رؤية في المستقبل: الاستقرار في مواجهة الفوضى – كامالا هاريس والرهان على دعم مؤسسات الحكم الفاعلة
في مرحلة دقيقة من التاريخ السياسي للولايات المتحدة، تبرز أهمية القيادة القادرة على التوازن بين المصالح الوطنية والتحديات العالمية.
كامالا هاريس، بصفتها نائبة الرئيس ومرشحة ديمقراطية، تقدم نموذجًا يتسم بالتوافق مع مؤسسات الحكم الأمنية والعسكرية التي تؤثر بشكل غير مباشر في صناعة القرار.
تُعتبر هاريس جزءًا من المؤسسة السياسية التقليدية، مما يجعلها خيارًا مقبولًا بالنسبة للبيروقراطية الحكومية وشبكات النفوذ في الدولة، وغالبًا ما يُشار إلى هذا التأثير بمصطلح “الدولة العميقة”.
بالنسبة لهذه الشبكات المعقدة والتي تشمل الأجهزة الأمنية والعسكرية والاستخباراتية، فإن التعاون والتوافق بين القيادة السياسية ومؤسسات الحكم يعدان أمرًا حيويًا ذات ضرورة ملحة، خاصة في تقاطع التوقيت وفي ظل التحديات المتزايدة على الساحة الدولية.
تعتبر الملفات المفتوحة على مستوى الأمن القومي الأمريكي، سواء في الشرق الأوسط وشمال أوروبا وجنوبها أو في منطقة الخليج وإيران وكذلك أفريقيا.
بمثابة نقاط ضغط تتطلب قيادة حكيمة ومستعدة للتعامل مع تعقيدات السياسة الدولية. هذا السياق يجعل الولايات المتحدة بحاجة إلى قيادة تتمتع بالقدرة على التنفيد بدون ضجيج استراتيجيات فعالة ومستقرة للتعامل مع الحلفاء والشركاء الدوليين، حيث يتطلب الوضع الحالي تعاونًا غير مسبوق وتركيزًا على الأمن والاستقرار.
هنا، تُظهر كامالا هاريس مؤهلات تنفيذية تجعلها أكثر توافقًا مع التوجهات الاستراتيجية التي تفضلها المؤسسات الأمنية.
دونالد ترامب، بدوره، كان يمثل شخصية جدلية خلال فترة رئاسته بسبب مواقفه الحادة وانتقاداته العلنية للمؤسسات الحيوية، وخاصة الاستخباراتية والعسكرية، التي اعتبرها أحياناً عائقاً أمام تنفيذ سياساته.
وقد أشار ترامب إلى وجود “دولة عميقة” تعمل على إضعاف إدارته، مما خلق حالة من التوتر والابتعاد بينه وبين المؤسسات التقليدية للدولة ومراكز الحكم.
هذا التوتر يجعل من عودته إلى الرئاسة أمراً يبدو صعباً إن لم يكن شبه مستحيل، ويثير مخاوف كبيرة لدى صناع القرار ومهندسي الاستراتيجيات، خاصة في الدوائر التقليدية التي قد تتعرض للارتباك في حال فوزه.
هذه الدوائر تعتبر اتباع نهج متوازن ومدروس، خصوصاً في السنتين المقبلتين، أمراً بالغ الحساسية وعنصراً حاسماً للحفاظ على الاستقرار والسلم والتقدم.
يميل التاريخ السياسي الأمريكي إلى إظهار أن المرشحين المتعاونين مع المؤسسات الرسمية يجدون دعمًا غير مباشر من شبكات النفوذ، مما يسهل حملتهم ويدعم موقفهم بين الناخبين، خصوصًا في الولايات المتأرجحة التي تتطلب توجهًا متزنًا.
في هذا السياق، يعزز التوافق بين كامالا هاريس والمؤسسات الحكومية من فرصها في كسب تأييد واسع، ويفتح لها قنوات دعم داخلية، قد تكون خفية، ولكنها فعالة في تعزيز موقفها السياسي.
المرحلة الراهنة تتطلب قيادة تفهم متطلبات الأمن الدولي، وتتعامل بحذر مع التحديات المستمرة في أوروبا والخليج وإيران وأفريقيا تلك الملفات المفتوحة تُلزم الولايات المتحدة بالحفاظ على التزاماتها تجاه الحلفاء الجدد والدفاع عن مصالحها بطريقة منظمة، وهذا ما يبدو لي شخصيا أن هاريس مؤهلة لتحقيقه، إذ إنها تركز على التعاون المؤسسي والتوافق الدبلوماسي.
على العكس، قد يؤدي انتخاب ترامب إلى إعادة نفس التوترات التي شابت فترته الأولى، وهو ما يمكن أن يعتبره البعض عودة إلى حالة من عدم الاستقرار المؤسسي وهذا النهج ممنوع.
في النهاية، هاريس تمتلك تأييد وفرصًا كبيرة للحصول على قبول ودعم غير مباشر من مؤسسات الحكم الحقيقية، ما قد يتيح لها الفوز بفارق كبير واضح وصريح.
مما سيجعل فوز هاريس بفارق مقنع، استجابةً لمتطلبات الأمن القومي والتعاون الدولي في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ امريكا الدولة الديمقراطية العظيمة.