وفاة الفنان مصطفى فهمي بطل الشاشة الذي خاض معركة الشفاء
توفي الفنان المصري مصطفى فهمي منذ قليل عن عمر يناهز 82 عاماً تاركاً خلفه إرثاً فنياً عريقاً وذكرى ستظل عالقة في أذهان محبيه وأصدقائه وأسرته حيث أتم مسيرته في الفن على مدار عدة عقود تألق خلالها في السينما والتلفزيون على حد سواء
يذكر أن الفنان الراحل قد عانى في الفترة الأخيرة من أزمة صحية شديدة حيث خضع لعملية جراحية دقيقة إثر إصابته بورم في المخ مما أدى إلى تدهور حالته الصحية ومعاناته من أعراض جانبية مثل ثقل في اللسان وصعوبة في الحركة مما جعل شقيقه الفنان حسين فهمي يلازمه للاطمئنان على حالته
انطلقت مسيرة مصطفى فهمي الفنية بالصدفة عندما شارك في بطولة الفيلم السينمائي “أين عقلي” عام 1976 وهو العمل الذي كان بداية انطلاقته الحقيقية نحو النجومية واعتلاءه سلالم الشهرة حيث توالت أعماله بعد ذلك ليصبح واحداً من أبرز نجوم جيله ويحقق نجاحات متتالية على الشاشة الكبيرة والصغيرة
كان آخر أعمال الفنان الراحل هو مشاركته في فيلم “أهل الكهف” الذي عرض في دور العرض السينمائية خلال الفترة الأخيرة حيث ضم العمل مجموعة من النجوم مثل خالد النبوي وغادة عادل ومحمد ممدوح وعدد كبير من الفنانين الذين ساهموا في تقديم عمل فني متميز ترك أثراً لدى الجمهور
لكن يبدو أن القدر لم يرحم الفنان مصطفى فهمي فقد تعرض لأزمات صحية متتالية خلال الفترة الماضية حيث أصيب بجلطة دماغية في يناير الماضي أثناء تواجده في فرنسا ما استدعى تدخلًا جراحيًا عاجلًا لإنقاذ حياته ثم لاحقته جلطة أخرى أثناء وجوده في القاهرة مما تطلب إجراء عملية جراحية أخرى على الفور
ورغم كل ذلك فقد ظل مصطفى فهمي يتحدث عن ذكرياته وتجربته مع الحياة والفن حيث عبر في عدة مناسبات عن اعتزازه بشبابه ورحلته في عالم الفن وكان يصف مفهوم الشقاوة بأنه جزء لا يتجزأ من حياته وهو الذي عاش تفاصيله بكل ما تحمله الكلمة من معنى حيث تحدث في لقاء مع الإعلامية سمر يسري عن طبيعة حياته ونشاطاته المختلفة مشيراً إلى أنه لا يزال يتلقى المعاكسات من السيدات الأمر الذي كان يسبب أحيانًا نوعاً من الضيق لزوجته لكنه لم يعتبر ذلك عائقاً أمامه
طوال مشواره الفني استطاع مصطفى فهمي أن يحقق توازناً بين الحياة الفنية والشخصية رغم التقلبات التي واجهها حيث شارك في مجموعة من الأعمال التي حققت نجاحات كبيرة ومنها فيلم “السرب” الذي عرض مؤخراً وحقق إيرادات مرتفعة من تأليف عمر عبد الحليم وإخراج أحمد نادر جلال حيث شارك فيه مجموعة من الأسماء اللامعة مثل أحمد السقا ودياب وشريف منير
تجدر الإشارة إلى أن مصطفى فهمي لم يكن مجرد فنان بل كان رمزًا من رموز الفن المصري حيث أسهمت أعماله في تشكيل هوية السينما المصرية الحديثة وفي تغيير الذائقة الفنية لدى الجمهور المصري والعربي عموماً
بوفاة مصطفى فهمي فقد الفن المصري أحد أبرز أعمدته الذين أضاؤوا الشاشة بأعمالهم الفريدة وجعلوا من السينما والتلفزيون مرآة تعكس تجارب الحياة وأحاسيس الناس ومن المؤكد أن غيابه سيترك فراغاً في الوسط الفني كما سيعاني محبوه من حزن عميق على فقدانه الذي كان له تأثيراً ملحوظاً على الكثيرين
على الرغم من كل الأوجاع التي تعرض لها خلال السنوات الأخيرة إلا أن إرادته القوية وشغفه بالفن لم ينطفئا حيث ظل يعمل ويؤدي حتى آخر لحظة في حياته مما يعكس حبه العميق للفن الذي اختاره طريقاً له وهو الذي أطلق على نفسه لقب فنان الشعب حيث كان يتواصل باستمرار مع جمهوره ويعبر عن شغفه وحبه لهم من خلال أعماله
رحيل مصطفى فهمي هو بمثابة نهاية فصل من فصول التاريخ الفني المصري الذي سيسجل بإيجابية في كتب الفن حيث يجب أن نتذكر دائمًا أن هذا الرجل لم يكن مجرد فنان بل كان جزءًا من ثقافة وفن يمتد عبر الزمن ويعبر عن مشاعر وأحاسيس جيل كامل لذا فإن فقدانه هو خسارة فادحة للفن ولتاريخ السينما المصرية
فإن رحيل مصطفى فهمي يعد دعوة لنا جميعاً لنحتفي بالفن الذي قدمه ولنستذكر المواقف الإنسانية التي عايشها خلال حياته ونجعل من ذكراه مصدر إلهام للأجيال القادمة التي يجب أن تتعلم من تجربته كيف يكون الفن رسالة وكيف يمكن للكلمات والصور أن تتخطى حدود الزمان والمكان لتصل إلى قلوب الملايين