أثارت وزارة السياحة المصرية ضجة غير مسبوقة بإعلانها عن بدء التسجيل لقرعة الحج لعام 2025 الأمر الذي كشفت عنه وفضحت به تقاعس الحكومة وفسادها المستشري
حيث فاجأت الوزارة الشركات المسموح لها بالاشتراك في القرعة بطلب سداد مبالغ مالية طائلة بالريال السعودي تتجاوز قدرة الكثير من الشركات والمواطنين على السداد وبلا أي مراعاة للظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الشعب المصري
تجري الرياح بما لا تشتهي السفن فبينما كانت شركات السياحة تأمل في موسم حج يعوض خسائر السنوات السابقة فوجئت بقرارات الحكومة الجائرة
ففي الحج السياحي فئة 5 نجوم طلبت الوزارة سداد 40 ألف ريال سعودي أي نحو 520 ألف جنيه مصري عن كل مجموعة لا تزيد عن 40 مسافراً وبالنسبة للحج الاقتصادي
فقد طلبت 30 ألف ريال أما الحج البري فقد حددت الوزارة مبلغ 20 ألف ريال وكل هذا يشير إلى سياسة تعسفية تضع عبئاً ثقيلاً على كاهل الشركات وعلى الحجاج المحتملين الذين يتطلعون لأداء مناسكهم
إملاءات نقدية
تلك الإملاءات النقدية لم تقف عند حد المبالغ المرتفعة بل تضمنت شروطاً صارمة تتعلق بآلية الدفع حيث اشترطت الوزارة أن يتم الدفع نقداً لضمان حجز مواقع الحجاج بمناطق المشاعر المقدسة في منى وعرفات
وبالرغم من أن الحكومة تدعي وجود آلية شفافة إلا أن هذا الشرط جعل الشركات تتخبط في محاولة تأمين المبالغ المطلوبة من السوق السوداء لرفض البنوك بيع الريال أو الدولار
تفاجأت الشركات عند الذهاب إلى البنك العقاري المصري العربي الذي تم تحديده كجهة سداد بقرارات مفاجئة حيث أعلن البنك عن تأجيل البت في التحويلات وقبول الدفع النقدي فقط مما تسبب في حالة من الارتباك الشديد بين الشركات التي حصلت على موافقات رسمية للبدء في أعمال الحج
التوقعات الكارثية
توقع عدد من المسؤولين في شركات السياحة ارتفاع هائل في أسعار رحلات الحج بسبب هذه القيود الحكومية المرهقة ففي ظل الزيادة المحتملة في أسعار الطيران من 40 ألف جنيه إلى 65 ألف جنيه للمسافر
ومن المتوقع أن تؤدي الزيادة الكبيرة في تكلفة الحج إلى انخفاض كبير في أعداد الحجاج المصريين الذين يتوجهون لأداء المناسك
ففي تقرير أولي عن أسعار الحج السياحي يظهر أن التكلفة سترتفع بشكل مهول من 380 ألف جنيه للمستوى الاقتصادي والبري إلى 520 ألف جنيه
بينما سترتفع تكاليف الحج الفاخر من 480 ألف جنيه إلى 750 ألف جنيه مما يعكس الحالة المزرية التي تمر بها السياحة الدينية في مصر
تجدر الإشارة إلى أن وزارة السياحة قد وضعت عبئاً إضافياً على الشركات بتحصيل مبلغ 1.5 مليون جنيه من كل شركة راغبة في المشاركة في الحج لتأمين التزاماتها مع الحجاج وهذا ما يزيد من صعوبة الوضع المالي للشركات التي تعاني أصلاً من ضغوط اقتصادية خانقة
الصرخات المظلومة
أعضاء غرفة شركات السياحة لم يترددوا في التعبير عن قلقهم البالغ من هذا الوضع مؤكدين أن تلك الزيادة في التكاليف ستدفع الكثير من المواطنين إلى إلغاء خططهم للسفر لأداء مناسك الحج
فالشعب المصري يعاني من ضغوط مالية هائلة نتيجة الارتفاع المتواصل في أسعار المحروقات والكهرباء والسلع الأساسية مما يجعلهم يضطرون لإعادة ترتيب أولوياتهم المالية
كل هذه العوامل تشير إلى أن الوضع يسير نحو كارثة حقيقية فالحكومة لا تكتفي بإهمال حقوق المواطنين بل تساهم في تفاقم مشكلاتهم اليومية الأمر الذي يزيد من حدة الإحباط لدى الشعب المصري الذي يتطلع إلى تحسين ظروفه المعيشية
نتائج وخيمة
النتائج الوخيمة لهذه السياسات تعني بالضرورة أن أعداد الحجاج المصريين ستتراجع بشكل كبير في الموسم المقبل مما يعني أن الحكومة المصرية ليس لديها أي رؤية واضحة أو خطط مدروسة لتلبية احتياجات المواطنين بل على العكس فإنها تعزز من تفشي الفساد والإهمال الذي يزيد من معاناة الشعب
بكل أسف تظهر تلك الإجراءات وكأنها سياسة ممنهجة من الحكومة لجعل الحج حكرًا على الأغنياء فقط مما يبعث على الاستياء والغضب بين المواطنين الذين يشعرون بأن حقوقهم في أداء المناسك المقدسة قد سلبت منهم بدون أي مبررات مقنعة
ختامًا يمكن القول إن ما يحدث من تقاعس وفساد حكومي لا يمكن السكوت عنه فالشعب المصري يجب أن يتخذ خطوات جادة لمحاسبة المسؤولين الذين حولوا حلم أداء فريضة الحج إلى كابوس يدفع ثمنه الفقراء الذين يحلمون برحلة روحانية تعيد لهم الأمل في حياة أفضل
تتطلب هذه الظروف المأساوية وقفة جادة من جميع المعنيين لتحسين هذا الواقع المرير واستعادة كرامة الشعب المصري وضمان حقهم في أداء فريضة الحج دون أي قيود تعسفية أو شروط مجحفة