تدور رحى الفساد في شركة الوجه القبلي لإنتاج الكهرباء بشكل يثير الرعب والدهشة لدى المواطنين والمهتمين بالأمر فالأرقام الفلكية والمخالفات الفاضحة تبرز مدى الانحراف الذي وصلت إليه الأمور في هذه الشركة الحيوية والتي تمثل أحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد المصري
ومع هذا الوضع المخزي لا يبدو أن الحكومة المصرية جادة في فرض الرقابة اللازمة لوقف هذا الفساد الذي يفتك بالأموال العامة.
يأتي في مقدمة المتورطين محاسب محمد نبيل بدوي بدر رئيس قطاع الموارد البشرية الذي تم محاسبته بموجب تحقيقات قانونية أجراها القطاع القانوني بالشركة القابضة لكهرباء مصر وأكدت هذه التحقيقات رقم 28 لسنة 2023 أن نبيل بدر قد خرج عن مقتضيات الواجب الوظيفي
مما أدى إلى حدوث تجاوزات إدارية ومالية جسيمة أضرت بمصالح الشركة حيث حصل على مكافآت غير مستحقة بينما ترك موظفين آخرين يعانون من الأوضاع المالية الصعبة.
واحدة من أبرز القضايا المثيرة للجدل هي استغلال أسماء الموظفين لتحقيق مكاسب مالية شخصية فبينما يسعى البعض لتأمين حياة كريمة لهم ولعائلاتهم تجد آخرين يستغلون الفساد لتحقيق أهدافهم غير المشروعة
فعلى سبيل المثال ياسر مصطفي محمود الذي لم يسبق له زيارة المصايف استخدم اسمه من قبل الفاسدين للحصول على دعم مالي غير مستحق من الشركة وذلك في سابقة مثيرة تثير الاستهجان.
قصة حمدى عبد الوهاب محمد تثير المزيد من المشاعر حيث كان مريضًا بالسرطان ويعاني من جلسات العلاج الكيماوي منذ عام 2020 وتوفي في 2024
ولم يكن له نصيب من المصيف المزعوم الذي استغل اسمه من قبل الفاسدين لاستنزاف أموال الدعم المخصصة للموظفين بينما يتواجد زملاؤه في أماكنهم الوظيفية وهو ما يفضح الفساد المدمر الذي يعاني منه القطاع.
الأدهى من ذلك أن هذه التصرفات تمت بتزوير توقيعات الموظفين وتقديم مستندات مزورة تثبت أنهم قد زاروا المصيف بينما كانت بصماتهم مسجلة في أجهزة الحضور والانصراف خلال تلك الفترة مما يؤكد زيف الادعاءات وهذه المخالفات تكشف حجم الانحرافات في التعامل مع الأموال العامة.
هذه الممارسات الفاسدة لا تقتصر على الأسماء السابقة بل تتجاوزها لتشمل العديد من الموظفين الذين تم استخدام أسمائهم في عمليات الاحتيال
بينما كانوا متواجدين في مواقع عملهم وبالتالي فإن الأعداد كبيرة جدًا والحالات تتزايد بشكل يستدعي تحركًا عاجلاً من الجهات المعنية.
تحقيقات الجهاز المركزي للمحاسبات قد أثبتت تلك المخالفات حيث جاءت الوثائق الرسمية التي تحتوي على أسماء الموظفين وتفاصيل التجاوزات التي وقعت أمام أعين الجميع ولكن يبدو أن تلك النتائج لم تشكل أي ضغط على الجهات المعنية للتحرك ووقف هذا الانهيار المؤسسي.
إن ما يحدث في شركة الوجه القبلي لإنتاج الكهرباء ليس مجرد تجاوزات عادية بل هو فساد ممنهج يستدعي وقفة حاسمة من الحكومة ومراقبة حقيقية لكل ما يحدث داخل أروقة الشركة على جميع الأصعدة من إدارات الموارد البشرية إلى اللجان المالية المعنية بالتوزيع والإنفاق.
إذا استمرت الأمور على ما هي عليه فستتجلى الصورة القاتمة للفساد في باقي القطاعات الحكومية والخاصة وعلى المواطنين أن يدركوا أهمية كشف هذه التجاوزات والمشاركة في محاربتها قبل أن يستفحل الوضع ويصبح الأمر أكثر تعقيدًا مما هو عليه الآن.
الجميع يتطلع إلى موقف حاسم من الحكومة للحد من هذا الفساد وإعادة الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة فالصمت لن يكون الخيار الصحيح والشعب المصري يستحق أن يعيش في بيئة نظيفة خالية من الفساد والتجاوزات التي تنخر في جسد الدولة.
فإن المستقبل يجب أن يكون عنوانه الشفافية والرقابة الصارمة على كل ما يحدث في مؤسسات الدولة فإذا استمر الفساد دون رادع فسيكون الكارثة المعلقة التي ستسقط على الجميع بلا استثناء وتخلف آثارًا سلبية عميقة تؤثر على مستقبل الأجيال القادمة.