تعيش مصر حالة من الاضطراب الشديد والمعاناة اليومية التي لا تنتهي والتي لم تعد خافية على أحد فالشعب المصري يعاني من أزمة اقتصادية خانقة تتزايد حدتها يوما بعد يوم
بينما الحكومة المصرية تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي تتقاعس عن تقديم أي حلول جذرية بل تواصل في سياستها الفاشلة التي لم تحقق سوى المزيد من الأزمات والفساد الذي ينخر في مؤسسات الدولة
كل هذا برز في المؤتمر الذي تم تنظيمه في العاصمة الإدارية الجديدة تحت مسمى مؤتمر القبائل العربية والذي كان من المفترض أن يكون منصة لمناقشة قضايا حقيقية ولكن ما حدث كان مجرد استغلال فاضح للفقراء
الحديث هنا يدور حول حشود زائفة تم تنظيمها لإظهار دعم مزيف للرئيس السيسي وذلك من خلال استغلال حاجة المواطنين والفقراء الذين وجدوا أنفسهم محاصرين في دوامة من الفقر والبطالة وعجز حكومي واضح عن تحسين أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية
فعلى الرغم من أن الإعلام الموالي للسيسي وصف الحشد بالمؤتمر بأنه ضخم ومؤثر فإن ما رآه الحضور كان عكس ذلك تمامًا فالمؤتمر لم يكن سوى تجسيد لحالة من اليأس والفقر الذين يعاني منهما المصريون يوميًا
في هذا الإطار نجد أن النظام المصري استخدم نفس الأساليب القديمة التي اتبعها خلال الانتخابات الرئاسية الماضية حيث استغل المال والتهديدات لتجميع حشود وهمية تدعي التأييد للسيسي
وفي المؤتمر الأخير تم استقدام موظفي الدولة وطلاب الجامعات لحضور الفعالية تحت ضغط أو إغراءات مالية لكن تلك الحشود لم تعبر عن تأييد حقيقي بل أظهرت حاجة وفقر المصريين
تعكس مشاهد المؤتمر الحالة المزرية التي يعيشها الشعب المصري فبينما يُفترض أن تكون الفعاليات العامة فرصة للتعبير عن هموم المواطنين كان الواقع المرير حاضراً بقوة فالحضور أنفسهم لم يترددوا في التعبير عن استيائهم من الأوضاع المعيشية والتي وصلت إلى حد لا يُطاق
حيث أكد أحد الحاضرين بوضوح على معاناته الشخصية قائلاً “والنبي حسي بيا يا مصر” وعبارات أخرى تعكس حالة من الإحباط والغضب المتزايد بين المواطنين
من الصعب تجاهل واقع تفشي الفقر والبطالة وتدني مستوى المعيشة في مصر حيث تشير الأرقام إلى أن أكثر من 30% من السكان يعيشون تحت خط الفقر بينما يتجاوز معدل البطالة 10% في ظل عدم وجود أي حلول فعالة من الحكومة
بل تكتفي بالإجراءات الترقيعية التي لا تُعالج جذور الأزمة بل تزيد من تعقيدها الأمر الذي يطرح تساؤلات عدة عن كيفية إدارة الحكومة للأزمة في الوقت الذي يُظهر فيه الفقراء والمعدمون عدم قدرتهم على التكيف مع تلك الظروف المعيشية الصعبة
الحكومة بدلاً من اتخاذ خطوات جادة نحو الإصلاح الاقتصادي ومعالجة المشكلات الهيكلية قررت أن تستمر في نهجها القديم بالتغطية على الأزمات من خلال تنظيم مؤتمرات وحشود وهمية
وهو ما يظهر بوضوح في المؤتمر الأخير حيث كان الحضور أشبه بمسرحية هزلية أكثر منها فعالية حقيقية لمناقشة قضايا مهمة
كما أن سيطرة الفساد على مختلف المؤسسات الحكومية أصبحت قضية محورية في المشهد المصري فعلى الرغم من الوعود المستمرة من الحكومة بمكافحة الفساد
فإن الواقع يثبت عكس ذلك فالفساد متفشي في جميع القطاعات الحكومية بل ويبدو أن له شبكة مترابطة تحميه من المساءلة والرقابة وهو ما يتطلب تحركًا جادًا من الشعب المصري لمواجهة هذا التحدي
عندما نلقي نظرة على الأرقام الواردة في التقارير الاقتصادية نلاحظ أن معدلات التضخم تتزايد بشكل مستمر حيث وصلت إلى حدود غير مسبوقة
مما أثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية للمواطنين وحياتهم اليومية بينما تقف الحكومة مكتوفة الأيدي غير قادرة على تقديم أي حلول جذرية بل تكتفي بتصريحات مكررة دون أي تنفيذ فعلي
لا شك أن الوضع في مصر يبعث على القلق العميق فالشعب الذي لطالما عُرف بصموده وقوته أصبح الآن فريسة للفساد والإهمال الحكومي وما حدث في المؤتمر الأخير هو تجسيد حي لمعاناة المصريين الذين يشعرون بأنهم مهمشون في بلدهم وأن الحكومة ليست في صفهم بل تمثل عبئاً عليهم
ويبدو أن الوضع في مصر يتطلب تغييرًا جذريًا في السياسات الحكومية وفي طريقة تعامل الحكومة مع الأزمات المتزايدة فالشعب المصري يستحق حياة كريمة وحقوقًا مشروعة
ولا يجب أن يبقى رهينة للفساد وسوء الإدارة بل يتعين على الحكومة أن تتحمل مسؤولياتها وتقدم حلولًا عملية تسهم في تحسين حياة المواطنين والحد من معاناتهم اليومية
فهل ستستجيب الحكومة لمطالب الشعب أم ستبقى في حالة من الإنكار وعدم الاكتراث بتلك المعاناة المتواصلة التي يعيشها المصريون؟