اقتصادتقارير

الحكومة المصرية تحت رحمة صندوق النقد: الشعب يئن والفساد يستشري

تتجه الأنظار في مصر إلى الزيارة المرتقبة لكريستالينا جورجيفا مديرة صندوق النقد الدولي والتي من المقرر أن تتم اليوم الأحد وسط تساؤلات متزايدة عن مصير الاقتصاد المصري الذي يعاني من أزمة حقيقية تؤثر على حياة المواطنين اليومية

في ظل ارتفاع الأسعار وقرارات حكومية لم تلق قبول الشارع المصري وكأن الحكومة تتجاهل معاناة الشعب الذي باتت حياته صعبة بشكل متزايد

تأتي زيارة جورجيفا في وقت يواجه فيه الاقتصاد المصري تحديات قاسية فالصراعات المتعددة في المنطقة بما فيها غزة ولبنان والسودان تؤدي إلى خسارة فادحة للإيرادات حيث فقدت مصر ما يقرب من 70% من إيرادات قناة السويس

وهو ما يعكس حجم التحديات التي تواجهها الحكومة المصرية في ظل تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي مع صندوق النقد الدولي بقيمة قرض يصل إلى 8 مليارات دولار

ويثير هذا البرنامج مخاوف العديد من المواطنين خاصة من ذوي الدخل المحدود الذين يرون أن هذه السياسات لن تأتي لهم بأي خير بل تزيد من معاناتهم

تدور مناقشات جورجيفا حول إمكانية تعديل بعض بنود البرنامج لإتاحة فترة زمنية أطول للإصلاحات وسط انفتاح صندوق النقد على إجراء التعديلات لكن يبقى القرض الأساسي في وضعه الحالي

وهو ما يطرح تساؤلات حول جدوى هذا التعاون الذي أصبح مكلفا للشعب الذي يئن تحت وطأة الغلاء والضغط الاقتصادي

يشير المواطنون إلى ضرورة أن ترفع مديرة صندوق النقد يديها عن المصريين فقد أصبحوا لا يحتملون المزيد من الشروط القاسية التي تفرضها السياسات الاقتصادية والتي أدت إلى ارتفاعات متتالية في أسعار البنزين والكهرباء والسلع الأساسية

إن هذه السياسات قد دفعت الحكومة إلى اتخاذ قرارات اقتصادية صعبة زادت من الأعباء على كاهل المواطن المصري والذي يواجه صعوبة في توفير احتياجات أسرته اليومية

حيث يؤكد أحد المستثمرين أن التدخلات الخارجية في السياسات المالية والاقتصادية لمصر يجب أن تتوقف فإن هذه الشروط لا تؤدي إلا إلى مزيد من الفوضى في الأسواق وزيادة حادة في الأسعار

مما يؤثر سلبا على أداء المصانع المصرية التي لم تعد قادرة على مواكبة التغيرات المستمرة في الأسعار مما يدفعها إلى تسجيل خسائر متتالية في ظل عدم استقرار الأسعار

ويوضح الخبير الاقتصادي أن دعم المواد البترولية يعتبر نقطة محورية في المناقشات مع مديرة صندوق النقد حيث ارتفعت موازنة دعم الطاقة بشكل هائل منذ نوفمبر 2016 حيث بلغ 130 مليار جنيه

ووصل في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأ في نفس العام إلى 18 مليار جنيه في 2019 ومع الظروف الراهنة يتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 155 مليار جنيه وهو ما يمثل عبئا ثقيلا على الموازنة العامة للدولة

تتزايد المطالبات بضرورة مراجعة هذا البند مع جورجيفا لأن الحكومة تدرك جيدا ما يدور في أذهان المصريين في ظل الزيادات الأخيرة في أسعار الوقود

والتي تؤدي إلى ارتفاع معدل التضخم بشكل يعيق القدرة الشرائية للمواطنين الذين أصبحوا يشكون من ارتفاع أسعار الملابس والسلع الأساسية بشكل لا يمكن تحمله حيث أصبح الحصول على ملابس بأسعار معقولة يتطلب ميزانية كاملة مما دفع الكثيرين إلى اللجوء إلى الخيارات ذات الجودة المنخفضة

أما عن الشكاوى من المواطنين فإن أحد عمال قطاع مواد البناء يعبر عن معاناته في ظل ارتفاع الأسعار الذي أصبح غير محتمل فهو يقول أن اليوم عمله يتأرجح بين أيام من العمل وأخرى من البطالة في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية حيث أن الأسعار ارتفعت بشكل غير طبيعي مما يجعل من الصعب على الكثيرين تلبية احتياجات أسرهم اليومية

من جهته يقول أحد بائعي القهوة أنه بات عاجزاً عن توفير ما يحتاجه من المواد الأولية بسبب ارتفاع أسعار البن والبقوليات حيث قفز سعر كيلو البن من 100 إلى 600 جنيه في خلال ثلاث سنوات بينما ارتفع سعر كيلو الشاي من 60 إلى 250 جنيها مما أجبره على زيادة أسعار مشروباته دون أي قدرة على استعادة توازن السوق الذي يتدهور بشكل مستمر

ويتابع بائع الخضروات أنه مع كل زيادة في أسعار البنزين تتضاعف أسعار الخضراوات حتى أنه يتحدث عن الزيادات التي تجاوزت الحدود المعقولة حيث ارتفع ثمن الخضار بشكل غير مسبوق مما أدى إلى عدم قدرة المستهلكين على الشراء مما يؤكد على ضرورة إبعاد صندوق النقد عن مصر لإنقاذ الشعب من هذه الأوضاع الكارثية

يعبر صاحب محل بقالة عن استيائه من الحركة التجارية الضعيفة حيث كانت محلات البقالة تحقق مكاسب جيدة إلا أن الأوضاع تغيرت dramatically فأصبح مجرد تغطية المصاريف اليومية هو الإنجاز الوحيد في ظل التوجيهات الحكومية التي تعتمد على شروط صندوق النقد دون أي اعتبار للواقع المعيشي للمواطنين

ويختتم العديد من المحللين بأن تاريخ الدول التي لجأت إلى صندوق النقد ليس مشجعا ففي الغالب لا تحقق هذه الدول أي نجاح أو تقدم بل تأتي هذه الصناديق لتقضي على ما تبقى من مقومات التنمية والاستقرار

لذا ينبغي على الحكومة المصرية أن تراجع هذا التعاون قبل أن يصبح الحديث عن القروض عبئاً إضافياً على المواطنين الذين لا يمتلكون أي خيارات للضغط على الحكومة لإلغاء هذه الاتفاقات

في النهاية يشدد العديد من الفقهاء الدستوريين على أن الشعب كان يمتلك أدوات إلغاء التعامل مع الصندوق قبل توقيع الاتفاق حيث كان يمكن تنظيم حملات شعبية أو رفع دعاوى قضائية لمنع التوقيع لكن بعد توقيع الاتفاق لم يعد أمام الشعب سوى تحمل تبعات هذا القرار الذي لا يملك فيه أي حق في الاعتراض

هذا الوضع الكارثي الذي يعيشه المصريون يستدعي وقفة جادة من الحكومة قبل فوات الأوان ويجب أن تتخذ خطوات سريعة لإنهاء حالة الطوارئ الاقتصادية التي يعيشها الشعب قبل أن تتفاقم الأوضاع أكثر من ذلك

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى