تقاريرحوادث وقضايا

الانفلات الأمني والفساد يطيحان بأسيوط: تقاعس مباحث ثان أسيوط يهدد الأرواح

أكد العديد من المواطنين في أسيوط على أن الوضع الأمني في منطقة دائرة قسم شرطة ثان أسيوط قد بلغ مرحلة كارثية ومستوى خطيرًا من الانفلات والفساد.

حيث أصبح قسم شرطة ثان أسيوط، والذي من المفترض أن يكون درع الأمان للمواطنين، بؤرة للفساد والانفلات الأمني. تتزايد مظاهر الجريمة من قتل وسرقة بشكل يومي، مما يثير القلق في نفوس الأهالي

فقد شهدت المنطقة في الأشهر الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في ظواهر البلطجة وتعاطي المخدرات والدعارة في مناطق مثل الوليدية ونزلة عبداللاه والحمراء وشارع عزت جلال وتحت كوبري شارع الهلالي.

فالأمور لم تعد تحت السيطرة، والأصوات التي كانت تطالب بالعدل والإنصاف باتت تعلو بشكل ملحوظ. وهذه المناطق، التي كانت يومًا ما هادئة، أصبحت مرتعًا للجرائم، مما أثار تساؤلات حول فعالية الشرطة وتفشي الفساد داخل الأجهزة الأمنية.

غياب الأمن وانتشار الجرائم

تشير تقارير عدة إلى أن تجارة المخدرات قد توسعت بشكل مقلق، حيث تُعرض أصناف جديدة منها كالأستروكس والفودو، وهي أنواع أصبحت أكثر انتشارًا بين الشباب، مقارنة بالمخدرات التقليدية مثل الحشيش والترامادول.

على الرغم من الحملات الإعلامية التي تدعي وحدة مباحث قسم شرطة ثان أسيوط أنها حققت فيها نجاحات من خلال القبض على تجار المخدرات، إلا أن المواطنين يرون أن هذه الحملات مجرد وهم.

وفي هذا السياق، أشار “م. ع.”، أحد سكان حي الوليدية، إلى أن المخدرات أصبحت منتشرة بشكل يهدد مستقبل الشباب. حيث قال: “لا يكاد يمر يوم دون أن أرى شباب الحي يتعاطون المخدرات علناً، ولا أرى أي تحرك من رجال الشرطة”. ومن الواضح أن هذه الظاهرة لم تعد مجرد حالات فردية، بل أصبحت ظاهرة اجتماعية تفرض نفسها على المجتمع.

وأضاف “م. ح.”، أحد سكان الوليدية، قائلاً: “لم يعد هناك أي أمان في الشارع. كل يوم نسمع عن سرقات أو اعتداءات. الشرطة لا تحرك ساكنًا.”

بدوره، أكد “أ. م.”، مختص في علم الاجتماع، على أن الوضع الأمني المتردي يعكس حالة من الإحباط واليأس بين الشباب.

حيث أضاف: “الشباب يعيشون في بيئة ملوثة بالمخدرات والجريمة، مما يدفعهم إلى الانحراف”. فالأمن الذي كان يعتبر خط الدفاع الأول عن المجتمع بات جزءاً من المشكلة بدلاً من كونه جزءاً من الحل.

كما تطرق التحقيق إلى الوضع داخل قسم شرطة ثان أسيوط، حيث أظهرت التقارير أن الفساد قد تسرب إلى أعماق أجهزة الشرطة. فتساؤلات كثيرة تُطرح حول دور الضباط في السماح بتجارة المخدرات وتجاوزهم عن جرائم فظيعة. هناك شهادات تتحدث عن تلقي بعض الضباط رشاوى مقابل غض النظر عن الأنشطة غير القانونية.

وصرّح “ع. م.”، خبير قانوني، بأن “الأمن يجب أن يكون أكثر فاعلية في التعامل مع هذه الجرائم بدلاً من استخدام الضغوط الإعلامية.”

الفساد الأمني

المأساة الكبرى تتمثل في أن الفساد قد تسلل إلى قلب الأجهزة الأمنية. ويبدو أن بعض ضباط قسم شرطة ثان أسيوط، الذين ينبغي أن يكونوا حماة المواطنين، يتورطون في الأنشطة غير القانونية.

إذ يُذكر أن بعضهم يتلقون رشاوى لتسهيل أعمال تجارة المخدرات، مما يؤكد تواطؤهم في الفساد الذي يهدد سلامة المجتمع.

تتحدث “م. س.”، ناشطة حقوقية، عن هذا الوضع بقولها: “إن غياب الرقابة الفعالة سمح بانتشار هذه الجرائم بشكل علني. رجال الشرطة يفرضون إتاوات على المحلات التجارية مقابل حماية وهمية.”

وفي حديثه، قال “م. ع.”، أحد العاملين في إحدى المحلات التجارية في الحي، إن هناك ضغوطاً كبيرة تُمارس من بعض أمناء الشرطة. حيث أوضح: “يتطلبون منا دفع إتاوات مقابل الحماية، وفي حال رفضنا، يتعرض متجرنا للاعتداء”. الأمر الذي يعكس مدى الانحلال الأخلاقي داخل المؤسسة الأمنية.

وأضاف “أ. س.”، محامي ومهتم بحقوق الإنسان، أن التجاوزات الأمنية لا تتوقف عند هذا الحد. حيث قال: “الشكاوى تتزايد حول تعرض المواطنين للظلم بسبب تلفيق التهم لهم من قبل الشرطة، بينما تُركُ الأمور الحقيقية التي تحتاج للمعالجة دون أي تدخل”. فهذه السلوكيات تُعزز من بيئة الفساد التي تنتشر في أروقة قسم الشرطة.

لم يعد الأمن مجرد مفهوم، بل تحول إلى شعور غائب عن حياة المواطنين. ففي الآونة الأخيرة، تزايدت عمليات النشل والسرقة بشكل كبير، حيث أصبحت الدراجات البخارية هدفاً سهلاً للجناة، دون أي تدخل جدي من قبل الشرطة. وتعكس هذه الوضعية حالة الفوضى التي تعيشها أسيوط.

تفشي المخدرات

أما عن المخدرات، فإن الوضع أكثر خطورة. حيث انتشرت أصناف جديدة مثل “الأستروكس” و”الفودو” بين الشباب، مما يزيد من تحديات المجتمع. هذه المخدرات، التي تعد أرخص وأسهل من الأنواع التقليدية مثل الحشيش، أصبحت تشكل تهديداً حقيقياً لصحة الشباب ومستقبلهم.

التحذيرات حول المخدرات الجديدة مثل الأستروكس والفودو تتزايد. يقول محمد زكي، صيدلي، إن “هذين العقارين يهددان حياة الشباب بشكل كبير، وللأسف، لم يتم إدراجهم ضمن قائمة المخدرات المحظورة حتى الآن.” ورغم محاولات وزارة الصحة، يبدو أن تلك الجهود لا تزال غير كافية لمواجهة هذه الظاهرة.

المخدرات الجديدة تُستخدم بسهولة وتُعطى للشباب بأسعار منخفضة، مما يزيد من إمكانية إدمانهم. وصرّح م. م.، كيميائي، بأن “الأستروكس هو النسخة الأكثر تطورًا من الفودو، ويُستخدم في صناعة الأدوية بطريقة غير قانونية.”

وحذر “م. ج.”، كيميائي، من خطورة هذه المخدرات. حيث قال: “تحتوي هذه الأنواع على مواد كيميائية تسبب تدمير خلايا الدماغ، مما يؤدي إلى انهيار كامل في الجهاز العصبي”. هذا الأمر يجعل الوضع في أسيوط أكثر تعقيداً، خاصة مع غياب الرقابة الفعالة من الشرطة.

كما يشير المصدر المسؤول من وزارة الصحة، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إلى أن هذه الظواهر تؤدي إلى تفشي الأمراض النفسية والبدنية بين الشباب. حيث قال: “الشباب في أسيوط يتعرضون لضغوط نفسية هائلة نتيجة انتشار المخدرات، وهذا الأمر ينعكس سلباً على صحتهم”.

الإنفلات الأمني في دائرة قسم شرطة ثان أسيوط ودعوات للتغيير

ويظهر جلياً أن المواطنين في أسيوط قد فقدوا الأمل في الأمان والعدل. فالتقارير اليومية عن الجرائم والانتهاكات تعكس حالة من القلق العميق. ومن الواضح أن الفساد قد بلغ مداه داخل قسم شرطة ثان أسيوط، مما يستدعي تدخلاً عاجلاً لتغيير الطاقم المسؤول.

وفي ظل هذا الوضع المتردي، أصبحت الدعوات للتغيير تتعالى من قبل المواطنين والمختصين في مجال القانون وحقوق الإنسان. تقول “م. ر.”، محامية: “نحتاج إلى تحقيق شامل وشفاف حول ما يحدث في قسم شرطة ثان أسيوط. لا يمكننا الاستمرار في هذا الوضع المأساوي.”

وتتصاعد الأصوات المطالبة بتغيير شامل في طاقم مباحث قسم شرطة ثان أسيوط. فالأهالي يريدون أن يروا خطوات جادة وفعالة لمكافحة الفساد والانفلات الأمني الذي بات يهدد حياتهم. إن الإصرار على محاسبة المتورطين في الفساد وتقديمهم للعدالة هو السبيل الوحيد لاستعادة الأمن في أسيوط.

جهود المواطنين

تزايد الغضب بين المواطنين بسبب الوضع الأمني المتدهور، إذ أصبحت الكاميرات التي يضعها المواطنون في الشوارع توثق عمليات بيع وتعاطي المخدرات بشكل علني.

ويشير “س. ع.”، أحد سكان الوليدية، إلى أنه “في كل زاوية من زوايا الشارع، هناك من يبيع المخدرات تحت أنظار الشرطة.”

أسيوط على شفا الانفجار: الأمن يتحول إلى جزء من الفساد في ظل تواطؤ خطير

لذا، فإن هذه الرسالة يجب أن تصل إلى أصحاب القرار، فالوضع في أسيوط لم يعد يحتمل التأجيل ويمثل قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي لحظة إذا استمر هذا التواطؤ والفساد.

الأمن، الذي ينبغي أن يكون ضامنًا لسلامة المواطنين، أصبح جزءًا من المشكلة بدلاً من أن يكون جزءًا من الحل. من الضروري أن تتخذ السلطات إجراءات حاسمة لمكافحة هذا الفساد وتعزيز الأمن من أجل مستقبل أفضل للمدينة ولشبابها وإعادة الثقة للمواطنين بأن هناك من يحميهم من شبح الجريمة والفساد.

المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى