فؤاد باشا سراج الدين: علامة فارقة في تاريخ مصر السياسي والاجتماعي
في قلب التاريخ المصري الحديث، تبرز شخصية فؤاد باشا سراج الدين، الذي وُلد في 2 نوفمبر 1911 في قرية كفر الجرايدة، مركز بيلا بمحافظة كفر الشيخ.
وينتمي فؤاد باشا إلى عائلة ذات تاريخ سياسي مرموق، فهو ابن سراج الدين شاهين باشا، وزوج زكية البدراوي كريمة البدراوي باشا. وقد عاش فؤاد باشا حتى بلغ 90 عامًا، حيث توفي في 9 أغسطس 2000، تاركًا إرثًا سياسيًا واجتماعيًا عميقًا.
تلقى فؤاد باشا تعليمه في جامعة القاهرة، حيث حصل على ليسانس الحقوق عام 1930. وبدأ مسيرته المهنية وكيلًا للنائب العام، ثم محاميًا بين عامي 1930 و1935، ليخطو بعد ذلك خطوة مهمة في عالم السياسة بالانضمام إلى الهيئة الوفدية عام 1935.
وبحلول عام 1936، أصبح عضوًا في الهيئة البرلمانية، ومن ثم انضم للوفد المصري عام 1946، حيث تولى منصب السكرتير العام للوفد في عام 1949.
ولم يتوقف نشاطه عند هذا الحد، إذ عُيّن وزيرًا للزراعة في 31 مارس 1942، ليواصل تألقه بتولي وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الداخلية في يوليو من نفس العام.
وفي عام 1946، قاد المعارضة الوفدية في مجلس الشيوخ، قبل أن يتقلد منصب وزير المواصلات في يوليو 1949 في حكومة حسين سرى الائتلافية.
كما تولى وزارة الداخلية مرة أخرى في 12 يناير 1950، حيث تم إضافة وزارة المالية إلى مهامه في نوفمبر من نفس العام.
واجه فؤاد باشا مصاعب كثيرة خلال مسيرته، إذ تم اعتقاله في يناير 1953 لمدة ثمانية أشهر في السجن الحربي. وعقب محاكمته أمام محكمة الثورة في يناير 1954، حُكم عليه بالسجن لمدة 15 سنة في مارس من نفس العام، ولكنه أُفرج عنه بعد عامين.
وفي أكتوبر 1961، تعرض للاعتقال مرة أخرى لمدة خمسة أشهر في سجن القناطر الخيرية، وأمضى أسبوعًا في السجن الحربي في نوفمبر 1965.
على الرغم من التحديات التي واجهته، كان لفؤاد باشا دور بارز في إعادة حزب الوفد الجديد للحياة السياسية في عام 1978، بعد السماح بتشكيل أحزاب سياسية جديدة في مصر. استمر في قيادة الحزب حتى وفاته في عام 2000، مما جعله رمزًا للنضال السياسي في البلاد.
إلى جانب نشاطه السياسي، كان لفؤاد باشا تأثير كبير في مجالات أخرى، حيث تم اختياره وكيلًا للنادي الأهلي في الأربعينيات، ليصبح فيما بعد رئيسًا شرفيًا للنادي مدى الحياة.
كما تولى رئاسة اتحاد كرة القدم، وشارك في إصدار عدد من القوانين الهامة مثل قانون العمال وقانون النقابات العمالية وقانون عقد العمل الفردي وقانون الضمان الاجتماعي.
كذلك، كان له دور في صياغة قانون تنظيم هيئات الشرطة وقانون الكسب غير المشروع، وقد أطلق فكرة مجانية التعليم التي أثرت بشكل كبير على النظام التعليمي في مصر.
تجسد مسيرة فؤاد باشا سراج الدين مزيجًا فريدًا من السياسة والاجتماع، حيث ترك بصمة لا تُمحى في تاريخ مصر الحديث.
كانت رؤيته للمستقبل واضحة، إذ سعى دائمًا إلى تحسين ظروف المواطنين المصريين وتعزيز الديمقراطية في بلاده. لقد كان شخصية تتسم بالشجاعة والالتزام، مما جعل منه رمزًا للنضال والتغيير.
ختامًا، يُعتبر فؤاد باشا سراج الدين مثالًا يُحتذى به في الحياة العامة والسياسية، حيث تمثل قصته ملامح من تاريخ مصر الغني، وتجسد التحديات والانتصارات التي مر بها الشعب المصري في سعيه نحو مستقبل أفضل. إرثه يستمر في التأثير على الأجيال الجديدة، مستلهمًا من تجاربه ورؤاه.