في مشهد يختصر مأساة واقع التعليم في مصر تواجه الطالبة إسراء عبد المقصود بطلة العالم في الكاراتيه مأساة غير مسبوقة بعد فصلها من مدرسة التجارة بسبب تغيبها أثناء مشاركتها في بطولة عالمية في البرتغال حيث تجسد هذه الواقعة الجليد الذي يحيط بالنظام التعليمي والفساد المتأصل في المؤسسات الحكومية
تعيش إسراء البالغة من العمر 19 عامًا في قرية الروضة بمركز بركة السبع بمحافظة المنوفية ولم تتوقع أسرتها أن يُفصل ابنتهم من المدرسة بسبب ما يعتبره الكثيرون إنجازًا رياضيًا يتطلب التقدير والدعم وليس العقاب إنجازها في الكاراتيه
حيث توجت بميدالية ذهبية تحت سن 20 سنة أثناء مشاركتها في البطولة تمثل ضربة قاسية للنظام التعليمي الذي من المفترض أن يكون داعمًا للشباب والطموحات
تفاجأت الأسرة بقرار الفصل حيث أكد والدها أن المدرسة ومديرها قد تجاهلوا خطاب الاتحاد المصري للكاراتيه الذي يوضح سفر إسراء للمشاركة في البطولة
وأشار الوالد إلى أن المديرة كانت تصر على سؤالهم عن “ختم النسر” وهو ما يكشف عن جهل الإدارة بمعايير الرياضة ودعم الموهوبين حيث يتجلى هنا تقاعس الحكومة في توفير بيئة تعليمية تتناسب مع طموحات الشباب المصري وأحلامهم
تشعر إسراء الآن بحالة نفسية سيئة بعد فصلها من المدرسة ورغم أنها كانت محط تقدير من وزارة الشباب والرياضة ومحافظ المنوفية الذين قدموا لها شهادات تقدير ومكافآت مالية إلا أن ذلك لم يحل دون تلقيها ضربة قاسية من مؤسسات يفترض أن تكون داعمة لها
فالوزير والمحافظ قد قدموا لها الدعم على مستوى الكلمة بينما جرت الأمور على الأرض بطريقة توضح الفجوة بين الأقوال والأفعال حيث تعاني إسراء الآن من مشاعر الإحباط والاكتئاب بسبب هذا القرار التعسفي
إسراء عبد المقصود ليست مجرد طالبة بل هي بطلة حقيقية حيث بدأت ممارسة الكاراتيه في صغرها متأثرة بوالدها الذي كان مدربًا للعبة وقد حققت بطولة الجمهورية لمدة ثماني سنوات متتالية وكأس مصر وهي مصنفة أول منتخب
ومع ذلك نجدها الآن ضحية لقرارات غير مدروسة وصماء تصدر عن إدارات تعليمية يتعامل مسؤولوها مع أحلام الشباب وكأنها مجرد أرقام لا تستحق الاهتمام
ردت مديرية التربية والتعليم في محافظة المنوفية على الأزمة بنفي تقديم الطالبة أي إثبات بتغيبها عن المدرسة حيث أشار مصدر بالمديرية إلى أن إسراء لم تخطر المدرسة قبل سفرها وبالتالي فإن قرار الفصل جاء وفقًا للقانون وفقًا لوجهة نظرهم غير أن هذه الحجج تبدو واهية أمام الواقع
حيث تعكس ضعف التواصل بين الإدارات التعليمية والجهات الرياضية التي ينبغي أن تعمل معًا من أجل مصلحة الطلاب
وعلى الرغم من الحديث عن إعادة قيد إسراء مرة أخرى بعد تقديم الأوراق اللازمة إلا أن هذه التصريحات لا تعكس الحل الحقيقي للمشكلة بل تشير إلى طريقة فاشلة في التعامل مع القضايا الهامة
فالعودة إلى المدرسة لن تعيد لإسراء ما فقدته من ثقة ولا ستحل الأزمات النفسية التي تعرضت لها فهل من المعقول أن يتلقى الشباب الدعم المعنوي من الوزارات بينما تأتي إدارات التعليم لتنقض على أحلامهم
تؤكد هذه الحالة ضرورة إعادة النظر في سياسات التعليم والرياضة في مصر حيث يجب أن تكون هناك آلية واضحة لدعم الطلاب الموهوبين وتوفير بيئة تعليمية متفاهمة مع احتياجاتهم وطموحاتهم بدلاً من التحجج بالقوانين المجردة التي غالبًا ما تكون غير مناسبة للواقع
إن إسراء عبد المقصود هي رمز للأجيال الشابة التي تتطلع إلى التميز والنجاح في مختلف المجالات ولكن هناك حاجة ماسة لتصحيح المسار وتحمل المسؤولية من قبل الحكومة المصرية وفتح آفاق جديدة للشباب بدلاً من عرقلة طموحاتهم
فقد أظهرت هذه الواقعة كيف يمكن أن يؤدي التقاعس والفساد الإداري إلى تدمير أحلام الفتيات والفتيان الذين يسعون لتحقيق أهدافهم
لذا يجب أن نبدأ في تغيير الثقافة السائدة التي تسيطر على المدارس والإدارات الحكومية وأن نتأكد من أن كل طموح يستحق الدعم والتقدير قبل أن يُحكم عليه بالفشل بقرارات متسرعة وغير مدروسة
إسراء ليست مجرد حالة فردية بل هي علامة على أزمة أوسع في التعليم والرياضة في مصر حيث يجب على الحكومة تحمل المسؤولية ووضع استراتيجيات فاعلة لضمان أن لا تُفصل أحلام الشباب بسبب نقص الفهم أو الفساد الإداري
إن الأوان قد حان للتغيير وإنقاذ الشباب المصري من قبضة النظام البيروقراطي الذي لا يراعي طموحاتهم وآمالهم بل يسعى لإخضاعهم لمعايير عفا عليها الزمن يجب أن نكون جميعًا صوتًا يدعو إلى الإصلاح ونجاح الأجيال القادمة في مصر