فجر الإعلامي أحمد موسى ما وصفه الكثيرون بأنه بشرى للمصريين عن حقل ظهر الذي يعد واحدا من أكبر حقول الغاز في العالم حيث أعلن عن قرب عودة الحقل إلى معدلات إنتاجه الطبيعية بفضل حفر ثلاثة آبار جديدة
ورغم لهجة التفاؤل التي استخدمها موسى خلال برنامجه على قناة صدى البلد فإن الحقيقة المُرّة تكمن في تقاعس الحكومة المصرية عن معالجة الأزمات الاقتصادية المستفحلة واحتياجات الشعب الأساسية
بينما تحدث موسى عن الأمل والإنجازات المستقبلية فقد أغفل حقيقة أن هذه الوعود ليست سوى مسكنات لن تساهم في حل المشكلات الجذرية التي يعاني منها المواطنون المصريون
ففي ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية وانخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار لا يمكن للاستخراج المتزايد من الغاز أن يعوض الفجوة الاقتصادية التي يعاني منها الملايين
أوضح موسى أن الحفار سيصل في ديسمبر المقبل لبدء حفر الآبار الجديدة وأن هذا العمل سيوفر إنتاجا يوميا بحجم 220 مليون قدم مكعب من الغاز بعد حفر ثلاثة آبار في يناير 2025
وهذا الإعلان لا يعدو كونه مجرد ضوء خافت في نفق مظلم فكيف يمكن لمعدلات إنتاج الغاز أن تنعش الاقتصاد في ظل استمرار الفساد الإداري والمالي الذي ينخر في جسم الحكومة
إن الحكومة المصرية برئاسة عبد الفتاح السيسي قد أظهرت تقاعسا مقلقا في مواجهة التحديات الاقتصادية التي تعصف بالبلاد فقد باتت أزمة الكهرباء تتفاقم يوما بعد يوم وبدلاً من اتخاذ خطوات جادة لحل هذه الأزمة
فإن الحكومة تكتفي بتصريحات مريحة لا تسمن ولا تغني من جوع فتخفيف فاتورة استيراد الغاز من الخارج الذي يأمل موسى أن يتحقق العام المقبل يبدو حلما بعيد المنال في ظل الفوضى الحالية التي تعاني منها البلاد
ولم يكن غريبا أن تأتي تصريحات موسى في أعقاب استقبال السيسي لرئيس شركة إيني الإيطالية حيث أكد على عمق العلاقات بين مصر والشركة
وهو ما يطرح العديد من التساؤلات حول مدى تأثير هذه العلاقات على الاقتصاد المصري وأين تذهب عائدات الغاز هل تذهب إلى تحسين الوضع الاقتصادي للمواطنين أم تظل حبيسة في جيوب الفاسدين الذين يتلاعبون بالموارد
إن العودة المحتملة لتصدير الغاز هي مجرد مسكن لآلام الشعب المصري الذي يعاني من ارتفاع تكلفة المعيشة وغياب الخدمات الأساسية في مجالات الصحة والتعليم والنقل فالحديث عن الأرقام الضخمة للإنتاج دون وضع خطة شاملة لتحسين معيشة المواطنين هو بمثابة تهرب من المسؤولية وفشل ذريع في القيادة السياسية
إن التوقعات التي طرحها موسى عن تحسن الوضع الكهربائي في مصر يجب أن تقابل بالحذر فالكثير من الوعود الحكومية كانت دائما تتلاشى في الهواء ولا تتجسد على أرض الواقع
مما يجعل المواطن في حالة من الشك والقلق من المستقبل أما الحديث عن العلاقات المتميزة مع شركة إيني فلا يعدو كونه دعاية سياسية لن تغطي على الفساد المستشري في كل جوانب الدولة
وإذا كان هناك أمل في تحسين الوضع فإن الخطوات الجادة تتطلب شفافية أكبر ومساءلة للمسؤولين الذين تسببوا في تفاقم الأزمات الحالية
فما يحدث في مصر ليس مجرد مسألة إنتاج غاز بل هو انعكاس لغياب التخطيط الاستراتيجي وغياب الإرادة الحقيقية لحل مشكلات المواطن المصري
لا يزال الكثير من المصريين يعيشون تحت خط الفقر في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة تقديم الوعود التي يبدو أنها لن تتحقق
فالأرقام التي يتحدث عنها موسى يجب أن تُعالج كحقيقة تتطلب مواقف صارمة من الحكومة وأجهزتها لمواجهة الفساد والمحسوبية التي أدت إلى تدهور الوضع الاقتصادي
وتبقى حالة الشك والقلق مستمرة لدى المواطنين تجاه وعود الحكومة فالتفاؤل الذي يبثه الإعلام دون معالجة حقيقية للأزمات يعتبر بمثابة مسكنات لن تنجح في تخفيف آلام الغالبية العظمى من الشعب المصري إذ إن الحديث عن حقل ظهر والغاز لا يمكن أن يغطي على الفساد المستشري والفشل الإداري الذي أصبح السمة الرئيسية للحكومة المصرية الحالية
وبذلك يتضح أن الحديث عن النجاحات في قطاع الغاز يأتي في وقت يعاني فيه المواطن من تفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية ما يستدعي ضرورة إعادة النظر في السياسات الحكومية والعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية بدلاً من الاكتفاء بالشعارات والوعود التي لا تسمن ولا تغني من جوع