تستمر الحكومة المصرية في تجاهل الوعود التي قطعها الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ أن تولى السلطة قبل 11 سنة.
وكشفت البيانات الرسمية بشكل صارخ عن فشلها الذريع في تحقيق التنمية المنشودة، مما يجعل السؤال ملحًا: أين ذهبت كل تلك الوعود؟
الفقر يتفشى
بدأت الوعود بخلق مجتمع خالٍ من الفقر مع الإعلان عن هدف خفض نسبة الفقر من 26.3% في عام 2013 إلى مستويات تقل عن ذلك سنويًا.
لكن، ما تحقق كان عكس ذلك تمامًا. وفقًا لأحدث تقارير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفعت نسبة الفقر إلى 29.7% بحلول عام 2020،
مما يعني أن الحكومة ليست فقط فشلت في خفض الفقر، بل زادت النسبة بنحو 13% عن العام السابق. والأسوأ من ذلك،
أن نسبة الفقر المدقع – التي تعني عدم القدرة على الإنفاق للحصول على الغذاء فقط – ارتفعت من 4.4% في 2013 إلى 4.5% في 2020، في دلالة صارخة على تفشي الجوع والحرمان.
حيث أشارت الدراسات إلى أن نسبة الفقر وصلت إلى 35.7% في عام 2023/2022. لقد عانت الأسر المصرية من ارتفاع قياسي في معدلات التضخم وانخفاض تاريخي في قيمة الجنيه، مما دفع العديد من الأسر إلى حافة الفقر المدقع.
التعليم في الحضيض
تتوالى الأزمات في التعليم أيضًا، حيث وعد السيسي بتطوير المدارس وخفض كثافة الفصول. ومع ذلك، وبدلاً من تحسين الوضع،
ازدادت كثافة الفصول من 41 تلميذًا لكل فصل في عام 2014 إلى 48.7 تلميذًا في العام الدراسي الحالي 2024/2023، مما يمثل زيادة بنسبة 18.7%. هذه الأرقام تتحدث بوضوح عن فشل الحكومة في تلبية احتياجات الطلاب.
وعلى الرغم من الالتزام الدستوري بتخصيص 6% من الناتج القومي الإجمالي للإنفاق على التعليم، إلا أن مخصصات التعليم في موازنة العام المالي 2024/2023 لم تتجاوز 230 مليار جنيه،
وهو ما يمثل 1.94% فقط من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع. وفي ظل هذه الأرقام المتدنية، تبين الحكومة بشكل واضح عدم جديتها في الوفاء بالتزاماتها.
الصحة تتراجع في زمن الوعود
في مجال الصحة، كان هناك وعد بتحقيق توافق بين عدد الأسرة في المستشفيات وعدد السكان. لكن، ما تحقق كان عكس ذلك تمامًا.
انخفض عدد الأسرة لكل 1000 مواطن من 1.42 في عام 2014 إلى 1.2 في عام 2021. هذه الأرقام ليست فقط مؤلمة بل تشير إلى أن الحكومة تواصل تجاهل حقوق المواطنين في الحصول على الرعاية الصحية الأساسية.
كما خالفت الحكومة النص الدستوري بتخصيص 3% من الناتج القومي الإجمالي للإنفاق على الصحة. في موازنة العام المالي 2024/2023،
كانت مخصصات الصحة 148 مليار جنيه، وهو ما يعادل 1.25% فقط من الناتج المحلي. لا يبدو أن هناك أي نية لتحسين الوضع الصحي، بل تتابع وزارة المالية على نهجها في تضخيم المخصصات بشكل زائف.
العاصمة الإدارية: إنجاز أم خداع؟
بينما تتراجع مؤشرات الفقر والتعليم والصحة، يتفاخر السيسي بإنجاز العاصمة الإدارية الجديدة التي تعهد بإنشائها. لكن، ماذا عن الوعود الأخرى التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر؟
لا تزال الأزمات تتزايد في الحياة اليومية للناس، حيث يواجه المواطنون مشكلات معيشية وصحية وتعليمية تتطلب حلولًا عاجلة.
وعند اقتراب موعد الانتخابات، كان من المقرر أن يقدم السيسي برنامجًا انتخابيًا يتضمن أهدافًا محددة، إلا أن الحملة الانتخابية اكتفت بنشر وعد عمومي دون تفاصيل واضحة.
وبالتالي، يظل الشعب المصري تحت وطأة الفقر والإهمال، بينما تظل الحكومة مشغولة بمشاريع ترفيهية لا تعكس احتياجات المواطنين.
نهاية الفصول
تظل مصر في مواجهة مأساة حقيقية، حيث يتزايد الفقر، وتتردى الخدمات التعليمية والصحية، في ظل حكومة لا تتحمل مسؤولياتها. عشر سنوات مرت دون تحقيق تقدم ملحوظ، والوعود التي كانت تُعطى سرعان ما تتبدد في الهواء.
لقد حان الوقت لتحمل الحكومة المصرية مسؤوليتها والاعتراف بالفشل في تحقيق التغيير المنشود. قد يظل الشارع المصري هادئًا، لكن الألم والغضب يتزايد في القلوب.