في مشهد مروع يختزل مأساة حقيقية يعاني منها المواطنون في إحدى قرى مركز أوسيم بمحافظة الجيزة تتعرض منازل البراجيل للغرق بمياه الصرف الصحي
فالكارثة تتفاقم يومًا بعد يوم وسط تقاعس حكومي واضح وعجز عن إيجاد حلول فعلية لمعاناة السكان الذين أطلقوا صرخات استغاثة تنذر بكارثة إنسانية وشيكة
تغمر المياه القذرة الشوارع وتملأ البيوت وتحول حياة الأهالي إلى جحيم لا يطاق حيث تفتقر القرية إلى أبسط مقومات الحياة الكريمة في ظل غياب شبكة صرف صحي متكاملة
الأمر الذي أسفر عن تحوّل المياه الآسنة إلى عدو أول للمواطنين فالأطفال والشيوخ معرضون للإصابة بالأمراض والأوبئة في كل لحظة
ما يحدث في البراجيل هو نتيجة حتمية للإهمال المستمر من جانب الحكومة وفشلها في توفير بنية تحتية متينة قادرة على استيعاب احتياجات السكان
ففي الوقت الذي يُنفق فيه الملايين على مشروعات غير مدروسة تظل القرى والنجوع تعاني من الفقر والحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية مما يطرح تساؤلات عديدة حول أولويات الحكومة في صرف الأموال وأين تذهب هذه الميزانيات
عندما تقتحم المياه المنازل تتجلى فصول جديدة من المأساة إذ لا يقتصر الأمر على الأضرار المادية بل يمتد إلى تدمير حياة الأسر بالكامل
فالأم التي تحاول إنقاذ أطفالها من الخطر المحدق بهم تجد نفسها عاجزة أمام قوة الطبيعة وغياب الدولة فالمسؤولون يتنصلون من واجباتهم ويكتفون بالتصريحات التي لا تسمن ولا تغني من جوع
الأهالي في البراجيل يعيشون حالة من الغضب والإحباط فاستغاثاتهم لم تلق آذانًا صاغية وما زالوا يتنقلون بين إدارات حكومية مختلفة أملاً في الحصول على بعض الحلول لكنهم يقابلون بالتجاهل واللامبالاة
وكأن حياتهم لا تعني أحدا وبات الوضع غير محتمل حيث تفتك الأمراض بالأبرياء ويعاني الجميع من تدهور أوضاعهم المعيشية
كلما استمرت المياه في الغمر كلما زادت معاناة المواطنين وعجزهم عن مواجهة هذه الكارثة فالشباب الذين كانوا يحلمون بمستقبل أفضل أصبحوا أسرى لمشاكلهم اليومية
فلا أعمال ولا خدمات ولا حماية من الأخطار المحدقة بحياتهم فالتنمية في مصر لا تقتصر على الوعود بل تحتاج إلى أفعال ملموسة وقد حان الوقت ليفتح المسؤولون أعينهم على المعاناة المستمرة التي يعاني منها المواطن البسيط
ما يحدث في البراجيل يعكس الفساد المستشري في مفاصل الحكومة المصرية فبينما يتحدث المسؤولون عن إنجازات مشبوهة تنقلب الحقائق في الواقع إلى كوابيس مخيفة
حيث يُظهر هذا الوضع الفجوة الكبيرة بين الوعود الحكومية وبين الواقع المرير الذي يعيشه المواطنون وعليه فإن الغضب الشعبي يتصاعد وبدأت الأصوات ترتفع مطالبة بالتغيير
إن أزمة الصرف الصحي في البراجيل ليست سوى جزء من مشهد أكبر وأكثر تعقيدًا فهناك العديد من القرى التي تواجه مصيرًا مشابهًا لكن ما يثير القلق هو استمرار سياسة التجاهل من جانب الحكومة التي تبدو غير مبالية بمصير مواطنيها فالملايين تُهدر في مشروعات فاشلة بينما تُترك القرى بلا خدمات أو بنية تحتية سليمة
إنه لأمر محزن أن نرى أبناء وطن واحد يعيشون في ظروف مزرية بينما يُترك الفساد ينمو ويزدهر دون أي رادع فالاستغاثات التي تتعالى في البراجيل ليست مجرد صرخات استغاثة بل هي صرخات من أجل العدالة والمساواة والكرامة الإنسانية وقد آن الأوان ليأخذ هؤلاء المواطنون حقهم في العيش بكرامة
إن المراقب للواقع في البراجيل يدرك تمامًا أن التغيير لن يحدث إلا بضغط شعبي حقيقي وبمواقف جريئة من الجهات المسؤولة
فبدون ذلك ستظل الكارثة مستمرة وسينغمر المزيد من المنازل وسنستمر في مشاهدة فيلم الفشل المستمر الذي لم يعد يحتمل مزيدًا من التكرار
فإن مصير المواطنين في البراجيل يمثل تحذيرًا صريحًا لكل من يتجاهل واقعهم الأليم ومن المعيب أن تظل الحكومة على هذا الحال فالأرواح والمنازل في خطر والوقت لم يعد في صالح أي طرف
بل يتطلب الأمر تدخلًا حقيقيًا وتكاتف الجهود لرفع المعاناة عن هؤلاء الذين لا ذنب لهم سوى أنهم يبحثون عن حياة كريمة في وطنهم
إن مأساة البراجيل تفضح عجز الحكومة وتكشف النقاب عن الفساد المستشري فلا بد من وقفة حقيقية ونظرة جديدة إلى أولويات التنمية في مصر
فالكوارث لن تتوقف والخطر قادم إن لم يتم التعامل مع تلك القضايا بجدية وشفافية ونية حقيقية لتحسين أوضاع المواطنين وإنقاذهم من هذا الواقع المأساوي