تقاريرسياسة

أصوات العرب والمسلمين: من يحسم المعركة الانتخابية الأمريكية

تتسارع الأحداث نحو يوم الحسم المقرر في الخامس من نوفمبر، حيث ينطلق الصراع المحتدم بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مرشح الحزب الجمهوري، وكمالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي.

تبدو أهمية أصوات العرب والمسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية بارزة بشكل غير مسبوق، إذ يعتبر البعض أن هذه الأصوات قد تكون العامل الحاسم في الانتخابات المقبلة. مع اقتراب موعد الانتخابات، تُبرز المشاهد السياسية المعقدة واقع الصوت العربي والمسلم كقوة مؤثرة.

تنوع التركيبة الديمغرافية

على الرغم من أن الناخبين العرب والمسلمين في الولايات المتحدة لا يمثلون كتلة موحدة، إلا أن توزيعهم الجغرافي يدل على وجود تجمعات متباينة.

وفقًا لتقارير المعهد العربي الأمريكي، فإن ما يقارب 3.7 مليون أمريكي من أصل عربي، يمثل المسلمون منهم ربع العدد، بينما تمثل الغالبية من المسيحيين.

كما يُظهر التركيب الديمغرافي أن العديد من المسلمين في الولايات المتحدة ينتمون لجنسيات آسيوية غير عربية، مما يعكس التنوع الكبير في خلفياتهم الثقافية.

تشير الإحصاءات إلى أن نسبة الناخبين العرب والمسلمين تشكل حوالي واحد بالمئة فقط من إجمالي عدد الناخبين في البلاد، لكن الأوضاع الحالية في الشرق الأوسط، وبالأخص النزاع المستمر بين إسرائيل وحركة حماس، قد تؤثر بشكل كبير على قراراتهم الانتخابية.

يعتبر ذلك أحد العوامل الأساسية التي تحدد خياراتهم في التصويت، سواء كان ذلك لصالح الجمهوريين أو الديمقراطيين أو حتى للمرشحين المستقلين.

الولايات المتأرجحة: المعركة الحاسمة

في خضم هذا الصراع، يُسلط الضوء على الولايات المتأرجحة التي تعتبر حاسمة في تحديد نتائج الانتخابات الرئاسية. تشمل هذه الولايات أريزونا، نيفادا، ويسكونسن، ميتشغان، بنسلفانيا، نورث كارولينا، وجورجيا.

تتميز ولاية ميتشغان بمكانة بارزة، حيث أنها تحتوي على أكبر عدد من المهاجرين العرب والمسلمين. تبلغ تقديرات الناخبين العرب الأمريكيين في ميتشغان حوالي 310 ألف ناخب، مما يجعل دورهم محوريًا في الانتخابات المقبلة.

في انتخابات 2016، تمكن دونالد ترامب من الفوز في ميتشغان بفارق ضئيل يبلغ حوالي عشرة آلاف صوت، بينما في عام 2020، حقق بايدن فوزًا بفارق نحو 150 ألف صوت. هذه الفروق الصغيرة تشير إلى أهمية الأصوات العربية والمسلمة في تحديد الفائز بالانتخابات.

ترامب وهاريس: السعي نحو اجتذاب الأصوات

يسعى كلا المرشحين، ترامب وهاريس، إلى اجتذاب الناخبين في ميتشغان، حيث قام كلاهما بزيارات لتلك الولاية. ترامب، أثناء زيارة له لمكتب حملته في هامترامك، حصل على دعم عامر غالب، أول رئيس بلدية مسلم في ضاحية ديترويت.

أعرب ترامب عن ثقته بأن الناخبين العرب لن يصوتوا لهاريس، مدعيًا أنه يمتلك تأييدًا كبيرًا من المجتمع العربي الأمريكي.

في المقابل، قدمت كمالا هاريس رسالة قوية خلال تجمع حاشد في ميتشغان، حيث أكدت على ضرورة العمل على إنهاء النزاع بين إسرائيل وحماس.

اعترفت هاريس بأن الحملة العسكرية الإسرائيلية أثارت قلق الجاليتين العربية والمسلمة، وأكدت التزامها تجاه تلك القضايا.

تأثير الصراع في غزة على خيارات الناخبين

أظهرت استطلاعات الرأي، بما في ذلك دراسة أجرتها صحيفة نيويورك تايمز، أن حوالي 70 بالمئة من الناخبين العرب الأمريكيين يعتبرون ملف الحرب في غزة هو العامل الرئيسي في خياراتهم الانتخابية.

يتضح من المحادثات مع أفراد من الجالية العربية أن الأحداث الراهنة في المنطقة تؤثر بشكل عميق على اختياراتهم الانتخابية، مما يدفع الكثيرين منهم للشعور بالخيبة من الحزب الديمقراطي الذي دعم إسرائيل بقوة.

الجالية العربية: بين التشظي والانقسام

تحدث إحسان الخالدي، وهو أمريكي من أصل عراقي، عن انقسام الجالية العربية في الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن كثيرين منهم قد أصبحوا ناخبين مستقلين.

الخالدي، الذي يعيش في فيرجينيا، يشعر بالإحباط تجاه المرشحين الحاليين ويعتبر أن كليهما لا يلبي تطلعاته. يضيف أن الزيادة في عدد الناخبين المستقلين تعكس حالة من الاستياء من الحزب الديمقراطي، خاصة فيما يتعلق بموقفه من الحرب في غزة.

على الرغم من اختلاف الآراء، يشير الخالدي إلى أن ولاية ميتشغان كانت مسرحًا لتشكيل كتلة الناخبين المستقلين لأول مرة عام 2020.

هؤلاء الناخبون، الذين يطلق عليهم اسم “غير ملتزمين”، يميلون إلى اتخاذ قراراتهم الانتخابية بناءً على مصالحهم الفردية.

موقف الناخبين: بين اللامبالاة والدعم

تُظهر هيا حداد، المقيمة في الولايات المتحدة منذ 24 عامًا، موقفًا مشابهًا، حيث أكدت أنها لن تصوت في الانتخابات القادمة. رغم ذلك، ترى أن ترامب هو الخيار الأفضل،

حيث تعتقد أنه قادر على معالجة القضايا الداخلية وتحسين أوضاع المواطنين الأمريكيين. تتخوف هيا من أن فوز هاريس سيؤدي إلى استمرار الصراعات في الشرق الأوسط.

وفي حديثه، أشار الخضر السليماني، وهو أمريكي من أصل يمني، إلى أن الجالية اليمنية، التي تُعتبر جزءًا كبيرًا من الجالية العربية، كانت تاريخيًا مؤيدة للحزب الديمقراطي.

ومع ذلك، فقد تراجعت هذه الثقة بشكل ملحوظ، حيث أبدى العديد من الناخبين اليمنيين استياءهم من سياسة الحزب تجاه الأزمات في الشرق الأوسط، بما في ذلك التعامل مع القضية اليمنية.

الاستعداد للانتخابات المقبلة

بشكل عام، يظهر أن الجالية العربية في الولايات المتحدة تتجه نحو استجابة سلبية تجاه كلا الحزبين، الجمهوري والديمقراطي.

بعض الناخبين يعبرون عن نيتهم في عدم التصويت أو التوجه نحو مرشحين مستقلين كبديل. يعكس هذا الاتجاه شعورًا عامًا بالإحباط وعدم الثقة في النظام السياسي القائم.

الانتخابات المقبلة قد تكون بداية جديدة للجالية العربية والمسلمة في الولايات المتحدة، حيث تُبرز الأهمية المتزايدة لأصواتهم كعامل مؤثر. إذا تم تنظيم الجالية بشكل أفضل وتوحيد صفوفها، فقد تتمكن من تعزيز تأثيرها في الانتخابات المستقبلية.

الانقسام الداخلي: هل يعيق الجالية؟

يرى كثيرون أن عدم وحدة الجالية العربية يعوق قدرتها على التأثير الفعلي في الانتخابات. حيث تتباين المواقف بين الناخبين، مما يخلق حالة من الارتباك وعدم التوافق.

وفي حالة كانت الجالية قادرة على تجاوز هذه الانقسامات، فإنها ستكون قادرة على تشكيل قوة انتخابية لا يستهان بها، مما يمكنها من إيصال صوتها بشكل أقوى.

أصوات العرب والمسلمين: قوة انتخابية حاسمة

وإن أصوات العرب والمسلمين في الانتخابات الأمريكية قد تكون العامل الحاسم في تحديد الفائز في هذه المعركة الانتخابية.

يجب أن تتوجه الجالية نحو توحيد مواقفها والعمل على تعزيز حضورها السياسي في الساحة الانتخابية. إن التصويت ليس مجرد حق، بل هو وسيلة للتعبير عن المصالح والتطلعات.

لذا، يتوجب على الناخبين العرب والمسلمين أخذ هذه الفرصة بعين الاعتبار والعمل على تحقيق أهدافهم من خلال العملية الانتخابية، حتى لا تضيع أصواتهم في زحمة الخيارات المطروحة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى