في خطوة تعدّ استمرارية لنهج الحكومة المصرية المنتهج منذ تولي وزير المالية السابق محمد معيط مقاليد الأمور، يخرج علينا نائب وزير المالية شريف الكيلاني بتصريحات تكشف عن مخطط جديد يهدف إلى جمع 27 مليار جنيه من القطاع الخاص عبر ستة مشروعات خلال العام الحالي،
بعد أن تمكنت الوزارة في العام الماضي من تحقيق 19.8 مليار جنيه، وهو رقم لا يعكس بأي حال من الأحوال أي نجاح فعلي بل يعكس فشل الحكومة في تحقيق التنمية المستدامة.
يتحدث الكيلاني عن استراتيجيات غير واضحة المعالم، متجاهلاً الفشل الذريع الذي تعرض له الاقتصاد المصري خلال السنوات الماضية.
فمصر اليوم تعاني من أزمات اقتصادية خانقة، تسببت فيها السياسات الخاطئة والانغماس في بحر من الديون الخارجية والداخلية، وهو ما جعل المواطن المصري يدفع ثمن هذه السياسات باهظًا.
إن استهداف جمع هذا المبلغ الضخم في ظل الأوضاع الحالية هو بمثابة ضرب من الجنون، في وقت يواجه فيه الشعب ظروفًا معيشية قاسية وأزمات اقتصادية طاحنة.
من المؤسف أن الحكومة المصرية، بقيادة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، تتجاهل تمامًا الأبعاد الكارثية لهذه القرارات. إنها لا ترى سوى الأرقام، ولا تفكر في العواقب المترتبة على هذه السياسات.
الحديث عن مشاركة القطاع الخاص في مشروعات ضخمة يبدو جذابًا في الظاهر، لكنه يعكس عدم قدرة الحكومة على إدارة الأمور بشكل فعال. ما مدى فاعلية هذه المشاريع؟
ومن سيستفيد منها حقًا؟ المواطن المصري الذي يعاني من التضخم والارتفاع المتواصل في الأسعار، أم الشركات الخاصة التي تبحث عن الربح فقط؟
إن الفساد المتفشي في الحكومة المصرية يلقي بظلاله على كل هذه الخطط. الحكومة الحالية لم تقدم أي دليل على قدرتها على محاربة الفساد أو تحقيق الشفافية.
فكيف يمكن للمواطن المصري أن يثق في هذه التصريحات والأرقام، في وقت نرى فيه تقارير يومية عن الفساد المستشري داخل مؤسسات الدولة؟ وفي ظل هذا الفساد، كيف يمكن للمواطن أن يشعر بالأمان تجاه استثماراته أو حتى تجاه مستقبل بلده؟
على الرغم من الأرقام الضخمة التي تتحدث عنها الوزارة، فإن الحقيقة المؤلمة هي أن معظم هذه المشاريع لن تؤدي إلى أي تغيير حقيقي في حياة الناس.
إن الفساد والرشاوى وعدم الشفافية هو ما يسيطر على هذه المشاريع، مما يجعل من الصعب تحقيق أي تقدم حقيقي. المواطن المصري لم يعد يمتلك القدرة على تحمل المزيد من الوعود الفارغة، وهو ما يجعل من الضروري أن يتم إعادة النظر في هذه الخطط والمشاريع.
وفي خضم هذا كله، يظل المواطن المصري هو الضحية الحقيقية لهذه السياسات الفاشلة. الحكومة تواصل فرض الضرائب والرسوم، بينما يعيش المواطنون تحت وطأة الفقر والبطالة.
إن الاستمرار في جمع الأموال من القطاع الخاص ليس سوى محاولة لتغطية عجز الحكومة عن تحقيق التنمية الحقيقية. وما يثير القلق هو أن هذه السياسة قد تؤدي إلى تفاقم الوضع، بدلاً من تحسينه.
من المعروف أن الاقتصاد المصري يحتاج إلى إصلاحات جذرية وليس مجرد جمع الأموال. المواطنون في حاجة إلى رؤية تغيير حقيقي على الأرض، وليس مجرد أرقام تتحدث عن مشروعات لم تُنفذ بعد.
الحكومة بحاجة إلى توضيح كيفية استخدامها لهذه الأموال وما هي الخطط الفعلية لتحسين حياة المواطنين. بدون ذلك، ستبقى هذه التصريحات مجرد شعارات لا قيمة لها.
على المستوى الاجتماعي، فإن هذه السياسات تهدد استقرار المجتمع المصري. فكلما زاد الإحباط بين المواطنين نتيجة هذه السياسات، زادت فرص حدوث اضطرابات اجتماعية.
إن الحكومة بحاجة إلى التفكير في استراتيجيات تحقق الفائدة للجميع، وليس فقط لفئة معينة من رجال الأعمال. الاستثمارات يجب أن تُوجه إلى القطاعات التي تعود بالنفع على الشعب، مثل التعليم والصحة والبنية التحتية.
من المؤكد أن الحكومة بحاجة إلى إعادة تقييم استراتيجياتها الحالية. الاستمرار في نفس النهج لن يؤدي إلا إلى مزيد من الفشل.
إن تصريحات نائب وزير المالية شريف الكيلاني تشير إلى غياب الرؤية والوضوح في السياسات المالية، وهذا ما يزيد من المخاوف حول مستقبل الاقتصاد المصري.
وإن ما يثير القلق حقًا هو أن هذه الأرقام ليست سوى غطاء لمشاكل أكبر تعاني منها البلاد. إن على الحكومة أن تتحلى بالشجاعة والجرأة للاعتراف بالحقائق المؤلمة وتقديم خطة شاملة تعالج الجذور الحقيقية للمشكلات الاقتصادية. الشعب المصري يستحق أكثر من مجرد أرقام بلا معنى، ويستحق رؤية حقيقة ملموسة في حياته اليومية.