تقاريرعربي ودولى

نعيم قاسم: قيادة جديدة لحزب الله في زمن الاغتيالات والتحديات

في إعلان تاريخي غير مسبوق يثبت استمرار حزب الله في مواجهة التحديات التي تكتنف الساحة اللبنانية، أُعلن عن انتخاب نعيم قاسم أمينا عاما للحزب ليكون خلفا لحسن نصر الله الذي اغتاله الاحتلال في هجوم غادر على مقره في الضاحية الجنوبية لبيروت في نهاية سبتمبر الماضي.

هذا التغيير الجذري في القيادة يأتي في وقت يواجه فيه الحزب قسوة الأحداث وضغوطات الأزمات الداخلية والخارجية.

في بيان رسمي، أعلن حزب الله باجتماع شوراه قرار الانتخاب مشددا على التزامه الثابت بمبادئ الإسلام المحمدي الأصيل والتوجه نحو تحقيق الأهداف التي أسس من أجلها هذا الحزب الذي يعد رمزا للمقاومة والصمود.

عبر الحزب عن ثقته في قاسم ليحمل الراية ويقود المسيرة التي لا تتوقف عند حدود التحديات المعاصرة بل تتخطاها نحو أفق الأمل المستمر.

من هو نعيم قاسم؟

وُلِد نعيم محمد قاسم في فبراير عام 1953 في قلب العاصمة اللبنانية، بيروت، لعائلة شيعية تنحدر من بلدة كفر فيلا في إقليم التفاح.

ترعرع قاسم في بيئة دينية وثقافية مميزة، حيث تشكلت مبادئه ورؤيته منذ الصغر، وهو متزوج وأب لستة أبناء، مما يعكس التزامه بالقيم الأسرية والاجتماعية.

المسيرة الأكاديمية والعلمية

بدأ قاسم مسيرته التعليمية في المدارس المحلية قبل أن يلتحق بالجامعة اللبنانية عام 1971، حيث نال شهادة البكالوريوس في الكيمياء باللغة الفرنسية.

لم يتوقف عند هذا الحد بل واصل دراسته حتى حصل على درجة الماجستير. كانت تلك المرحلة حاسمة في تشكيل شخصيته الأكاديمية، حيث انطلق بعدها إلى مهنة التدريس في المدارس الثانوية في بيروت.

إلى جانب تعليمه الأكاديمي، لم يغفل قاسم أهمية التعليم الديني حيث تنقل بين علماء الحوزة الشيعية ليحصل على مراتب علمية دينية متعددة، عمل بعدها مدرسا وواعظا في العديد من المساجد مما زاد من شعبيته وتأثيره في الأوساط الشيعية.

الانخراط السياسي والعمل الثوري

انطلقت المسيرة السياسية لنعيم قاسم من خلال انضمامه إلى أفواج المقاومة اللبنانية في حركة أمل التي أسسها الإمام موسى الصدر عام 1974، حيث أظهر كفاءة قيادية وبرز كمسؤول ثقافي مركزي في الحركة.

ومع تدرجه في المناصب، شغل منصب مسؤول العقيدة في الحركة وكان أحد الأعضاء البارزين في مجلس القيادة خاصة في الفترة التي شهدت اختفاء موسى الصدر في ليبيا.

لكن التحول الجذري جاء بعد الثورة الإسلامية في إيران، حيث اتخذ قاسم قرارا شجاعا بالاستقالة من حركة أمل. اتجه لتوسيع دراسته في الحوزة الشيعية،

وعاد ليكرس جهوده للعمل الدعوي في الحسينيات والمدارس في الضاحية الجنوبية، التي كانت تمثل موطنا لمئات الآلاف من الشيعة الذين انتقلوا إلى العاصمة بحثا عن حياة أفضل.

دور قيادي في حزب الله

في أواخر الثمانينات، أصبح نعيم قاسم من أبرز القادة المؤسسين لحزب الله، حيث ساهم بفعالية في الاجتماعات والندوات التي جمعت علماء من مختلف المناطق.

وتم انتخابه لعضوية مجلس شورى الحزب لثلاث دورات، ثم تولى منصب نائب رئيس المجلس التنفيذي ومن ثم رئاسته.

في عام 1991، عُين قاسم نائبا للأمين العام في عهد عباس الموسوي، واستمر في هذا المنصب بعد اغتياله مع حسن نصر الله، إلى أن جاء الدور الآن على قاسم ليتولى القيادة بعد اغتيال نصر الله.

التحديات المقبلة وآفاق القيادة

مع انتخاب نعيم قاسم أمينا عاما، تتجه الأنظار نحو التحديات الكبيرة التي تنتظر الحزب في ظل الظروف الإقليمية المعقدة والتوترات المستمرة.

يواجه الحزب ضغوطات متزايدة من القوى الإقليمية والدولية، لكن قاسم يتمتع بخبرة عميقة وبقاعدة شعبية واسعة تدعمه في استمرارية المقاومة والصمود.

إن نعيم قاسم، بشخصيته القيادية القوية وخلفيته العلمية والسياسية، يمثل رمزا للتحدي في وجه الأزمات. يمكن القول إنه يتمتع بمؤهلات عالية تؤهله لمواجهة الأعداء الذين يسعون لتقويض استقرار الحزب وأمنه.

مشحونة بالأمل والتحدي

باختصار، إن انتخاب نعيم قاسم ليس مجرد تغيير في القيادة بل هو تجسيد لروح المقاومة في وجه الاغتيالات والتحديات.

تتطلع الجماهير إلى قيادته في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ حزب الله، حيث يبقى الأمل معقودا على استمرار المسيرة نحو تحقيق الأهداف المنشودة وبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

عزم قاسم على الحفاظ على المبادئ الأساسية للحزب ورفض الاستسلام أمام التحديات الخارجية، يجعل منه شخصية محورية في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ لبنان.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى