تقاريرعربي ودولى

دمار ودوي انفجارات .. صراع الدم والنفط في دير الزور

انفجار مدوي يهز أركان حقل العمر النفطي شرق دير الزور هذه ليست مجرد حادثة عابرة بل هي نذير شؤم جديد يضاف إلى سجل الحرب الأهلية المستمرة التي تعصف بسوريا منذ أكثر من عقد من الزمن

الدوي الذي سمعت أصداؤه في المنطقة جاء متزامنا مع تحليق مكثف للطيران الأميركي الذي يراقب الأوضاع عن كثب وكأنها لوحة فوضوية تتداخل فيها خيوط العنف والسيطرة والنفط وهو الثروة الأهم التي تتصارع حولها القوى المحلية والدولية حسبما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان

في قلب هذا الصراع تتواجد قاعدة التنف التي أصبحت نقطة اشتعال متكرر حيث تعرضت لهجمات متكررة بلغت 17 هجوما منذ التاسع عشر من أكتوبر 2023 فقط

فالمليشيات المدعومة من إيران لا تتردد في توجيه ضرباتها نحو القاعدة الأميركية التي تُعد أحد أهم النقاط الاستراتيجية في المنطقة الهجمات تتوالى

وكأنها نغمة تكرارية تشير إلى أزمة أكبر تتجاوز الحوادث الفردية لتصبح جزءا من سيناريو مقلق يهدد الاستقرار الإقليمي

وعلى الرغم من المحاولات الأميركية لطمأنة حلفائها في المنطقة إلا أن الاعترافات التي تصدر بين الفينة والأخرى تكشف عن حقائق مروعة

ففي وقت سابق من هذا العام اعترفت القوات الأميركية بمقتل ثلاثة من جنودها وإصابة العشرات إثر هجوم جوي استهدف القاعدة العسكرية في مثلث الحدود السورية الأردنية العراقية وكأن أرواح هؤلاء الجنود أصبحت ثمنًا لسياسات دولية معقدة تتصارع حول من سيحكم دير الزور وما حولها

وبالإضافة إلى ذلك فإن القوات الأميركية لم تكن الوحيدة التي تعرضت للهجمات بل تعرضت قواعد “التحالف الدولي” في سوريا لهجمات متتالية بلغت 151 هجوما منذ التاسع عشر من أكتوبر

وهو رقم ينذر بخطورة الوضع إذ تكشف هذه الهجمات عن قوة وتحدي الميليشيات المدعومة من إيران التي تزداد جرأة يوما بعد يوم في استهداف القوات الأجنبية الموجودة في المنطقة

الهجوم الأخير الذي استهدف “البرج 22” يسلط الضوء على دور الميليشيات العراقية في الصراع الدائر في سوريا حيث نفذت هذه الميليشيات عمليات هجومية بشكل منظم ودون تردد

وهو ما يعكس تنسيقا عالياً فيما بينها ويدعو للتساؤل حول كيفية تجاوز الحدود والعمليات العسكرية من العراق إلى سوريا بطريقة مثيرة للقلق

تتداخل خيوط هذه الأحداث لتكون لوحة معقدة من المصالح السياسية والعسكرية ففي الوقت الذي يتزايد فيه النفوذ الإيراني في المنطقة يحاول التحالف الدولي استعادة زمام الأمور من خلال تعزيز وجوده العسكري

وهو ما يخلق بيئة متفجرة يسودها الخوف والقلق لدى السكان المحليين الذين يعيشون تحت ضغط العمليات العسكرية المتزايدة

الأوضاع الإنسانية في دير الزور أصبحت أكثر كارثية مما كانت عليه حيث يتعرض السكان المدنيون لآثار هذه الصراعات الدامية من هجمات بالطائرات المسيرة إلى الانفجارات العنيفة التي تهدد حياتهم وتدمير البنية التحتية اللازمة لعيشهم بكرامة كل يوم يحمل معه المزيد من الأوجاع والمآسي التي تفوق قدرة التحمل

وفي ظل هذه الأجواء المشحونة لا يبدو أن هناك حلولا قريبة في الأفق فالصراع في دير الزور أصبح رمزا لعدم الاستقرار الإقليمي

وقد يعيد العالم إلى دوامة جديدة من الصراع إن لم تتخذ خطوات جدية نحو الحوار والتنمية وكأن التاريخ يعيد نفسه في حلقة مفرغة من العنف والمعاناة

أخيرا يبدو أن القتال في دير الزور هو جزء من معركة أكبر تتجاوز حدود هذه المنطقة فالصراع على الموارد والنفوذ يشعل الأوضاع في جميع أنحاء الشرق الأوسط

مما يجعل من الضروري أن تكون هناك استراتيجية جديدة للتعامل مع الأزمات بدلًا من الحلول المؤقتة التي لم تعد تجدي نفعا في ظل هذه الظروف المعقدة والمعقدة

لا بد من النظر بجدية إلى هذه التطورات فالصوت المرتفع الذي يرافق دوي الانفجارات في دير الزور ليس مجرد صوت صراخ من أجل النجاة

بل هو صرخة وطن يعاني من الألم والضعف تحت وطأة قوى خارجية تسعى لتحقيق مصالحها على حساب أبناء الأرض نفسها

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى