استدعاء 22 عاملًا من شركة مصر للألمونيوم للتحقيق: فساد حكومي وإهدار لحقوق العمال
في تصعيد جديد يكشف مدى الفساد المستشري في الأجهزة الحكومية المصرية، استدعت نيابة أمن الدولة بمحافظة قنا 22 عاملًا من شركة مصر للألمونيوم للتحقيق معهم على خلفية الإضراب الذي شلّ الحركة في الشركة، والذي شارك فيه أكثر من 4000 عامل.
الإضراب جاء كرد فعل غاضب على قرار تخفيض الأرباح المستحقة للعاملين من 136 شهرًا إلى 66 شهرًا فقط، وهو قرار يكشف بوضوح عن تجاهل الحكومة لمطالب العمال واستمرار سياسة القهر والتضييق على حقوقهم المشروعة.
تقاعس حكومي وإدارة فاسدة
في الوقت الذي ينتظر فيه آلاف العمال أن تتدخل الحكومة لحل مشاكلهم وتحقيق العدالة في توزيع الأرباح المستحقة، نجد أن النظام الحاكم يتغاضى عن مطالبهم، بل يتجه نحو إجراءات قمعية بحقهم.
الحكومة المصرية بدلاً من أن تقف إلى جانب العمال وتدعمهم في مطالبهم العادلة، اختارت التستر خلف قرارات تعسفية، مستغلة سلطاتها في الضغط على العمال من خلال استدعاءات أمن الدولة.
هذه السياسة تكشف عن إدارة فاشلة للشركة، التي تحولت إلى ساحة فساد ومحسوبية، تدار فيها الأمور بعيدًا عن الشفافية والعدالة.
تخفيض الأرباح واحتجاج العمال
المسألة ليست مجرد قرار إداري، بل هي عملية منظمة تهدف إلى تقليص حقوق العمال تحت ذرائع اقتصادية واهية. تقليص الأرباح المستحقة من 136 شهرًا إلى 66 شهرًا يمثل ضربة قاصمة لأكثر من 4000 عامل، وهو ما دفعهم إلى الدخول في إضراب شامل.
عمال مصر للألمونيوم لم يجدوا بُدًا من الإضراب بعد أن تلاعبت الإدارة بحقوقهم وتجاهلت مطالبهم المتكررة بزيادة الأرباح وفقًا لما هو مستحق.
هذه التحركات لم تكن وليدة اللحظة، بل جاءت بعد شهور طويلة من الإحباط واليأس نتيجة لسياسات إدارة الشركة، التي لم تكتفِ بالتضييق على حقوقهم المالية فحسب، بل عمدت إلى تجاهل مطالب تحسين ظروف العمل وزيادة الحوافز.
دور نيابة أمن الدولة في قمع الاحتجاجات
قرار استدعاء 22 عاملًا للتحقيق من قبل نيابة أمن الدولة ليس سوى محاولة لترهيب العمال وكسر عزيمتهم، وهو إجراء غير مبرر يكشف عن تورط الحكومة في قمع أي حراك عمالي يهدف إلى المطالبة بحقوقه.
بدلاً من أن تسعى الدولة إلى إيجاد حلول عادلة لمطالب العمال، نرى تدخلًا سافرًا من أجهزة أمنية لفرض السيطرة عبر الترهيب والملاحقات القانونية.
هذه الاستدعاءات تعكس نية الحكومة في توجيه رسالة واضحة إلى باقي العمال بأن أي تحرك احتجاجي سيتم مواجهته بالقمع، متجاهلةً أن هذه الأساليب لن تؤدي إلا إلى زيادة حالة الاحتقان والاحتجاج.
فساد الشركة وغياب الرقابة
شركة مصر للألمونيوم، التي تُعد واحدة من أكبر الشركات الحكومية، أصبحت بؤرة للفساد والمحسوبية في ظل غياب تام للرقابة. تقليص الأرباح المستحقة للعمال لا يمكن تفسيره إلا بأنه نتيجة لسياسات فساد متجذرة داخل إدارة الشركة.
الحكومة التي تتحدث عن دعم الصناعة الوطنية وتطوير الشركات الحكومية تغض الطرف عن ممارسات الفساد والإهمال الإداري الذي يضرب هذه الشركات في العمق.
أين الرقابة الحكومية من هذه التجاوزات؟ لماذا لا يتم التحقيق في أسباب تدهور وضع الشركة بدلاً من معاقبة العمال الذين يطالبون بحقوقهم؟
التضييق على الحركات العمالية
الإضراب الذي شارك فيه 4000 عامل ليس إلا حلقة في سلسلة طويلة من الاحتجاجات العمالية التي تشهدها مصر بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسات الحكومية الفاشلة. الحكومة المصرية اختارت السير في طريق قمع الحركات العمالية بدلاً من الاستماع إلى مطالبها وحل مشكلاتها.
الاستدعاءات الأمنية والتحقيقات هي أدوات قمعية تهدف إلى كسر إرادة العمال ومنع أي حراك قد يهدد مصالح المتنفذين والفاسدين داخل المؤسسات الحكومية. هذه السياسات لا تؤدي إلا إلى تعميق الهوة بين العمال والحكومة وزيادة حالة الغليان داخل الشركات والمصانع.
مستقبل مظلم للعمال
تخفيض الأرباح بهذا الشكل الجائر يضع مستقبل آلاف العمال على المحك، ويطرح تساؤلات حول قدرة الحكومة المصرية على حماية حقوق العاملين في ظل هذا الفساد المستشري.
العمال الذين يعتمدون بشكل أساسي على هذه الأرباح لتأمين معيشتهم يواجهون الآن خطرًا حقيقيًا بفقدان جزء كبير من دخلهم.
ومع غياب أي إجراءات حكومية لحل الأزمة أو حتى الاستجابة لمطالبهم، يبدو أن المستقبل يحمل المزيد من التوترات والاحتجاجات العمالية التي قد تتصاعد في أي لحظة.
هل تتدخل الحكومة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟
في ظل هذه الأوضاع المتوترة، يبقى السؤال الملح: هل ستتحرك الحكومة المصرية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟ أم ستستمر في سياسة التجاهل والقمع؟
استدعاء العمال للتحقيق لن يحل الأزمة بل سيزيد من تعقيدها، وما لم يتم فتح تحقيق شفاف في الفساد داخل شركة مصر للألمونيوم وإعادة الحقوق إلى أصحابها، فإن الوضع مرشح للانفجار.
على الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها وأن تتخذ خطوات عاجلة لمعالجة هذه الأزمات التي تهدد استقرار الشركات الحكومية وحقوق العمال، فالتقاعس عن ذلك لن يؤدي إلا إلى المزيد من الفوضى والاحتجاجات.