في تطورات عسكرية كارثية تهدد بإعادة تشكيل المعادلة السياسية والعسكرية في المنطقة، أفادت مصادر إسرائيلية بتعرض الجيش الإسرائيلي إلى انتكاسات كبيرة في الجنوب اللبناني، حيث أسفرت الاشتباكات الأخيرة عن إصابة 22 جندياً إسرائيلياً خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، مما يؤكد على هشاشة الوضع الميداني وقوة المقاومة التي تستمر في توجيه ضربات موجعة للاحتلال الإسرائيلي.
وعلى الرغم من استمرار القصف المكثف والعمليات العسكرية التي تشنها إسرائيل، يبدو أن الكفة تميل بوضوح لصالح المقاومين، حيث نجحوا في إيقاع خسائر فادحة في صفوف الجيش الإسرائيلي، الذي يتعرض لضغوط غير مسبوقة على عدة جبهات.
في سياق هذه التطورات، شهدت غزة مشهداً مروعاً يبرز الوجه الإنساني البشع للحرب، حيث انهار مسعف فلسطيني بعد اكتشافه أن جثة والدته كانت من بين الشهداء الذين حاول إنقاذهم من تحت الأنقاض.
هذه الحادثة تجسد حجم المأساة الإنسانية التي يعيشها سكان غزة، حيث يتعرضون لقصف عشوائي ومكثف أدى إلى سقوط آلاف الضحايا بين شهداء وجرحى، في وقت تستمر فيه إسرائيل بتبرير أعمالها الوحشية بأنها رد على عمليات المقاومة الفلسطينية.
الحادثة لم تكن مجرد حادثة إنسانية مؤثرة فحسب، بل أصبحت رمزاً للمأساة التي تعيشها العائلات الفلسطينية، التي فقدت كل شيء تحت وطأة القصف والعدوان الإسرائيلي المستمر.
وبعيداً عن الميدان المشتعل، خرج لواء الاحتياط في الجيش الإسرائيلي إسحاق بريك بتصريحات صادمة تمثل انعكاساً للضغوط المتزايدة على القيادة العسكرية والسياسية الإسرائيلية، حيث قال إن تل أبيب بعيدة كل البعد عن تحقيق أي نصر في هذه الحرب وإن المعركة على الأرض لم تقترب من نهايتها.
وأشار إلى أن المقاومة الفلسطينية، على الرغم من كل الجهود المبذولة لتحييدها، لا تزال متماسكة وقوية بل إنها تتبع استراتيجية محكمة تقوم على الصبر والتخطيط الطويل الأمد، حيث أكد بريك أن المقاتلين داخل الأنفاق لديهم مؤن تكفيهم لعامين كاملين، وهو ما يضع الاحتلال الإسرائيلي في موقف لا يُحسد عليه.
تصريحات بريك أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الإسرائيلية، حيث وصفها البعض بأنها تعكس الفشل الذريع للقيادة العسكرية في تقدير قوة المقاومة والقدرة على التعامل مع حرب استنزاف طويلة الأمد.
هذه التصريحات تأتي في وقت يزداد فيه الضغط الشعبي على الحكومة الإسرائيلية لإيجاد حل سريع لهذه الأزمة، لكن مع استمرار الخسائر وتزايد عدد الجرحى بين الجنود الإسرائيليين، يبدو أن الأمور تتجه نحو مزيد من التعقيد.
الإصابات التي تعرض لها الجنود الإسرائيليون في جنوب لبنان ليست مجرد أرقام في إحصائية عابرة، بل تمثل دليلاً واضحاً على قدرة المقاومة على اختراق التحصينات العسكرية الإسرائيلية وإلحاق خسائر مؤلمة في صفوف الجيش الذي لطالما تفاخر بتفوقه العسكري.
وعلى الرغم من التفوق الجوي والتكنولوجي الذي تمتلكه إسرائيل، إلا أن الواقع على الأرض يظهر أن المقاومين قادرون على الصمود ومواجهة آلة الحرب الإسرائيلية بل وتحقيق انتصارات تكتيكية تعيد خلط الأوراق وتضع الاحتلال في موقف دفاعي بدلاً من الهجوم.
من جانب آخر، تتزايد المخاوف داخل إسرائيل من تزايد الضغط على الجبهة الداخلية نتيجة لهذه التطورات المتلاحقة، حيث تشهد المدن الإسرائيلية حالة من التوتر والقلق وسط توقعات بتصعيد جديد في القصف الصاروخي من قبل المقاومة اللبنانية والفلسطينية، الأمر الذي قد يفتح الباب أمام مواجهة شاملة تزيد من معاناة الإسرائيليين وتضع الحكومة الإسرائيلية أمام تحديات سياسية وأمنية جديدة.
في غزة، الوضع لا يقل خطورة، حيث تواصل المقاومة الفلسطينية إطلاق الصواريخ على المدن الإسرائيلية في رد مباشر على القصف المستمر الذي يستهدف المنازل والمستشفيات والمدارس.
هذا التصعيد المتبادل جعل من الحرب المستمرة بين إسرائيل والمقاومة حرب استنزاف طويلة الأمد، لا تبدو نهايتها قريبة في ظل تعنت الجانبين ورفض أي حلول دبلوماسية حتى الآن. في الوقت الذي تواجه فيه إسرائيل صعوبات ميدانية على الأرض،
تتزايد الضغوط على القيادة السياسية في تل أبيب من الداخل والخارج لإيجاد حل عاجل ينهي هذا الكابوس الذي يهدد استقرار المنطقة بأكملها.
وفي ظل هذا المشهد المتوتر، يبدو أن إسرائيل تسير نحو مزيد من التورط في حرب طويلة الأمد، حيث أن المقاومة، سواء في غزة أو لبنان، أظهرت قدرة كبيرة على التحمل والصمود أمام أعنف الضربات العسكرية.
وما يزيد من تعقيد الأمور هو أن إسرائيل لم تعد تمتلك ترف الوقت، فالضغط المتزايد على الجيش الإسرائيلي والارتفاع المستمر في عدد الإصابات بين الجنود يهدد بانهيار المعنويات على الجبهة الداخلية، مما قد يؤدي إلى تداعيات سياسية خطيرة على الحكومة الإسرائيلية الحالية.
ويبدو أن الحرب التي بدأت كعملية عسكرية قصيرة لتحقيق أهداف محددة قد تحولت إلى مستنقع جديد يتسبب في خسائر فادحة للجيش الإسرائيلي، ويضع تل أبيب في موقف دفاعي على عدة جبهات.
إن الفشل في تحقيق نصر سريع وساحق كما كان متوقعاً يزيد من تعقيد المشهد ويضع الاحتلال في مواجهة تحديات جديدة لا يمكن حلها عبر القوة العسكرية وحدها.
وفي ظل هذه الظروف، يبقى السؤال المطروح هو إلى متى يمكن لإسرائيل أن تستمر في هذه الحرب دون أن تجد نفسها في مواجهة كارثة أكبر مما كانت تتوقع؟