مصر .. الحكومة توقف هدم مقابر الإمام الشافعي بعد ضغط الرأى العام
عادت الحكومة المصرية لتتربع على عرش الفشل والفساد بعد موجة من الجدل الغاضب حول هدم مقابر الإمام الشافعي في القاهرة التاريخية.
حيث أعلنت الحكومة مؤخرًا عن إيقاف عمليات الهدم التي كانت تستهدف هذه المنطقة ذات القيمة التراثية العالية، ولكن هل حقًا هذه هي النهاية لهذه المأساة أم مجرد ذر للرماد في العيون؟
استجابة متأخرة وتوجيهات غير مثمرة
بعد حملات مكثفة من موقع “أخبار الغد” وضغوط من نشطاء على موقاع التواصل الاجتماعي ومطالبات المواطنين بوقف الهدم في المناطق التراثية،
خرج رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي بتصريحات جديدة تؤكد أن الدولة “مهتمة بالمنشآت”، سواء كانت مسجلة كآثار أو مباني تراثية.
ولكن هنا يطرح السؤال الأهم: لماذا انتظرت الحكومة كل هذا الوقت لتتحرك؟ فهل يمكن تصديق أن هذه التوجيهات الفورية ستنقذ ما تبقى من هوية تاريخية تتعرض للتهديد في كل يوم؟
هدم لرموز التاريخ
تجدد الجدل بعد تداول صور تظهر قبة مهدمة يعود تاريخها إلى عصر محمد علي باشا، والمعروفة بقبة حليم باشا، التي تُعتبر واحدة من رموز هذا التاريخ المجيد.
هذا الهدم ليس مجرد حدث عابر، بل هو اعتداء سافر على تاريخ مصر وثقافتها، وهو ما يعكس انعدام الوعي الثقافي لدى المسؤولين الذين يديرون شؤون البلاد.
وقد أصدرت الحكومة بيانًا تنفي فيه أثرية منطقة مقابر الإمام الشافعي، لكنها تعود لتؤكد أنها ستعتني بها كونها منطقة تراثية، وهو تناقض واضح بين الأقوال والأفعال.
التناقضات الحكومية والوعود الفارغة
بينما يصر مدبولي على حرص الدولة على الحفاظ على الآثار والتراث، لا يمكن تجاهل الفوضى والتناقضات التي تسود هذه التصريحات. الحكومة تدعي أنها تعمل على حماية هذه المعالم، لكنها في ذات الوقت تتجاهل القوانين الموجودة،
مثل قانون حماية الآثار لعام 1983، الذي ينص على أن كل مبنى مر عليه 100 عام يُعتبر أثرًا. وفي الوقت الذي تبرر فيه الحكومة عمليات الهدم بمبررات غير مقنعة، يصرّ المعارضون على أن هذه المباني تحمل قيمة معمارية وتاريخية كبيرة تعكس هوية البلاد.
مقابر العائلة المالكة كرمز للهوية
تعتبر منطقة مقابر الإمام الشافعي جزءًا من التراث الثقافي المصري، حيث تم إنشاؤها عام 1220هـ/ 1805م على يد محمد علي باشا. ومنذ ذلك الحين، شهدت المنطقة العديد من التوسعات والتغييرات، مما يجعل من الضروري الحفاظ عليها كجزء من الهوية الوطنية.
فهل يعقل أن تستمر الحكومة في التعامل مع هذه المناطق كعبء يجب التخلص منه بدلاً من الاحتفاء بها كجزء من التاريخ؟
ضرورة التحرك الشعبي
إن استجابة الحكومة المتأخرة وغير الفعالة ليست كافية لتغيير واقع الهدم الذي يتهدد التراث الأثري. لذا، يجب أن يكون هناك تحرك شعبي شامل للحفاظ على هذه المعالم، يجب أن تتوحد الأصوات للمطالبة بحماية التراث، وفضح الفساد الذي يغطي على هذه الممارسات. فالهدم ليس مجرد إزالة حجارة، بل هو مسح لذاكرة الأمة وتراثها.
مستقبل التراث تحت ضغط الفساد
في ظل هذه الأجواء المشحونة بالجدل والفضائح، يبدو أن مستقبل التراث المصري في خطر حقيقي. فإن استمر الفساد والتقاعس عن واجب الحفاظ على الهوية الثقافية، فقد نرى مزيدًا من الهدم والتدمير.
لذا فإن هذه ليست مجرد قضية محلية، بل هي قضية تتعلق بهوية الأمة وتاريخها، ويجب أن يكون هناك وقفة جدية من جميع المواطنين والمثقفين للمطالبة بوقف هذه الكارثة.
فضيحة الحكومة المصرية في هدم التراث الأثري ونداء لإنقاذ الهوية
إن ما يحدث في منطقة مقابر الإمام الشافعي هو جرس إنذار لكل المصريين، فهو يمثل حلقة في سلسلة من الانتهاكات التي تتعرض لها تراثنا الثقافي.
يجب أن نكون جميعًا حراسًا على تراثنا، وأن نرفض أي ممارسات تهدد هويتنا وتاريخنا. فمصر ليست مجرد أرض، بل هي ذاكرة وثقافة يجب أن نحميها بكل ما أوتينا من قوة.