الحكومة المصرية تُفشل العمرة وتفرض أسعارًا خيالية وسط فساد متفشٍ
في خضم الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها الشعب المصري يلجأ العديد من المواطنين إلى تأشيرات الترانزيت السعودية كوسيلة لتقليل نفقات العمرة وتيسير رحلتهم إلى الأراضي المقدسة تمنح هذه التأشيرات حق دخول المملكة لمدة 96 ساعة
مما يتيح لهم الفرصة للتنقل داخل مدن المملكة بما في ذلك مكة والمدينة ومع ذلك فإن التحالف الحكومي المكون من وزارة الطيران ووزارة السياحة وغرفة شركات السياحة لم يعجبهم هذا الخيار وبدلا من تقديم تسهيلات للمواطنين فقد أسرعوا في اتخاذ إجراءات تعسفية لوقف رحلات عمرة الترانزيت مما يعكس مدى الفساد والتقاعس في معالجة مشاكل الناس
إن أسعار رحلات العمرة عبر شركات السياحة قد تضاعفت بشكل غير مبرر حيث تتراوح بين 30 ألف جنيه للفرد وقد تصل إلى ما بين 50 ألف و100 ألف جنيه خلال ذروة أداء العمرة في شهر رمضان المقبل وفي المقابل تقدم رحلات الترانزيت أسعاراً تتراوح بين 14 إلى 18 ألف جنيه
مما يجعل الخيار الأول غير قابل للتحمل من قبل معظم المواطنين ولذا يتجهون نحو الرحلات الأقل تكلفة لكن الحكومة لا تكترث بمعاناتهم بل تسعى لزيادة أرباحها على حساب أوجاع الشعب
تضليل وحقائق مغلوطة
في هذا السياق خرج نائب رئيس اتحاد الغرف السياحية ناصر تركي ببيان صحفي يعكس مستوى التواطؤ بين السلطات حيث زعم فيه حظر سفر المصريين إلى السعودية بتأشيرة ترانزيت في حين أن السلطات السعودية نفت هذه الادعاءات بشكل عملي إذ أصدرت تأشيرات لكل من يطلبها عبر وكلاء السفر وشركات الطيران
كما يمكن الحصول عليها بسهولة من خلال موقع وزارة الخارجية السعودية على الإنترنت وهذا يثير التساؤلات حول ما إذا كانت الحكومة المصرية تتعمد نشر هذه الأكاذيب لتعزيز موقفها أمام المواطنين
غياب الشفافية وسوء إدارة الأموال
تجدر الإشارة إلى أن الخبير السياحي ماجد شوشة قد أشار بوضوح إلى مسؤولية وزارة السياحة ومصر للطيران في ارتفاع تكلفة العمرة بسبب القيود المالية الثقيلة المفروضة على شركات السياحة حيث استغلت مصر للطيران تلك القيود في مضاعفة سعر تذكرة الطيران للمسافرين للعمرة
بينما حافظت على أسعار منخفضة لتذاكر سفر الآخرين على نفس الرحلة وهذه المعايير المزدوجة في التعامل مع المعتمرين تكشف عن غياب العدالة والمساواة في المعاملة وهو أمر يتعارض مع حقوق المواطنين في الحصول على خدمات سياحية متساوية وعادلة
أزمة اقتصادية متفاقمة وتطلعات مشروعة
إن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر تجبر الكثيرين على البحث عن حلول بديلة مثل الطيران مع الخطوط السعودية أو رحلات الطيران العارض الشارتر والتي تتيح للمسافرين إنهاء إجراءات تأشيرة الترانزيت خلال ساعات
بينما يتعين على المعتمرين العاديين الانتظار لفترات طويلة لإنهاء الإجراءات عبر بوابة الحج والعمرة التي تديرها وزارة السياحة ولعل هذا الفارق الواضح في الإجراءات يعكس عدم قدرة الحكومة على توفير الحلول الفعالة لمواجهة الأزمات التي تتسبب في تفاقم معاناة المواطنين
إن فرض أسعار باهظة على رحلات العمرة يعكس المستوى المتدني من المسؤولية الاجتماعية والاقتصادية من قبل الحكومة المصرية التي تفضل أن تكون في صف الشركات على حساب المواطن البسيط الذي يسعى لأداء فريضة دينية بأقل تكلفة ممكنة وفي وقت يعاني فيه من ضغوط اقتصادية غير مسبوقة
الحل يكمن في اتخاذ إجراءات جادة
إن على الحكومة المصرية أن تدرك أن التغافل عن مشاكل المواطنين وعدم الاستماع إلى مطالبهم لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأوضاع وزيادة الاستياء الشعبي الذي بات واضحا في العديد من الفئات المجتمع
كما أن استغلال الأزمات لتحقيق مكاسب مالية على حساب المعتمرين هو بمثابة جريمة لا يمكن السكوت عنها لذا يجب على السلطات أن تتحرك بشكل فوري لتقديم الدعم للمواطنين من خلال تخفيض أسعار العمرة وتسهيل إجراءات السفر
وتبقى إرادة الشعب قوية ومع استمرار التظلمات والاحتجاجات ضد هذا الفساد والتقاعس الحكومي فإن على الحكومة أن تعي أن أي تقاعس آخر سيجعلها في مواجهة عواقب وخيمة قد لا يمكن التنبؤ بها
لذلك فإن الوقت قد حان ليكون هناك تحول جذري في سياسات الحكومة تجاه المواطنين وأن تكون هناك استجابة حقيقية لمطالبهم بدلًا من الاستمرار في سياسة الإقصاء والتجاهل التي لن تؤدي إلا إلى مزيد من الفوضى والانهيار