مقالات ورأى

أيمن نور يكتب: رسالة عاجلة إلى المرزوقي، بري، حمد بن خليفة، وعمرو موسى

المرسل د أيمن نور

حين يعجز الصوت الرسمي عن إحداث التغييرٍ الحقيقيٍّ في المشهد الأليم خاصةً في لحظات الصراعات الكبرى يأتي دور هام لما يعرف بمسمى الدبلوماسية الشعبية تلك الدبلوماسية التي تنبع من ضمير الشعوب ومن نبضها وهمومها وطموحاتها وتتحمل مسؤولية طرح الحلول الحقيقية والجذرية لأزمات مزمنة ومستمرّة كالنار في هشيم منطقتنا

لقد عايشنا لفترات طويلة خيبات الدبلوماسية الرسمية في فترات سابقة واستمرّ هذا النهج حتى وقتٍ قريبٍ متجسداً في شخصياتٍ افتقرت إلى الفاعلية والطعم والموقف مثل الوزير السابق سامح شكري الذي كانت أهم إنجازاته إزاحة ميكروفون قناة الجزيرة لكن للإنصاف

ربما اليوم بوجود الوزير الجديد بدر عبد العاطي هناك أمل في ظل تحسن نسبي ملحوظ في الأداء ولغة خطاب مختلفة لمؤسسة الخارجية المصرية ذات التاريخ العريق

نعم هناك دور هام لا يمكن تجاهله لوزراء خارجية دول عربية لعبت دوراً مهماً ومخلصاً وفي مقدمتهم الشاب المتألق محمد بن عبد الرحمن رئيس الوزراء ووزير خارجية دولة قطر وكذلك عبدالله حبيب وزير خارجية لبنان ورمطان لعمامرة وزير خارجية الجزائر

وإن كانت الدبلوماسية الرسمية تبقى مقيدة وبحاجة للدعم الشعبي والقومي من خلال مواقف وإسهامات الدبلوماسية الشعبية التي تبقى جوهراً مكملاً وضرورياً في إدارة الأزمات الدولية والإقليمية الكبرى

إنني أرى فيكم يا شيخ حمد بن خليفة آل ثاني ويا دكتور المنصف المرزوقي وفيك يا أستاذ نبيه بري وفيك يا أستاذ عمرو موسى قادةً قادرين على تمثيل صوت هذه الدبلوماسية الشعبية صوتٌ يتجاوز الرسميات والمواقف المعلّبة ليعبر عن الأمل بالعدالة وبحق الشعوب في تقرير مصيرها

ندائي إليكم أن تبادروا بتشكيل وفد عربي يضم قادة دول سابقين لهم تاريخ ناصع في القضايا العربية وعلى رأس هذه الأسماء المحترمة المقترحة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر السابق ورئيس مجلس الوزراء المغربي السابق سعد الدين العثماني وولي العهد الأردني الأسبق الأمير حسن بن طلال بن عبدالله ونائب الرئيس العراقي الأسبق طارق الهاشمي ووزير الخارجية اللبناني الأسبق عدنان منصور

وكذلك برلمانيين حاليين وسابقين من الأسماء البارزة في تاريخ برلمانات البلدان العربية إلى جانب سياسيين وقادة مجتمعيين وحاصلين علي جائزة نوبل للسلام مثل الناشطة السياسية اليمنية توكل كرمان ورؤساء أحزاب وتيارات وتجمعات شعبية وسياسية عربية بارزة

إن مثل هذا الوفد الشعبي وبحكمته وخبرة مكوناته المتنوعة يستطيع أن يتوجه بوضوح نحو الحلول الجذرية وعلى رأسها إقامة دولة فلسطينية عادلة مستقلة تنزع فتيل الانفجار المتواصل في منطقتنا منذ ثمانية عقود

إن وفد الدبلوماسية الشعبية يستطيع أن يمارس ضغوطاً حقيقية لوقف الاقتتال الداخلي في السودان بوقف دعم الميليشيات والمساهمة في حلول سياسية وإعادة اللاجئين السودانيين بأمان إلى مناطق النزاع التي هجروا منها منذ بداية هذه الأزمة

أحسب يقيناً إن المهام الموكلة لهذا الوفد من حكماء العرب لا تقتصر على فلسطين وحدها بل تشمل قضايا عربية ملحّة تتربع السودان ولبنان على قائمتها

إن شعب السودان الحبيب ينزف في صراع عبثي وهذا الوفد الشعبي الذي ندعو لتشكيله يجب أن يسعى للقاء الأطراف المتنازعة والأطراف الداعمة لها واضعاً في الاعتبار أن سيل الدماء في السودان المنسي ليس مجرد نزيف بفعل حرب أهلية أو قضية داخلية أو صراعات محلية بل مسألة إقليمية وإنسانية بامتياز

أدعو الأستاذ نبيه بري لدعوة هذه الأسماء الكبيرة وغيرها ودعوة الرموز الشعبية والبرلمانية وفي مقدمتها شبكة البرلمانيين الديمقراطيين العرب وغيرها من الهيئات الشعبية إلى اجتماع عاجل تحت سقف ومظلة البرلمان اللبناني لتنطلق من خلاله هذه التحركات الشعبية حيث تتبلور رؤية موحدة لقضايا الشعوب المغيّبة

إن الدبلوماسية الشعبية ليست بدعة ولا هي بديلاً للدبلوماسية الرسمية بل داعمة ومتممة لها وساترة لعيوبها ومكملة لدورها وداعمة ورافعة لسقف مطالبها فما ينقص الدبلوماسية الرسمية اليوم هو التعبير عن الإرادة الشعبية الإرادة الشعبية هي التي تمتلك أن تدفع نحو تحركات جريئة وحلول غير تقليدية

وتملك إجراء لقاءات مع الأطراف الدولية وصولاً إلى الأمم المتحدة ولقاء الأمين العام ومجلس الأمن والبرلمان الأوروبي والرئيس الأميركي الجديد المنتخب لنقل مطالب الشعوب العربية المشروعة والمطالبة بحلول دائمة وشاملة تعيد الأمن والاستقرار للمنطقة والأمل لقلوب مواطنيها

بعد كل هذا الدم لا نريد حلولاً مؤقتة تنهي نزاع اليوم وتترك الباب مفتوحاً لجروحٍ متجددةٍ غداً السيد الرئيس المنصف المرزوقي السيد الرئيس نبيه بري ندائي إليكم ولكلّ الأسماء المحترمة السابق الإشارة إليها بسرعة تلبية هذا الدعوة وهذا النداء نداء الواجب الوطني والقومي الذي لم نعهد فيكم يوماً تقاعساً عنه نداء لكل من يمكن أن يكون عوناً لأمته وشعوبها المقهورة

آملاً أن يوفقكم الله تعالى وأن تضعوا نصب أعينكم معالجة أصل القضايا وأن تكونوا بذلك صوتًا للشعوب ينادي بما تستحقه من عدالة وسلام وحق في التحرر والحرية والحياة

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى