أجواء من الفوضى والذعر تعم المستوطنات الإسرائيلية في محيط غزة إثر موجة جديدة من التصعيد العسكري، حيث استلقت أعداد كبيرة من المستوطنين على الأرض في محاولة بائسة لتجنب الصواريخ التي أُطلقت من قطاع غزة باتجاه الأراضي المحتلة.
هذه المشاهد الكارثية تكررت في عدة مواقع بمحيط غزة، مما يعكس حالة الهلع التي يعيشها المستوطنون. هجمات المقاومة التي انطلقت من القطاع جاءت ردًا على القصف الإسرائيلي المتواصل والذي خلّف دمارًا واسعًا، وشكّل وقودًا جديدًا للاشتعال في المنطقة.
من جانب آخر، أعلنت المديرة التنفيذية لمنظمة اليونيسيف عن ورود تقارير صادمة تؤكد مقتل أكثر من 50 طفلًا في مخيم جباليا شمال قطاع غزة خلال اليومين الماضيين، في مشهد يعكس بشاعة القصف الإسرائيلي على المدنيين.
بينما يغرق العالم في الصمت، تتزايد أعداد الضحايا من الأطفال، ما يعزز القلق الدولي تجاه مستقبل هذا الصراع الكارثي. القصف الإسرائيلي لم يتوقف عند البنية التحتية أو المقاتلين فقط، بل وصل إلى المناطق المأهولة بالسكان، مسجلاً أعدادًا متزايدة من القتلى والجرحى في صفوف الأبرياء.
جيش الاحتلال يتكبد خسائر كبيرة
على الجانب الآخر، لم تسلم قوات الاحتلال الإسرائيلي من الهجمات التي تشنها المقاومة الفلسطينية في غزة، فقد أعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال عن مقتل عسكريين من كتيبة «شاكيد» التابعة للواء «جفعاتي»، وهما الجندي إيتاي بارزات والجندي يائير حنانيا، بالإضافة إلى إصابة جندي ثالث بجروح خطيرة خلال معركة عنيفة شمال القطاع.
المعركة التي أودت بحياة هؤلاء الجنود كشفت عن ضعف غير مسبوق في صفوف الجيش الإسرائيلي، خاصة في ظل صمود المقاومة الفلسطينية، التي ما تزال تباغت الاحتلال وتكبده خسائر جسيمة.
إن الخسائر البشرية في صفوف جيش الاحتلال تؤكد أن العمليات العسكرية في غزة ليست مجرد حملة سهلة، بل هي مواجهة شرسة تفاجئ كل من يتوقع انتصارًا سريعًا للآلة العسكرية الإسرائيلية.
المقاومة الفلسطينية، رغم الحصار الخانق والظروف الصعبة، أثبتت أنها قادرة على استنزاف جيش الاحتلال وتكبيده خسائر فادحة في الأفراد والمعدات.
مظاهرات غاضبة في صفوف المستوطنين
في غضون ذلك، شهدت المستوطنات في غلاف غزة موجات من التظاهرات الغاضبة، حيث استلقى المستوطنون على الأرض في تصرف غير مسبوق يعبر عن اليأس والإحباط.
هذه الاحتجاجات التي شهدتها المستوطنات تعكس تدهور الحالة النفسية والمعنوية لدى السكان، الذين باتوا يعيشون تحت رحمة الصواريخ الفلسطينية، دون حماية تذكر من قبل الحكومة الإسرائيلية.
وتتصاعد الضغوط على الحكومة الإسرائيلية التي تجد نفسها أمام معضلة كبيرة في التعامل مع الوضع المتفجر في الجنوب، حيث لا تزال الهجمات الصاروخية الفلسطينية تشل حركة الحياة في تلك المناطق.
لقد أصبح سكان المستوطنات المحيطة بغزة يشعرون بأنهم ضحايا لسياسات الحكومة الإسرائيلية، التي فشلت حتى الآن في تحقيق الأمن لهم أو كبح جماح المقاومة الفلسطينية.
وعلى الرغم من كل الإجراءات الأمنية والتحصينات التي وضعتها إسرائيل، إلا أن الصواريخ لا تزال تصل إلى عمق المناطق المحتلة، مما يعزز الشعور بعدم جدوى الحلول العسكرية التي تتبناها الحكومة.
تجاهل دولي واستمرار المجازر
المجزرة التي تعرض لها الأطفال في جباليا لا تزال حديث وسائل الإعلام، حيث أكدت المديرة التنفيذية لمنظمة اليونيسيف أن المنظمة تلقت تقارير تفيد بمقتل أكثر من 50 طفلًا خلال اليومين الماضيين فقط.
هذه التقارير تسلط الضوء على فظائع العدوان الإسرائيلي الذي لا يفرق بين المدنيين والعسكريين، ما يشكل جريمة حرب واضحة في نظر القانون الدولي. ومع ذلك، لا تزال القوى الكبرى تتجاهل هذه المأساة الإنسانية، بينما تستمر المجازر بحق الشعب الفلسطيني دون رادع.
ورغم كل الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار وحماية المدنيين، فإن الحكومة الإسرائيلية تواصل عملياتها العسكرية في غزة، مدعية أنها تستهدف “البنية التحتية للإرهاب”.
إلا أن الوقائع على الأرض تؤكد أن المدنيين، وخاصة الأطفال، هم الضحايا الحقيقيون لهذا العدوان. الجرائم المتواصلة تطرح تساؤلات حادة حول دور المجتمع الدولي في محاسبة المسؤولين عن هذه المجازر، وحول مدى قدرة العالم على الضغط لوقف هذه المأساة المستمرة.
كارثة تصيب المستوطنين في غلاف غزة مع تصاعد هجمات المقاومة
يبدو أن الأزمة في غزة تدخل مرحلة جديدة من التصعيد مع استمرار الهجمات الصاروخية من القطاع، وردود الاحتلال العنيفة التي لا تفرق بين مقاوم ومدني.
ومع تصاعد الخسائر البشرية في كلا الجانبين، تتزايد المخاوف من أن هذه الجولة من الصراع قد تكون الأطول والأكثر دموية، في ظل غياب أي أفق لحل سياسي حقيقي ينهي هذا النزاع المشتعل منذ عقود.
السكان في غزة والمستوطنات المحيطة بها يدفعون الثمن الأكبر لهذه الحرب، بينما تظل القيادات السياسية والعسكرية تتبادل الاتهامات، دون أن تلوح في الأفق أي بوادر تهدئة أو تسوية.
الأسئلة تتزايد حول مستقبل المنطقة، وكيف يمكن الخروج من هذه الدائرة الجهنمية التي لم تجلب سوى الموت والدمار لكلا الشعبين.
إن الصراع بين إسرائيل وغزة ليس مجرد مواجهة عسكرية، بل هو اختبار لقدرة العالم على وضع حد لهذه الكارثة الإنسانية المستمرة.
ومع كل صاروخ ينطلق من غزة أو قنبلة تسقط على الأحياء المكتظة بالسكان، يصبح من الواضح أن الحلول العسكرية لن تؤدي إلا إلى مزيد من الدماء والمآسي.