تقاريرمصر

الحكومة المصرية تسرق حقوق الفقراء وتبيع مساكنهم للأثرياء بأسعار خيالية

في خطوة تُظهر تقاعس الحكومة المصرية الواضح، طرحت وزارة الإسكان 6575 وحدة سكنية مخصصة للأفراد متوسطي الدخل في إطار مشروع جديد.

هذه الوحدات التي كانت معدة في الأساس لمحدودي الدخل جاءت ضمن مشروع إسكان جديد يحمل اسم الإسكان المتميز بمساحات 90 مترًا فقط.

ولكن رغم المساحة الصغيرة التي لا تتناسب مع مشاريع الإسكان المتوسط، حددت الوزارة أسعارًا مرتفعة تتراوح بين 647 ألف جنيه و700 ألف جنيه.

الوحدات المطروحة سابقًا كانت جزءًا من مشروعات الإسكان الاجتماعي أو “سكن لكل المصريين” وكانت تتراوح أسعارها بين 415 ألف و530 ألف جنيه.

إلا أن الحكومة المصرية اختارت بوضوح تغيير اسم المشروع وإعادة تسعير الوحدات بشكل مبالغ فيه، وهو ما يعتبر انتهاكًا لحقوق محدودي الدخل الذين كانوا يعولون على هذه المشروعات.

وفيما تبرر الحكومة هذا التغيير، تصر على أن ميزة التسليم الفوري لهذه الوحدات تبرر السعر المرتفع، رغم أن الوحدات الجديدة تُشبه في مواصفاتها تلك الخاصة بمحدودي الدخل، حيث تتكون من دور أرضي و5 أدوار علوية، ومن دون مصاعد.

في العام 2022، كانت هذه ليست المرة الأولى التي تقرر فيها وزارة الإسكان المضي قدمًا في خيانة فئات المجتمع الأكثر احتياجًا.

ففي أكتوبر من نفس العام، طرحت الوزارة وحدات سكنية بنظام الأولوية بأسعار مرتفعة لحاجزي الإعلان الـ17 في مدينة أكتوبر الجديدة، حيث بلغ السعر الجديد ضعف أسعار الوحدات التي كانت مخصصة سابقًا لمحدودي الدخل.

ورغم وعود الحكومة، لم يتسلم حتى الآن حاجزو الإعلان 14 للإسكان الاجتماعي وحداتهم منذ 2020، ليظل الوضع على حاله دون حلول واضحة.

في أوائل 2024، تم الإعلان عن طرح جديد لألف شقة سكنية كانت مُنفذة في مشروعات الإسكان الاجتماعي بمدينة العبور، بأسعار تصل إلى 700 ألف جنيه للشقة الواحدة، مع وعد بتسليم فوري.

ومع ذلك، فإن هذه الشقق كانت معدة في الأساس لمحدودي الدخل، ولكن الوزارة لم تجد حرجًا في إعادة طرحها بهذا السعر الجنوني بعد طلاء الواجهات بألوان جديدة فقط.

المفاجأة الأكثر صدمة جاءت في فبراير الماضي عندما كشف مصدر بجهاز مدينة حدائق أكتوبر أن مشروع “بديل العشوائيات” الذي أنشأته هيئة المجتمعات العمرانية قبل 4 سنوات قد تم تغيير اسمه إلى مشروع جديد للإسكان المتوسط.

تم إعادة طرح الوحدات الموجودة في هذا المشروع بأسعار تصل إلى 1.5 مليون جنيه للوحدة بمساحة 95 مترًا، وهو ما يؤكد أن الحكومة تستمر في تجاهل الفقراء بشكل فاضح.

هذه السياسات المستمرة والقرارات العشوائية تُظهر عدم اهتمام الحكومة المصرية بفئة محدودي الدخل. من خلال تسويق الوحدات القديمة بأسعار خيالية ومن دون توفير بدائل حقيقية للفئات الأكثر احتياجًا،

يتضح أن هناك تلاعبًا ممنهجًا بالمشروعات الإسكانية. وزارة الإسكان التي كان من المفترض أن تخدم الفقراء أصبحت تركز على الربح السريع على حساب الفئات الأقل حظًا.

المؤشرات الاقتصادية الأخيرة، وارتفاع أسعار مواد البناء، كلها تم استخدامها كذريعة لتبرير رفع أسعار الوحدات السكنية. إلا أن الحكومة اختارت ضرب كل التوقعات بعرض الحائط واستمرت في تجاهل الشكاوى المتكررة من الفئات المتضررة.

الأسئلة تُطرح حول المسؤولين عن هذا التقاعس المتعمد والفاضح، وحول دور الأجهزة الرقابية التي لم تتحرك بعد لمحاسبة المتسببين في هذه الأزمة.

عندما يتم طرح وحدات صغيرة كانت مخصصة سابقًا لمحدودي الدخل بأسعار تصل إلى 1.5 مليون جنيه، يبدو أن الحكومة تعمل على إغلاق الباب أمام الفئات الفقيرة والمتوسطة للحصول على مسكن.

أصبحت المشروعات التي يُفترض أن تكون منقذة للفقراء وسائل للربح السريع للحكومة وشركائها من المقاولين والمستثمرين.

ما حدث في مدينة بدر ومدينة أكتوبر الجديدة والعبور ليس إلا جزءًا من سلسلة قرارات كارثية تُظهر ضعف التخطيط وعدم اهتمام الحكومة بمصير الفقراء.

فيما ينتظر الآلاف من حاجزي الإسكان الاجتماعي منذ سنوات تسلم وحداتهم، تستمر الوزارة في طرح وحدات جديدة للفئات الأكثر ثراءً. تستمر الأسعار في الارتفاع بينما يتفاقم الوضع الاجتماعي للفقراء الذين باتوا بلا أمل في الحصول على مسكن لائق.

الطرح المستمر للمشروعات الموجهة للفئات المتوسطة والميسورة يعني أن الحكومة قد تخلت عن فكرة توفير مسكن لكل المصريين.

يبدو أن “سكن لكل المصريين” أصبح مجرد شعار فارغ بلا أي معنى حقيقي على أرض الواقع. بينما تنتظر الفئات الأقل حظًا في طوابير طويلة لتسلم وحداتهم، تتلاعب الوزارة بالمشروعات وتعيد طرح الوحدات التي كانت مخصصة لهم بأسعار لا يمكن لمحدودي الدخل تحملها.

إن ما يحدث هو استغلال سافر للظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المواطن المصري. الحكومة التي من المفترض أن تكون حامية لحقوق الشعب اختارت العمل ضد مصالحه بشكل صارخ.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى