تقاريرمصر

مصر تتورط في استقبال سفينة أسلحة إسرائيلية وسط نفي حكومي متواصل واحتجاج شعبي

في تطور مثير للجدل وموجة غضب متزايدة بين المواطنين والمغردين، كشفت تقارير استقصائية عن وصول سفينة إسرائيلية تحمل مواد متفجرة إلى ميناء الإسكندرية، في خطوة أثارت الجدل حول مدى تورط الحكومة المصرية في تسهيل هذا الأمر وتجاهلها للتحذيرات الدولية.

السفينة التي تحمل اسم “كاثرين” وتحت علم ألمانيا، تم الكشف عن أنها تنقل شحنة خطيرة من المواد العسكرية إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي بعد رفض عدة دول استقبالها، ما يفتح الباب أمام تساؤلات جريئة حول مدى تورط السلطات المصرية في تسهيل نقل الأسلحة إلى الكيان الإسرائيلي.

ورغم النفي الرسمي القاطع من الأجهزة الحكومية المصرية، إلا أن الأدلة تشير إلى عكس ذلك، وسط سخط شعبي عارم ومطالبات بمحاسبة المسؤولين عن هذا “الانتهاك” الخطير للأمن القومي المصري، وفساد الجهات المعنية التي سمحت بعبور هذه الشحنة إلى الأراضي المصرية.

الحكومة المصرية تتنصل من المسؤولية

أجهزة الدولة المختلفة سارعت إلى نفي الخبر جملة وتفصيلًا بعد انتشار التقارير الأولية حول رسو السفينة في ميناء الإسكندرية. البداية كانت من خلال تصريح مصدر مطلع لأحد القنوات التليفزيونية المحلية، أكد فيه أن السفينة “كاثرين” لم تصل إلى الميناء، مدعيًا أن هذه الأخبار مجرد “إشاعات مغرضة” تهدف إلى تشويه سمعة الدولة.

ولم يتأخر الرد الرسمي من المتحدث العسكري الذي أصدر بيانًا ينفي بشكل قاطع هذه الأنباء، متبوعًا ببيان مماثل من وزارة النقل، وكأن الجميع متفق على التنصل من المسؤولية.

لكن تلاحق الأحداث وتضارب التصريحات مع الحقائق على الأرض أثار الريبة حول مدى صحة تلك التصريحات الحكومية.

فالبيانات الرسمية لم تقدم أي دلائل واضحة تدحض المعلومات التي تم تداولها، ولم توضح الآليات التي تتبعها الدولة للتحقق من طبيعة الشحنات التي تصل إلى الموانئ المصرية، مما فتح الباب أمام اتهامات بالفساد والتواطؤ.

الحقيقة المرة: تتبع السفينة يكشف تورطًا واضحًا

التقارير الاستقصائية التي قادتها منصات متخصصة مثل “إيكاد” وتحقيقات منظمة العفو الدولية، أكدت أن السفينة “كاثرين” بالفعل رست في ميناء الإسكندرية في الساعات الأولى من يوم الإثنين 28 أكتوبر.

وتبين من تتبع مسار السفينة عبر الأقمار الصناعية أنها كانت ترفع علم البرتغال في البداية قبل أن تغيّره إلى العلم الألماني أثناء اقترابها من الميناء.

هذا التحايل في الأعلام كشف عن محاولة السفينة التهرب من العقوبات أو الملاحقة القانونية، حيث كانت قد رفضت عدة دول استقبالها، بما في ذلك مالطا وناميبيا.

كما أظهرت التحقيقات أن السفينة كانت تنقل مواد عسكرية خطيرة إلى إسرائيل، تشمل متفجرات ومواد خام لصناعة الأسلحة، وهي شحنة رفضت سلطات الدول المذكورة استقبالها خوفًا من التورط في جريمة نقل أسلحة إلى دولة الاحتلال.

ووفقًا لتقرير موقع MarineTraffic، فقد تم تسجيل السفينة برقم 9570620، وجرى توثيق مسارها بوضوح مما يثبت أنها رست بالفعل في الإسكندرية تحت غطاء قانوني قدمته شركة مصرية.

من يقف وراء هذا الفساد؟

المفاجأة الكبيرة كانت في هوية الشركة التي تولت استقبال السفينة في الميناء. التقارير أكدت أن شركة “إيمكو”، التي تديرها سيدة الأعمال رندا فاروق عبدالله، هي التي حصلت على التوكيل الملاحي للسفينة “كاثرين”.

هذه السيدة ليست شخصية عادية، فهي ابنة المقدم فاروق عبدالله، الرائد البحري السابق بهيئة قناة السويس. علاقتها المتشابكة بالنفوذ العسكري والاقتصادي في مصر جعلت الأمر يبدو وكأنه حلقة جديدة من الفساد الذي يتغلغل في المؤسسات الحكومية.

ووفقًا للتقارير، فإن الشركة العربية للخدمات المتكاملة “إيمكو” تمكنت من الحصول على تصاريح دخول السفينة إلى ميناء الإسكندرية قبل 3 أسابيع من وصولها، وتحديدًا في يوم 10 أكتوبر.

هذه التصاريح تم إصدارها رغم معرفة السلطات بأن السفينة تحمل شحنة خطيرة من المتفجرات، وهو ما يثير أسئلة حول من أعطى الأوامر ومن يستفيد من هذه الصفقة المشبوهة.

موانئ العالم ترفض .. ومصر تستقبل

الجانب الأكثر إثارة في هذه القصة هو أن السفينة “كاثرين” رفضتها عدة دول حول العالم قبل أن تجد ملاذًا آمنًا في ميناء الإسكندرية. ففي سبتمبر الماضي، رفضت مالطا طلبًا من السفينة للرسو والتزود بالمؤن وتغيير الطاقم.

كما منعت ناميبيا استقبالها خوفًا من الملاحقة القانونية أو المساهمة في دعم آلة الحرب الإسرائيلية. ومع هذا الرفض المتكرر، كان السؤال الذي طرحه الجميع: كيف تقبل مصر بما رفضته دول أخرى؟ ولماذا يصر ميناء الإسكندرية على استقبال شحنات مشبوهة كهذه؟

طريقها إلى إسرائيل

منظمة حركة مقاطعة إسرائيل “BDS” أصدرت بيانًا أكدت فيه أن السفينة فرغت حمولتها في ميناء الإسكندرية، وأنها في طريقها بعد ذلك إلى ميناء أشدود الإسرائيلي، ما يعني أن مصر قد تورطت بشكل مباشر في دعم جيش الاحتلال الذي يستخدم هذه المتفجرات ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني.

هذا التحرك من قبل السلطات المصرية يعتبر انعطافة خطيرة وغير مبررة في مسار هذه السفينة، خاصة بعد رفض عدة دول استقبالها، في حين فتحت مصر أبوابها لها وكأنها شريكة في هذه الجريمة.

هل يستمر النفي أم يظهر الفساد؟

في ظل هذا الكم الهائل من الأدلة التي تكشف عن تواطؤ الحكومة المصرية وبعض الشخصيات النافذة في استقبال السفينة، يبدو أن النفي الرسمي الذي صدر حتى الآن لن يصمد طويلًا أمام غضب الشارع المصري.

فالجمهور والمغردون على وسائل التواصل الاجتماعي بدأوا في شن حملات تطالب بمحاسبة المسؤولين عن هذه الصفقة المشبوهة والكشف عن أبعادها الحقيقية.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى