تقاريرصحافة عبرية

السيسي يتجاهل نتنياهو وسط تصاعد التوترات المصرية الإسرائيلية بسبب غزة

في تطور غير مسبوق يعكس تدهور العلاقات بين مصر وإسرائيل حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التواصل هاتفيًا مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ولكن المفاجأة أن السيسي تجاهل هذه المحاولة ولم يرد على المكالمة حسبما ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية

هذه الخطوة جاءت في وقت حساس للغاية وسط تصاعد التوترات بين الجانبين خصوصًا مع تورط إسرائيل في الحملة العسكرية المستمرة على غزة واتهامات مصرية لإسرائيل بتعمد تأخير المساعدات الإنسانية للقطاع المنكوب

الصحيفة أوضحت أن المحاولة الفاشلة لنتنياهو للتواصل مع السيسي ليست حادثة فردية بل تأتي في سياق توتر شديد في العلاقات المصرية الإسرائيلية خلال الأسابيع الماضية

فقد أكد التقرير أن هناك شعورًا متزايدًا بالغضب في القاهرة تجاه سياسات وتصريحات قادة الاحتلال الإسرائيلي وفي مقدمتهم نتنياهو نفسه الذي لم يتوقف عن محاولاته الدائمة للسيطرة على غزة

وإعادة توجيه محور فيلادلفيا الحدودي الذي يعتبر شريان الحياة للتواصل بين مصر وغزة هذه التصرفات الإسرائيلية أثارت استياء القيادة المصرية بشكل واضح

التوترات بلغت ذروتها عندما قدم فريق الادعاء الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي اتهامات مباشرة لمصر بأنها المسؤولة عن الصعوبات التي تواجه إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة هذه الاتهامات وصفتها القاهرة بأنها كاذبة ولا أساس لها من الصحة

مما زاد من حدة التوترات بين الجانبين الصحيفة العبرية لم تتردد في الإشارة إلى أن هذه الاتهامات خلقت شرخًا أكبر في العلاقات الثنائية

حيث بات واضحًا أن القاهرة لم تعد تحتمل الضغوط المستمرة من الجانب الإسرائيلي خاصة في ظل التطورات المتسارعة في غزة والأزمة الإنسانية التي يعيشها القطاع المحاصر

ورغم هذه التوترات إلا أن بعض المسؤولين في إسرائيل ما زالوا يعتقدون أن المكالمة بين نتنياهو والسيسي ستتم وبحسب التقرير الذي أشار إلى أن هذا التحليل يأتي في إطار التقديرات السياسية الإسرائيلية التي تستبعد حدوث قطيعة درامية نهائية بين البلدين

فقد أوضحت الصحيفة أن الحوار بين القاهرة وتل أبيب لم ينقطع تمامًا رغم كل هذه التصعيدات وأكدت أن اتصالات منتظمة لا تزال تجري بين المسؤولين في الجانبين

من بين هذه الاتصالات المتكررة أرسلت إسرائيل عدة وفود إلى مصر خلال الأسابيع الماضية بهدف مناقشة موضوعات حساسة على رأسها الأزمة في غزة بالإضافة إلى بحث سبل الوصول إلى تفاهمات مع حركة حماس التي تلعب القاهرة دورًا محوريًا في التوسط بينها وبين إسرائيل

وتأتي هذه الجهود المصرية المستمرة في محاولة لتخفيف التصعيد المتزايد بين الطرفين وللحفاظ على نوع من الاستقرار في المنطقة

ولكن يظل التساؤل الأبرز هو هل ستتمكن القاهرة من تحقيق هذا التوازن بين ضغوطها الداخلية والخارجية وبين الحفاظ على علاقتها مع إسرائيل دون أن تبدو في موقف ضعيف أمام الرأي العام المصري والعربي خصوصًا مع تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة

ومع توجيه اتهامات علنية من قبل القيادة المصرية لإسرائيل بأنها تعرقل إدخال المساعدات الإنسانية الأمر الذي يزيد من معاناة الشعب الفلسطيني

الصحيفة العبرية استعرضت كذلك آخر المحادثات التي جرت بين السيسي ونتنياهو والتي تعود إلى 6 يونيو من العام الماضي عندما وقع حادث أمني خطير اخترق فيه الجندي المصري محمد صلاح الحدود المصرية الإسرائيلية وقتل ثلاثة جنود إسرائيليين

هذا الحادث أثار حالة من التوتر الأمني في المنطقة وعجل بإجراء تلك المكالمة الهاتفية بين الجانبين حيث حاول كل منهما تهدئة الأوضاع والحيلولة دون تصعيد أكبر ولكن العلاقات ظلت متوترة منذ ذلك الحين

ومن الواضح أن الأمور لم تتحسن كثيرًا بعد تلك الحادثة فبدلاً من تهدئة التوترات شهدت العلاقات المصرية الإسرائيلية مزيدًا من التصعيد والتوتر خصوصًا مع تعنت إسرائيل في معالجة الأزمة الإنسانية في غزة

واتهامات القاهرة المتكررة لتل أبيب بأنها تلعب دورًا سلبيًا في تفاقم الوضع الكارثي في القطاع الأمر الذي أدى إلى تجاهل السيسي لمحاولات نتنياهو للتواصل المباشر معه

لا يمكن إنكار أن العلاقات بين مصر وإسرائيل معقدة إلى حد كبير فرغم أن هناك علاقات دبلوماسية رسمية بين البلدين إلا أن الأوضاع الإقليمية والملفات الأمنية والإنسانية الشائكة

تجعل من الصعب الحفاظ على استقرار دائم في هذه العلاقة القاهرة تدرك تمامًا أن دورها كوسيط رئيسي في مفاوضات غزة يضعها في موقف حساس للغاية فهي لا تريد التصعيد مع إسرائيل ولكن في الوقت ذاته لا يمكنها تجاهل ضغوط الشارع المصري الذي يطالب بدعم أكبر للفلسطينيين

إسرائيل من جانبها تعي تمامًا أن مصر شريك أساسي في أي محاولة للتهدئة أو تحقيق تفاهمات مع حركة حماس ولكن يبدو أن قادة الاحتلال وعلى رأسهم نتنياهو لا يدركون أن سياساتهم القمعية في غزة

وتصريحاتهم الاستفزازية تجاه القاهرة قد تؤدي في النهاية إلى نتائج عكسية وتجعل من الصعب الوصول إلى أي تفاهم مستقبلي خاصة إذا استمرت الاتهامات المتبادلة والتصعيد الإعلامي بين الطرفين

ويبدو أن الوضع الحالي بين مصر وإسرائيل مرشح لمزيد من التوترات إذا لم تتمكن القاهرة وتل أبيب من إيجاد صيغة توافقية لتخفيف حدة الأزمة الإنسانية في غزة وإعادة بناء جسور الثقة التي تهدمت بفعل السياسات العدوانية الإسرائيلية

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى