مصر تكشف عن موقفها الصارم ضد ميليشيات الدعم السريع في السودان وتحذر من قتل المدنيين
وسط أجواء متوترة تتزايد فيها الانتهاكات ضد المدنيين بالسودان، خرجت وزارة الخارجية المصرية ببيان حازم أدانت فيه اعتداءات ميليشيا الدعم السريع التي اجتاحت شرق ولاية الجزيرة بالسودان مؤخراً
هذا الاعتداء السافر أدى إلى تهجير الآلاف من منازلهم ودفع بموجة جديدة من النزوح الجماعي في منطقة يعاني سكانها أصلاً من أوضاع إنسانية متدهورة ووجهت مصر رسالة قوية للعالم بأن مثل هذه الأفعال لن تمر مرور الكرام بل ستواجه بإجراءات صارمة وتحركات دبلوماسية لوقف هذه الجرائم بحق المدنيين الأبرياء
لم يكن بيان الخارجية المصرية مجرد تنديد عابر بل جاء في سياق دولي وإقليمي أكثر تعقيداً حيث تتوالى التقارير المقلقة عن تصاعد العنف وانفلات الأمن في السودان بين الأطراف المتناحرة،
إذ تحولت مناطق كثيرة من السودان إلى ساحات للقتال الفوضوي المتزايد، وسط غياب شبه كامل لسلطة الدولة وسيادة القانون وهو ما يفتح الباب أمام كارثة إنسانية خطيرة تهدد استقرار المنطقة بأسرها
وزارة الخارجية المصرية وجهت تحذيراتها بشكل غير مباشر إلى القوى الداعمة لهذه الميليشيات، مشددة على أن مصر تراقب عن كثب تطورات الأحداث ولن تقف مكتوفة الأيدي أمام تهديدات مماثلة تمس أمن واستقرار السودان الجار المباشر الذي يرتبط مع مصر بعلاقات تاريخية وجغرافية عميقة
إن تلك العلاقات التي تشكل إحدى دعائم الأمن القومي المصري جعلت القاهرة تتحرك على أعلى المستويات لاحتواء الأزمة في السودان ومحاولة إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، لكن يبدو أن ميليشيا الدعم السريع لا تكترث لهذه التحذيرات بل تمضي قدماً في مخططاتها العبثية الهادفة إلى تقويض الاستقرار في المنطقة
إن ما يحدث في السودان الآن من تهجير وتشريد للآلاف نتيجة هذه الاعتداءات الوحشية يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته خصوصاً أن الأزمة السودانية لم تعد شأناً داخلياً بل تحولت إلى قضية أمن إقليمي ودولي تمس استقرار شمال وشرق أفريقيا بشكل مباشر
الأمر الذي جعل مصر تدق ناقوس الخطر أمام كل المنظمات الدولية والإقليمية منبهة إلى أن استمرار هذه الاعتداءات سوف يفتح الباب أمام سيناريوهات أكثر تدميراً قد تمتد آثارها إلى خارج حدود السودان
الخارجية المصرية طالبت المجتمع الدولي بالتدخل السريع والفوري للحد من هذه الانتهاكات التي ترتكبها ميليشيا الدعم السريع محذرة من مغبة تجاهل هذه الجرائم أو الاكتفاء بالإدانات الشكلية التي لا توقف حمام الدم المتواصل في السودان
فالمواقف الضعيفة والتردد الدولي هما ما شجع هذه الميليشيات على التمادي في ارتكاب الفظائع بحق المدنيين واستغلال حالة الفوضى لفرض سيطرتها على المزيد من الأراضي
لكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو إلى متى سيستمر الصمت الدولي إزاء هذه الممارسات غير الإنسانية وهل سينتظر العالم حتى تتحول هذه الأزمة إلى حرب شاملة تقضي على الأخضر واليابس في السودان وتنشر الفوضى في المنطقة بأسرها مصر ببيانها القوي لم تكتف بالإدانة
فحسب بل وضعت العالم أمام مسؤولياته إما التحرك السريع لوضع حد لهذه الانتهاكات أو تحمل النتائج الوخيمة التي قد تترتب على هذه الفوضى
الأوضاع الإنسانية في شرق ولاية الجزيرة تتدهور يوماً بعد يوم مع تزايد أعداد النازحين الذين تركوا منازلهم تحت وطأة الرعب والخوف من هجمات الميليشيات التي لا تتورع عن استخدام القوة المفرطة ضد المدنيين العزل ومنظمات الإغاثة الدولية تجد نفسها عاجزة عن مواكبة الأعداد المتزايدة من اللاجئين في ظل انعدام الأمن وتعقيد الوضع الميداني، مما ينذر بتفاقم أزمة إنسانية جديدة ستكون لها آثار بعيدة المدى على استقرار السودان والمنطقة المحيطة به
منذ اندلاع الأزمة في السودان ومصر تبذل جهوداً مكثفة على الساحة الدبلوماسية لمحاولة التوصل إلى حلول سلمية توقف هذا النزيف الدامي لكنها تواجه تحديات كبيرة مع تعنت الأطراف المتصارعة وعدم استجابتها للجهود الدولية والإقليمية المبذولة لتهدئة الوضع ويبدو أن الأوضاع الميدانية المتدهورة ستجبر دول المنطقة وفي مقدمتها مصر على اتخاذ خطوات أكثر جرأة للتعامل مع التهديدات المتزايدة لأمنها واستقرارها الداخلي
ما يزيد الأمور تعقيداً هو تورط أطراف خارجية في دعم وتمويل هذه الميليشيات مما يزيد من تعقيد الأزمة ويطيل أمدها ويزيد من معاناة الشعب السوداني ويفتح المجال أمام سيناريوهات مستقبلية كارثية لا يمكن التكهن بها لذلك فإن المجتمع الدولي اليوم مطالب بموقف أكثر صرامة وفعالية تجاه الأطراف التي تغذي هذه الفوضى وتدعم الميليشيات المتورطة في هذه الجرائم ضد الإنسانية
لقد أرسلت مصر من خلال بيانها الأخير رسالة واضحة إلى كل من يعنيه الأمر مفادها أن الاستمرار في دعم هذه الميليشيات أو غض الطرف عن انتهاكاتها المتكررة لن يؤدي إلا إلى مزيد من التصعيد والتوتر الذي سيطال الجميع وأن الاستقرار في السودان هو جزء لا يتجزأ من استقرار المنطقة بأكملها وأنه لا يمكن السماح بأي شكل من الأشكال باستمرار هذه الممارسات التي تهدد الأمن الإقليمي