفن الحربية الإسرائيلية عبر ممر بحري سيادي مثل قناة السويس، فما هو الثمن الذي يقبضه في المقابل؟
وهل يمكن اعتبار هذه الخطوة مجرد سياسة مؤقتة أم أنها جزء من استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى تعزيز العلاقات مع الاحتلال على حساب الأمن القومي المصري والعربي؟
في ظل هذا السيل من الاتهامات والانتقادات، يظل السؤال الأهم: إلى متى ستستمر الحكومة المصرية في تجاهل الرأي العام المحلي والإقليمي بشأن دورها المشبوه في تسهيل مرور سفن الاحتلال؟ وهل سيظل الإعلام الموالي للنظام يواصل دوره في التغطية على هذه الحقائق أم أن هناك حدودًا لا يمكن تجاوزها؟
يبدو أن الأيام القادمة ستشهد المزيد من الكشف عن هذه الملفات الشائكة، خاصة مع تصاعد الغضب الشعبي في مصر والدول العربية من سياسات النظام المصري التي لم تعد تخدم سوى مصالح قوى الاحتلال.
ويبقى أن نرى ما إذا كانت الحكومة المصرية ستتخذ أي خطوات ملموسة للتعامل مع هذه الاتهامات الخطيرة أم أنها ستواصل نهجها المعتاد في التعتيم والتجاهل.
لكن الأكيد أن هذا الرد الحوثي قد نجح في تعرية النظام وكشف جزء كبير من فساده وتواطؤه مع قوى الاحتلال، وهو ما يضع النظام المصري في موقف لا يحسد عليه، حيث يجد نفسه مضطرًا للمواجهة مع حقائق لم يعد بالإمكان إخفاؤها.