دخل العدوان الإسرائيلي على غزة يومه الـ389 ليشهد الوضع تصعيدًا كارثيًا يتجاوز حدود الألم حيث أفادت مصادر صحفية عن استشهاد 77 فلسطينيًا وفقدان العشرات في قصف همجي استهدف مبنى في بيت لاهيا شمالي القطاع في ظل استمرار الهجمات المميتة على المدنيين في مشهد يعكس الفوضى والدمار المتزايد.
القصف الجوي الذي لم يتوقف لحظة يثبت أنه غير متناسب وغير مبرر حيث استهدف المنازل والأحياء السكنية مسببًا خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات الأمر الذي يدفع إلى التساؤل عن المعايير الأخلاقية والإنسانية التي يتجاهلها المجتمع الدولي في تعامله مع هذه المأساة.
خلال الـ24 ساعة الماضية، سجلت حصيلة مرعبة حيث استشهد 32 فلسطينيًا في سلسلة من الهجمات المتتالية التي لم تراعِ لا كرامة إنسان ولا حرمة لبيوت الآمنين وهذا يظهر مدى الوحشية التي يتعامل بها الاحتلال مع الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت وطأة هذا العدوان المستمر.
المأساة لم تتوقف عند حدود القصف فحسب بل تجاوزت ذلك إلى مشهد إنساني مؤلم حيث تمتلئ المستشفيات بالجرحى وتزداد الأعداد بصورة مقلقة في ظل نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية، وفي الوقت نفسه يواجه النازحون في مراكز الإيواء ظروفًا مروعة تفوق طاقة احتمالهم، حيث تفتقر هذه المراكز إلى أبسط مقومات الحياة.
وفي سياق آخر، تصاعدت ردود الفعل على التصويت الذي أجرته الكنيست الإسرائيلي بشأن مشروع قانون لحظر عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” والذي اعتبرته حركة المقاومة الإسلامية “حماس” بمثابة إعلان حرب جديد على حقوق الفلسطينيين، وتأكيدًا على أن الاحتلال يسعى لتصفية القضية الفلسطينية بشكل منهجي.
التصويت الذي تم تمريره في أروقة الكنيست يكشف النقاب عن نوايا الاحتلال في استهداف الوجود الفلسطيني في كل مكان وليس فقط في غزة بل في كافة المناطق المحتلة، وهذا الأمر يثير القلق حول مستقبل الملايين من اللاجئين الفلسطينيين الذين يعتمدون على هذه الوكالة في الحصول على أبسط حقوقهم الإنسانية والغذائية.
هذه الخطوة تعكس سياسة الإقصاء والتهميش التي تتبعها الحكومة الإسرائيلية وتظهر بوضوح عدم التزامها بالمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، حيث يُراد من خلال هذه القرارات إحكام السيطرة على الواقع الفلسطيني وخلق واقع جديد يتجاهل حقوق الفلسطينيين ويزيد من معاناتهم.
التوترات في المنطقة تشتعل من جديد في ظل غياب أي جهود حقيقية من المجتمع الدولي لإنهاء هذا الصراع، فالدعوات إلى وقف إطلاق النار لا تزال تتلاشى في ظل الانتهاكات المستمرة، ويبدو أن العالم يتجاهل بشكل متعمد هذه المأساة الإنسانية التي تستمر بلا هوادة.
الشعب الفلسطيني اليوم يعيش في حالة من الذعر والخوف في ظل القصف الذي لا يتوقف، بينما يحاول البعض البقاء على قيد الحياة وسط دمار شامل، فالأمل في الغد بات يقترب من الانقراض، والضغوط التي يعاني منها المواطنون في غزة تؤكد على ضرورة وضع حد لهذا العدوان الجائر.
بينما تتوالى الضغوط السياسية والاقتصادية على فلسطين، يبقى السؤال مطروحًا: متى ستتحرك الدول العربية والدولية لوقف هذا النزيف؟ متى سيتدخل المجتمع الدولي لحماية الأبرياء من ويلات الحرب والقصف العشوائي؟
إن التحرك الفوري هو السبيل الوحيد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أرواح وممتلكات، فالمأساة تتعاظم كل يوم، والشعب الفلسطيني الذي يعاني من ويلات الحروب يتطلع إلى دعم حقيقي ينقذهم من براثن الفقر والدمار.
والعدوان الإسرائيلي على غزة لا يمكن وصفه إلا بأنه وصمة عار في جبين الإنسانية، فالعالم مدعو لإعادة النظر في مواقفه وتحمل المسؤولية تجاه الأوضاع المأساوية التي يعيشها الفلسطينيون، فالصمت ليس خيارًا بعد الآن.