يستمر مسلسل فشل منظومة التعليم في مصر في ظل تقاعس الحكومة وفسادها الذي بات واضحًا للجميع حيث لم يعد هناك أي أمل في تحسين وضع التعليم الذي ينعكس سلبًا على مستقبل الأجيال الجديدة
وأصبحت الدروس الخصوصية سيدة الموقف رغم كل الوعود والقرارات التي تصدرها وزارة التربية والتعليم والتي يتزعمها محمد عبد اللطيف
مع بداية كل عام دراسي جديد يخرج وزير التعليم بوعود قوية وسناريوهات رنانة للقضاء على الدروس الخصوصية ولكن ما إن تمر أسابيع حتى نجد أن تلك الوعود تبخرت في الهواء ولم يعد لها وجود على أرض الواقع
حيث تظل السناتر التعليمية قائمة بل وتزدهر لأن المدارس أصبحت غير قادرة على تقديم التعليم الجيد للطلاب ومعظمهم يتجنب الذهاب إلى المدرسة أصلاً لأنهم يدركون أن المعلمين في الغالب لا يقدمون المحتوى الدراسي كما ينبغي
وزارة التعليم أصدرت تعليمات بتشكيل مجموعات تقوية للطلاب إلا أن هذه المجموعات لا تفي بالغرض فأسعار الحصص تتراوح بين 120 و180 جنيهًا
وهذا يضيف عبئًا ماليًا إضافيًا على أولياء الأمور الذين يكافحون لتوفير تكاليف التعليم لأبنائهم في مرحلة الشهادات التي تحتاج إلى تعليم خاص لضمان التحصيل الجيد
وقد وعد وزير التعليم بأن يتم اتخاذ إجراءات قانونية ضد المعلمين الذين يمارسون التدريس بشكل غير قانوني يبدو أنه مجرد محاولة للتهرب من المسؤولية
فقد أصبحت مراكز الدروس الخصوصية كيانًا موازياً للمدارس بل أكثر كفاءة في توفير التعليم الجيد حيث تفتقر المدارس إلى الإمكانيات اللازمة مثل الوسائل التكنولوجية التي تسهل عملية التعليم كتوفير السبورات الذكية والكتب الدراسية التي تعاني من نقص كبير في الشرح المفصل والوافي
لم يكن هناك أي تحسن في التعليم الحكومي بل على العكس تمامًا فبعد مرور أكثر من شهر على بداية العام الدراسي الجديد يمكننا القول بأن الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ
فكل ما وعد به الوزير لم يتحقق بل وأصبح الطلاب في حالة من الارتباك الشديد بسبب النقص الحاد في المعلمين حيث يتم الاعتماد بشكل كامل على الدروس الخصوصية لتفادي الفشل في الامتحانات وهذا عبء مادي كبير على كاهل الأسر التي تسعى لتحقيق أعلى الدرجات لدخول الكليات المرموقة
ومع إلغاء بعض المواد مثل اللغة الأجنبية الثانية والفلسفة وعلم النفس يبدو أن هناك تحسنًا طفيفًا في مصروفات التعليم
لكن العجز في المعلمين يبقى مؤلمًا في المواد الأساسية مثل اللغة العربية والرياضيات واللغة الإنجليزية مما يعني أن الطلاب مجبرون على الاعتماد على السناتر بشكل كامل
واقع السناتر في القاهرة والجيزة والإسكندرية وأسيوط يُظهر أن كل تلك الوعود كانت مجرد كلمات فارغة حيث تعمل السناتر بكامل طاقتها وتوزع جداول دروسها عبر الإنترنت كما لو كانت مراكز تعليمية معترف بها رسميًا وهذا يدل على فشل الحكومة في السيطرة على هذا الوضع
يستمر الطلاب في الانصراف عن المدرسة إلى مراكز الدروس الخصوصية حيث يحضر طلاب الثانوية العامة دروسهم ثلاثة أيام في الأسبوع في حين يفضل آخرون التوجه للسناتر بشكل شبه يومي لعدم كفاءة التعليم في المدارس فقد أصبح التعليم في مصر مجرد منتج تجاري يتم بيعه للطلاب بأسعار مرتفعة وهو ما يعكس مدى فساد النظام التعليمي
حيث يدفع الطلاب ما لا يقل عن 2400 جنيه شهريًا لتعليمهم من خلال هذه السناتر مما يمثل ضغطًا ماليًا على أسرهم في حين أن الحصص نفسها تتراوح أسعارها بين 120 و180 جنيهًا حسب المادة والمعلم وهذا يؤكد أن التعليم في مصر قد تحول إلى تجارة رابحة على حساب المستقبل
وعلى الرغم من الوعود العديدة بأن يتم توفير المعلمين وتحسين المناهج إلا أن الواقع مختلف تمامًا فالمدارس ما زالت تعاني من نقص حاد في المعلمين ونقص في الوسائل التعليمية مما يجعل العودة إلى التعليم الحكومي أمرًا غير مجدٍ وأصبح من الضروري على الطلاب التركيز على الدروس الخصوصية كخيار وحيد لضمان نجاحهم
وبهذا يتضح أن الحلول المعلنة من وزارة التعليم ما هي إلا ذر للرماد في العيون والواقع يؤكد أن فشل النظام التعليمي في مصر هو فشل شامل يتحمل مسؤوليته الجميع من الحكومة إلى وزارة التعليم ومن المعلمين إلى الإداريين
وهذا ما يجب أن يدق جرس الإنذار لجميع المعنيين في الدولة أن الوضع قد بلغ حدًا كارثيًا وأن مستقبل الأجيال القادمة بات في خطر محدق يتطلب حلولاً جذرية وليس مجرد كلمات دون أي تطبيق على أرض الواقع