انفلات أمني خطير: جثة مجهولة الهوية والجرائم تغزو أسيوط في ظل تقاعس الشرطة
تشهد مدينة أسيوط انفلاتًا أمنيًا خطيرًا يزداد يومًا بعد يوم في ظل تقاعس مباحث قسم شرطة ثان أسيوط بشكل صارخ، حيث أضحت الجرائم بمختلف أنواعها، من قتل وسرقة واعتداءات، تنتشر بشكل غير مسبوق داخل نطاق هذا القسم الذي يبدو وكأنه فقد السيطرة تمامًا على زمام الأمور.
في حادثة مروعة تضاف إلى سجل الفوضى والانفلات الأمني في المدينة، تم العثور على جثة شاب مجهول الهوية مقتولًا بجوار سور جامعة الأزهر في منطقة الوليدية، الواقعة ضمن دائرة قسم شرطة ثان أسيوط. هذا المشهد المرعب لم يكن سوى تأكيد جديد على أن الأمن في أسيوط قد تلاشى إلى حدٍ كبير.
الغريب أن جثة هذا الشاب المجهول ظلت مرمية دون أن يتم الكشف عن تفاصيل الحادثة أو الوصول إلى أي معلومات عن الجناة، وكأنما أرواح الناس باتت رخيصة أمام أعين المسؤولين في الشرطة.
تدهور الأوضاع الأمنية في أسيوط: اغتيال اللواء محمد محسن بداري يثير الرعب
الأخطر من ذلك، أن هذه الحادثة وقعت بعد أقل من خمسة أيام فقط على جريمة قتل أخرى هزت المدينة، حين تم اغتيال اللواء محمد محسن بداري، ضابط الشرطة السابق وزوجتة بدم بارد.
تلك الجريمة البشعة أثارت الرعب والهلع بين الأهالي الذين لم يجدوا من يحميهم أو يطمئنهم وسط هذا الانفلات الذي يزداد سوءًا.
كان من المتوقع أن تتحرك مباحث قسم شرطة ثان أسيوط بشكل عاجل لاحتواء الموقف ومعالجة الكارثة الأمنية، ولكن على العكس تمامًا، يبدو أن الجهاز الأمني في حالة من الشلل التام والعجز عن القيام بدوره الأساسي في حماية أرواح المواطنين.
ووسط هذا التخبط والفوضى الأمنية، جاء التدخل الحاسم من اللواء محمود توفيق، وزير الداخلية، الذي أدرك خطورة الوضع وأصدر توجيهات بتشكيل فريق بحث جنائي من مديرية أمن أسيوط، بإشراف اللواء وائل نصار، مدير أمن أسيوط، وبرئاسة اللواء محمود عزت، مدير المباحث الجنائية بالمديرية.
هذا الفريق لم يكن أمامه خيار سوى التصدي للحالة الأمنية المتردية التي تعيشها المدينة، والبدء في التحقيقات العاجلة في حادثتي القتل.
وبالرغم من الجهود التي بذلها فريق البحث الجنائي في مديرية أمن أسيوط، والتي أثمرت في النهاية عن تحديد الجناة وتقديمهم للعدالة، إلا أن الأمر يكشف عن أزمة أعمق بكثير في منظومة الأمن داخل دائرة قسم شرطة ثان أسيوط.
تفشي الجريمة والإهمال الأمني
فالجريمة لا تقتصر على حالات فردية، بل هي جزء من نمط متكرر ومستمر من التقاعس والإهمال الواضح، الذي سمح بانتشار الجرائم والعنف بشكل مقلق. هذه الحوادث ليست سوى القمة الظاهرة لجبل الجليد.
فهناك العديد من الجرائم الأخرى التي لا يتم الإبلاغ عنها أو يتم تجاهلها من قبل الشرطة، مثل السرقات اليومية والاعتداءات المتكررة، والتي يعاني منها المواطنون بشكل مستمر.
حالة الانفلات الأمني جعلت الأهالي يشعرون بالعجز والخوف على أنفسهم وأسرهم، في ظل غياب الحماية الفعالة من قبل الأجهزة الأمنية التي من المفترض أن تكون الدرع الواقي لهم. الوضع الأمني المتدهور في أسيوط يكشف بوضوح عن فشل قسم شرطة ثان أسيوط في القيام بدوره الحيوي.
تساؤلات حول فشل الأجهزة الأمنية في أسيوط وانهيار الثقة بين المواطنين والشرطة
بينما ينتظر المواطنون تدخلًا فعالًا وسريعًا من قبل الشرطة، نجد أن التجاوب بطيء جدًا، إن لم يكن منعدمًا في بعض الحالات، مما يعطي انطباعًا بأن حياة المواطنين وممتلكاتهم ليست ذات أولوية. وهذا الأمر يطرح تساؤلات ملحة حول دور المباحث في تأمين المدينة وحماية المواطنين.
هل أصبحت الأجهزة الأمنية عاجزة تمامًا عن القيام بدورها؟ أم أن هناك تراخيًا متعمدًا يسمح بتفاقم الأمور وتركها تصل إلى هذا المستوى الكارثي؟ الأمر لا يتوقف عند حد القتل والسرقة، بل تجاوز إلى انهيار الثقة بين الأهالي والشرطة. كثيرون في أسيوط باتوا ينظرون إلى الأجهزة الأمنية على أنها جزء من المشكلة وليست الحل،
خاصة في ظل انتشار الشائعات حول فساد بعض الأفراد وتورطهم في علاقات مشبوهة مع العناصر الإجرامية التي تسيطر على المدينة في ظل هذا الانفلات الأمني.
الفساد المتفشي في بعض أقسام الشرطة جعل المجرمين يشعرون بأنهم في مأمن من المحاسبة، وكأن المدينة أصبحت مسرحًا لهم ليفعلوا ما يشاؤون دون أي خوف من الملاحقة القانونية.
هذا التواطؤ غير المعلن بين بعض العناصر الفاسدة والعصابات الإجرامية يزيد من تفاقم الأزمة الأمنية التي تعصف بأسيوط وتزيد من معاناة الأهالي.
والسؤال الذي يفرض نفسه الآن: إلى متى سيظل هذا الوضع الكارثي قائمًا؟ هل سيستمر مسلسل التقاعس الأمني والفساد؟
أم أن هناك بارقة أمل في إصلاح هذه المنظومة المتهاوية وإعادة فرض هيبة القانون في المدينة؟ من الواضح أن أسيوط بحاجة إلى تدخلات عاجلة وجذرية لإصلاح الخلل في جهاز الأمن.
يجب أن يتم استئصال العناصر الفاسدة والمقصرة، وتدعيم الأجهزة الأمنية بعناصر كفؤة وقادرة على التصدي للجرائم بكافة أنواعها.
كما ينبغي إعادة بناء الثقة بين الشرطة والأهالي من خلال تفعيل دوريات أمنية حقيقية، والتحقيق بشفافية في كل حادثة جنائية، وعدم التستر على المجرمين أيا كانوا.
الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر. الفوضى الأمنية التي تجتاح أسيوط لا تهدد فقط أمن وسلامة الأهالي، بل تهدد أيضًا استقرار المدينة ومستقبلها.
لذلك، يجب أن يكون هناك تحرك جاد من قبل الجهات المعنية لإعادة الأمور إلى نصابها قبل أن تتحول المدينة إلى ساحة مفتوحة للجريمة والفوضى. المواطنون في أسيوط ينتظرون بفارغ الصبر يومًا يتغير فيه هذا الواقع المرير.
يومًا تُستعاد فيه هيبة الدولة ويعود الأمن والأمان إلى شوارعهم ومنازلهم. أما إلى حين حدوث ذلك، فإن كل يوم يمر دون تدخل حاسم هو يوم آخر يعاني فيه المواطنون من الخوف والقلق.
مواضيع ذات صلة