تقارير

حكومة مصر تدفن الشعب تحت أنقاض الفساد وتزيد معاناته في ظل الأزمات

تتجلى مأساة المواطن المصري في عجز الحكومة عن تقديم الحلول الجذرية للخروج من دوامة الأزمات الاقتصادية المتصاعدة منذ عام 2016 وما زال الوضع يزداد سوءا مع كل يوم يمر.

تتنافس الوزارات والهيئات الحكومية على إغراق جيب المواطن بينما يستمر مسلسل الجباية وكأننا في زمن المماليك حيث يضطر المواطنون إلى دفع ثمن عجز الحكومة عن إدارة البلاد بشكل صحيح

يتوالى صباح كل يوم ليبدأ المواطن المصري برؤية أخبار جديدة عن ارتفاعات غير مبررة في أسعار السلع الأساسية والخدمات وكأن الحكومة تعيش في عالم آخر بعيد عن هموم الشعب ومعاناة الفقراء.

وعندما ترتفع أسعار الكهرباء يتبعها ارتفاع شامل في أسعار كل السلع والخدمات وكأن تلك القرارات قد اتخذت بلا تفكير في العواقب وكأن الحكومة تتلذذ بزيادة معاناة المواطن.

ورغم صرخات المواطنين من الغلاء وارتفاع تكاليف الحياة تستمر الحكومة في رفع أسعار الوقود والطاقة بينما يكتفي المواطن بعبارة واحدة يرددها الجميع “جيب المواطن اتنفض خلاص” في إشارة إلى تفشي الفقر والحرمان.

في ظل هذه الأوضاع الكارثية تتجه الحكومة بدلاً من دعم المواطن إلى استنزاف جيوبه للحصول على الأموال اللازمة لسد عجز الميزانية.

من الارتفاعات المتتالية في أسعار الكهرباء والغاز إلى المياه والصرف الصحي بات واضحا أن المواطن أصبح فريسة سهلة للسياسات الحكومية التي تهدف إلى تحصيل أكبر قدر ممكن من الإيرادات دون أي تفكير في تنمية الاقتصاد أو زيادة الإنتاج.

فبدلاً من الاتجاه إلى مشاريع تدر عوائد مباشرة على الاقتصاد، تفضل الحكومة تنفيذ مشاريع بنية تحتية أخرى قد لا تحمل أي قيمة مضافة للمواطنين أو للاقتصاد ككل.

والأدهى من ذلك هو استمرار الحكومة في تجاهل الأزمات العالمية التي تتطلب مزيدًا من الدعم للمواطن وليس إلغاؤه. في حين تفرض الأوضاع الدولية والمتغيرات الجيوسياسية ضغوطًا على كافة الحكومات لتقديم الدعم لمواطنيها، نجد الحكومة المصرية ترفع يدها عن المواطن وتتركه يواجه مصيره بمفرده.

فعلى الرغم من الأزمة الحالية في العالم من جراء الصراعات والحروب والتحديات الاقتصادية، تستمر الحكومة في رفع الدعم عن المحروقات والطاقة وتحصر الدعم التمويني عند 50 جنيها لكل فرد، وهو مبلغ لم يعد يكفي لسد احتياجاته اليومية.

ويعد رفع الحكومة لأسعار الوقود ثلاث مرات فقط في عام 2024 دليلا قاطعا على فشلها في إدارة الأزمات. كما أن هذا القرار ينعكس سلبًا على جميع جوانب الحياة حيث يتبع رفع أسعار الوقود زيادة فورية في أسعار كافة السلع الأساسية وغير الأساسية مما يزيد من معاناة المواطن في تدبير أمور أسرته.

وكلما زادت الأسعار تزداد معاناة المواطن في الحصول على وسائل النقل العامة حيث تتزايد تذاكر النقل كلما ارتفعت أسعار الوقود، بينما لا تقوم الدولة بحماية المواطن من هذه الزيادات غير المنطقية.

وفي الوقت الذي كان يتوقع فيه المواطن أن تعكس الحكومة مواقفها وتتخذ خطوات لتخفيف العبء عنه، نجد أن خطط الحكومة تشير إلى استمرار رفع أسعار الوقود بشكل تدريجي حتى عام 2025.

وقد بلغت فاتورة دعم الوقود في الميزانية العامة 10 مليارات جنيه شهريا، ما يعادل 120 مليار جنيه سنوياً. كما أن المواطنين يواجهون صعوبات مع الهيئات الحكومية التي تقدم لهم الخدمات الأساسية حيث يتم فرض غرامات إضافية تصل إلى 7% على كل تأخير في سداد فواتير الكهرباء، مما يزيد من الأعباء المالية.

وتجدر الإشارة إلى ما صرح به المستشار الاقتصادي أحمد خزيم حيث أشار إلى أن السياسات الاقتصادية المتبعة منذ نهاية نوفمبر 2016 ومنذ بداية العلاقة مع صندوق النقد الدولي تهدف إلى الجباية وليس التنمية.

وقد أسفرت هذه السياسات عن عواقب وخيمة على الاقتصاد المصري منها زيادة الديون والعجز في الإنفاق العام وارتفاع الأسعار، مما أثر سلبا على الطبقة الوسطى التي تعاني بشدة.

ولإخراج مصر من دوامة الأزمات الاقتصادية، يبرز الحل في التوجه نحو التنمية المستدامة بدلاً من الاعتماد على الجباية. فمثلاً، يمكن تحقيق عوائد كبيرة من قناة السويس عبر إنشاء مناطق لوجستية تزيد من إيراداتها إلى 40 مليار دولار بدلاً من 7 مليارات فقط.

كما يمكن الاستفادة من الأراضي الصحراوية الشاسعة عبر مشروعات إنتاجية تعود بالنفع على الشباب المصري، دون الحاجة إلى بيع المصانع والأصول لسداد الديون.

لكن تبقى المشكلة الرئيسية هي أن الحكومة الحالية تواصل استخدام نفس الأساليب التي قادتها إلى هذه الأزمات ولا تريد أن تفكر خارج الصندوق أو تبحث عن حلول مبتكرة.

في الوقت الذي يُتوقع من الحكومة إيجاد حلول تنموية، نجدها تتبع سياسة محاسبة كل وزارة على حجم الإيرادات المحصلة بدلًا من قياس النجاح في تحقيق التنمية الحقيقية.

يؤدي ذلك إلى وضع المواطن في موقف صعب حيث لم يعد يُنظر إليه كعنصر أساسي في تحقيق التنمية بل كوسيلة لجمع الإيرادات.

وبذلك تُغلق الأبواب أمام أي أمل في تحسين الوضع الاقتصادي، ويستمر المواطن في مواجهة المزيد من الأعباء المتزايدة مع استمرار الحكومة في ترحيل الأزمات إلى ما بعد.

تبدو الصورة قاتمة لمستقبل الاقتصاد المصري في ظل هذه السياسات الفاشلة والاعتماد على الجباية، في وقتٍ ينبغي فيه أن يكون التركيز على تقديم الدعم للمواطنين وتنمية الاقتصاد بشكل مستدام.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى