شهدت مصر في سبتمبر 2023 كارثة اقتصادية أخرى تضاف إلى قائمة الأزمات التي تعصف بالبلاد حيث انخفض الحد الأدنى للأجور إلى مستوى تاريخي ينذر بالخطر فبعد أن كان يُعادل 4000 جنيه مصري فقط ما يساوي 100 دولار أصبح في فبراير عام 2024 الراتب 6000 جنيه مصري يساوي 93.75 دولار
وبهذا الانخفاض الكارثي يواجه العمال المصريون أزمة خانقة تجعلهم عاجزين عن مواجهة الغلاء الذي يضرب الأسواق فالتضخم يلتهم مدخراتهم والحد الأدنى للأجور لا يكفي لتأمين حياة كريمة لهم ولعائلاتهم
إن هذا التراجع المثير للقلق يكشف بشكل صارخ عن تقاعس الحكومة المصرية في التصدي لهذه الأزمات الاقتصادية المتتالية فعلى الرغم من الوعود الكثيرة التي أطلقها المسؤولون بشأن تحسين الوضع المعيشي للمواطنين
فإن الواقع يتحدث عن نفسه فهل من المقبول أن يتحول الحد الأدنى للأجور من 100 دولار إلى 93.75 دولار في غضون ستة أشهر فقط في دولة يعتبر أغلب سكانها تحت خط الفقر
إن الحكومة المصرية التي تقودها القيادة الحالية تبدو كأنها في حالة من الغفلة أو ربما التجاهل الكامل لمشاكل الشعب المصري
ففي الوقت الذي تتصاعد فيه الأزمات وتزداد الضغوط الاقتصادية على المواطنين نجد الحكومة مشغولة بتوزيع التصريحات الفارغة والتي لا تعكس أي خطوات فعلية لتحسين الوضع
يأتي هذا التراجع المذهل في قيمة الحد الأدنى للأجور رغم الارتفاعات المستمرة في الأسعار على جميع السلع والخدمات فالتضخم الذي يعاني منه المصريون قد تجاوز عتبات غير مسبوقة
حيث يُعاني المواطن من ارتفاع الأسعار بشكل يضعهم في وضع اقتصادي صعب بينما تكتفي الحكومة بإصدار بيانات لا تعكس الواقع المعيش للناس ولا تقدم حلولاً فعالة لهذه الأزمة
عندما ننظر إلى واقع الحياة اليومية للمواطن المصري نجد أن الكثيرين منهم باتوا يواجهون صعوبات هائلة في تأمين احتياجاتهم الأساسية
فهل يُعقل أن يظل الحد الأدنى للأجور عند هذا المستوى المتدني في ظل الارتفاع المستمر في الأسعار والذي يتطلب توفير المزيد من الأموال لتغطية النفقات الأساسية من طعام وشراب ومسكن وتعليم
ليس من المقبول أن يكون المواطن المصري هو الضحية في هذه المعادلة المزرية حيث لا تزال الحكومة تتجاهل الدعوات المتكررة لزيادة الأجور لمواجهة هذه الأزمة الخانقة في الأوضاع المعيشية فالتضخم المرتفع يجب أن يقابله تحرك حكومي سريع وحاسم لرفع الحد الأدنى للأجور بدلاً من العكس
إن الكارثة الاقتصادية التي يواجهها المصريون ليست مجرد مسألة حسابات اقتصادية فحسب بل هي أزمة إنسانية تؤثر على حياة الملايين من الأسر المصرية
فالأرقام تتحدث عن نفسها حيث يتزايد عدد الفقراء في البلاد في ظل غياب سياسات فعالة لمكافحة الفقر وتحسين الأوضاع المعيشية
إذا استمر هذا التوجه الحكومي المتساهل فإن الوضع سيصبح أكثر خطورة فالبحث عن فرص العمل أصبح أمراً شبه مستحيل في ظل انعدام الاستثمارات والنمو الاقتصادي الذي يعاني من التباطؤ الشديد والذي يعكس الفساد المستشري في جميع المؤسسات الحكومية
وعليه فإن الوضع الحالي يتطلب وقفة جادة من جميع الجهات المعنية حيث ينبغي أن يُسمع صوت المواطنين وتُؤخذ مشاعرهم بعين الاعتبار في القرارات التي تُتخذ لمستقبلهم فإن غياب المساءلة والشفافية يُعطي انطباعاً بأن الحكومة تتجاهل آلام الشعب ولا تبالي بمعاناتهم
الوقت حان لنستيقظ من غفلتنا ولنواجه الفساد الذي يتغلغل في أروقة الحكومة والذي لا يُظهر أي علامة على التحسن فالتقاعس الحكومي الذي نراه اليوم هو بمثابة جريمة ترتكب في حق المواطن المصري
إننا بحاجة إلى خطوات عاجلة وفعالة لتعزيز الاقتصاد وتحسين مستوى المعيشة بدلاً من الصمت الذي يميز الحكومة والتي يبدو أنها غارقة في قضايا جانبية بعيدة كل البعد عن معاناة الشعب
علينا أن نتكاتف جميعاً من أجل مواجهة هذه الأزمات ورفع الصوت عالياً ضد السياسات التي تساهم في تفاقم هذه الأوضاع فالوضع لم يعد يحتمل المزيد من التهاون أو التجاهل فالمصريون يستحقون حياة كريمة وفرصاً أفضل لمستقبلهم
ويجب أن ندرك جميعاً أن الوضع يتطلب تحركاً جاداً من قبل الحكومة بدلاً من الخطط الوهمية التي لا جدوى منها فالشعب المصري يستحق الأمل في حياة أفضل
مما هو عليه الآن ويجب أن تكون هناك خطوات ملموسة تُظهر التزام الحكومة بتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين بدلاً من الوقوع في فخ الوعود الفارغة