في خضم الأزمات والكوارث التي تمر بها القضية الفلسطينية، يظل الأزهر الشريف بقيادة الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، حصنًا منيعًا وداعمًا ثابتًا لفلسطين وشعبها المظلوم.
ومع تصاعد العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة، تتجدد جهود الأزهر لمواجهة هذا الاعتداء الذي يمارس دون أدنى رحمة، ودون أي تحرك جدي من المجتمع الدولي.
من قلب هذه المؤسسة العريقة، تخرج مبادرات لا تكتفي بالكلمات بل تتعداها إلى أفعال ملموسة تصب في خدمة الشعب الفلسطيني وإعانته على الصمود في وجه آلة الحرب الإسرائيلية.
ولعل أبرز هذه المبادرات هي المنح الدراسية التي يمنحها الأزهر لطلاب فلسطين، تلك المنح التي تعد بمثابة رسالة دعم معنوية ومادية لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني وضمان استمرارية تعليم أبنائه، حتى في أحلك الظروف.
فهذه المنح الدراسية ليست مجرد فرصة أكاديمية بل هي اعتراف بحق الفلسطينيين في الحياة والكرامة والتعليم.
جهود الأزهر تتجاوز المنح الدراسية، لتصل إلى مرحلة الرد الفكري والعقائدي على المزاعم الإسرائيلية التي تحاول طمس الهوية الفلسطينية وتزوير الحقائق التاريخية.
ولإبطال هذه المزاعم، أصدر الأزهر كتابًا يفضح فيه الأساطير التي تروجها إسرائيل عن حقها المزعوم في أرض فلسطين.
هذا الكتاب لا يشكل فقط تحديًا أكاديميًا أو فكريًا بل هو سلاح من أسلحة المقاومة الثقافية في وجه المخططات الصهيونية التي تسعى لسرقة الأرض والتاريخ.
وفيما تشتعل النيران في غزة، لم يقف الأزهر مكتوف الأيدي بل دعا الأمة الإسلامية والعربية إلى دعم الشعب الفلسطيني بكل الوسائل المتاحة.
وفي خطوة جريئة، دعا الأزهر إلى التبرع بالمال لمساعدة الفلسطينيين، محذرًا من أن المعركة التي تدور ليست فقط معركة عسكرية بل معركة بقاء وصمود.
الشيخ أحمد الطيب كان شديد اللهجة في تصريحاته التي دعا فيها إلى تفعيل المقاطعة الاقتصادية للمنتجات الإسرائيلية.
ففي نظره، المقاطعة ليست مجرد وسيلة ضغط بل هي واجب أخلاقي وديني على كل من يؤمن بالعدالة والحق.
تصريحات الدكتور أحمد الطيب لم تخلُ من التحذير من العواقب الكارثية التي قد تنجم عن تجاهل المجتمع الدولي للعدوان الإسرائيلي المستمر.
ففي خطابه الأخير، أشار الطيب إلى أن ترك الفلسطينيين لأرضهم يمثل نهاية القضية الفلسطينية للأبد، مؤكدًا أن التاريخ لن يرحم من خذلوا الشعب الفلسطيني ووقفوا موقف المتفرج أمام الجرائم التي تُرتكب في حق الأبرياء.
وأضاف أن ما يحدث في غزة لن يمر دون عقاب، مشددًا على أن تواطؤ القوى الدولية في هذا النزاع غير مسبوق في تاريخ الصراعات الدولية.
الشيخ الطيب لم يكن أقل حدة عندما أشار إلى أن إسرائيل ليست سوى أداة زرعها الاستعمار في قلب الأمة العربية بهدف تدمير جسدها من الداخل.
هذه الكلمات القوية تعكس مدى شعور الأزهر بخطورة المرحلة التي تمر بها القضية الفلسطينية، ومدى وعيه بأن إسرائيل ليست مجرد دولة معتدية بل هي مشروع استعماري هدفه الأساسي هو تدمير كل ما هو عربي وإسلامي في المنطقة.
الأزهر في دعمه المستمر للقضية الفلسطينية لا يقتصر على البيانات والتصريحات، بل يضع خططًا عملية لمواجهة هذا العدوان.
فبالإضافة إلى المنح الدراسية والمقاطعة، تأتي مبادرات أخرى مثل جمع التبرعات وتوعية الشعوب العربية والإسلامية بخطورة المرحلة الحالية، وحثهم على عدم التراخي أو الاستسلام للضغوط الدولية التي تحاول فرض التطبيع مع العدو الصهيوني كأمر واقع.
ولا يمكن في هذا السياق تجاهل دور الأزهر في حشد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية، سواء من خلال المؤتمرات التي يعقدها أو الندوات التي ينظمها في الداخل والخارج، بهدف توحيد الصف العربي والإسلامي في مواجهة هذا العدو الغاشم.
فالرسالة التي يحملها الأزهر للعالم واضحة وصريحة: لا يمكن أن يكون هناك سلام حقيقي في المنطقة طالما أن حقوق الفلسطينيين تُسلب يومًا بعد يوم وطالما أن الاحتلال الإسرائيلي يواصل جرائمه دون أي عقاب.
والأزهر الشريف بقيادة الشيخ أحمد الطيب يواصل طريقه كمدافع صلب عن القضية الفلسطينية، لا يخشى في ذلك لومة لائم، ويقدم كل ما في وسعه من دعم مادي ومعنوي وفكري لإبقاء القضية الفلسطينية حية في ضمير الأمة العربية والإسلامية والعالم أجمع.
ومع كل خطوة يخطوها الأزهر، تتعزز فكرة أن العدوان الإسرائيلي لا يمكن أن يمر دون حساب وأن القضية الفلسطينية لن تموت طالما أن هناك من يدافع عنها بكل شجاعة وإيمان.