ترامب يتعهد بوقف الحروب ويواجه تناقضات خطابه السابق
في مفاجأة مدوية تعكس تناقضات السياسة الأميركية وتطلعات المجتمع المسلم في الولايات المتحدة أعلن المرشح الرئاسي السابق دونالد ترامب عن التزامه بإنهاء الحروب في غزة ولبنان في حال فوزه بالانتخابات المقبلة
تلك التصريحات التي أدلى بها خلال لقاءه مع مجموعة من أئمة المساجد وزعماء المراكز الإسلامية في ولاية ميشيغن تعتبر تحولاً جذرياً في خطاب ترامب الذي عُرف بدعمه القوي للاحتلال الإسرائيلي وعملياته العسكرية في غزة
هذا اللقاء الذي أُقيم في ولاية تُعتبر واحدة من الولايات المتأرجحة والتي يُعتقد أن أصوات العرب والمسلمين فيها قد تكون حاسمة في نتائج الانتخابات قد أثار العديد من التساؤلات حول نوايا ترامب وما إذا كانت هذه التصريحات تأتي في سياق محاولة لكسب أصوات الناخبين العرب والمسلمين أم أنها تعكس تحولاً حقيقياً في موقفه
في سابقة تعد الأولى من نوعها في تاريخ الحملات الانتخابية الأميركية خاصة من مرشحي الحزبين الجمهوري والديمقراطي إذ يعلن أحدهم بوضوح رغبته في وقف الحرب في منطقة تعاني من صراعات مستمرة منذ عقود فأن ترامب قد يكون قد أدرك أن عليه مراجعة استراتيجيته لجذب الناخبين الذين يشعرون بخيبة أمل تجاه السياسة الأميركية الحالية في الشرق الأوسط
ومع ذلك فإن هذه التصريحات تثير الكثير من الجدل نظراً لتناقضها الصارخ مع مواقفه السابقة حيث دعا ترامب في مرات عدة إلى منح إسرائيل حرية التصرف الكامل في عملياتها العسكرية داخل غزة بل وهدد بطرد الطلاب الذين يتظاهرون ضد تلك العمليات وهو ما يطرح تساؤلات جدية حول صدق نواياه وما إذا كان يتحدث من منطلق سياسي فقط
وعلى الرغم من أن الوفد الذي التقى ترامب لا يمثل جميع المسلمين في الولايات المتحدة إلا أن اللقاء يحمل دلالات قوية حول إمكانية التأثير على النتائج الانتخابية القادمة فرغم ذلك أظهر وفد آخر من أئمة المساجد موقفاً مختلفاً
حيث أعلنوا عن دعمهم لمرشحة حزب الخضر جيل ستاين التي تحظى بشعبية كبيرة بين الجالية المسلمة والعربية في الوقت الذي اختار فيه آخرون عدم المشاركة في الانتخابات
اللافت للنظر هو أن المطالب التي طرحها الوفد خلال اللقاء كانت شديدة الوضوح حيث طالب الداعية بلال الزهيري بإنهاء الحروب في الشرق الأوسط وفي مقدمتها الحرب على غزة التي أسفرت عن مقتل الآلاف من الأبرياء من النساء والأطفال هذه المطالب تعكس بوضوح معاناة المجتمع المسلم في الولايات المتحدة ومدى اهتمامهم بما يحدث في بلدانهم الأصلية
بالإضافة إلى ذلك قدم الوفد مطالب أخرى تشمل ضرورة تمثيل المسلمين في إدارة ترامب إذا ما فاز في الانتخابات وأكد الزهيري على أهمية مشاركة المجتمع المسلم في اتخاذ القرارات التي تؤثر عليهم بشكل مباشر فالمسلمون في الولايات المتحدة يرغبون في أن يكون لهم صوت في السياسة الأميركية وأن يشاركوا في رسم سياسات تتعلق بهم
وفي إطار سعيهم لحماية القيم الأسرية وحماية الأطفال من التأثيرات السلبية في المناهج الدراسية أشار الزهيري إلى أن هذه القيم تعد من أولويات المجتمع المسلم وهو ما يعكس حرصهم على مستقبل أطفالهم ويعبر عن قلقهم من التأثيرات الثقافية التي قد تؤثر على تطورهم الطبيعي
رد ترامب على هذه المطالب كان مفاجئاً حيث أظهر استجابة واضحة حيث قال “ليس هناك أي شيء مما قلته يعتبر مثيراً للجدل ولا حتى يدعو إلى القول دعني أفكر في الأمر أنا أوافق على ذلك بنسبة 100%” هذا الرد يثير تساؤلات حول مدى صدق ترامب في استجابته لهذه المطالب وما إذا كانت تعكس تحولا حقيقياً في سياسته
الخطاب الذي يقدمه ترامب الآن يعكس توجهاً جديداً قد يكون ناتجاً عن ضغوط سياسية أو رغبة حقيقية في استعادة ثقة المجتمع المسلم أو حتى محاولة لجذب الناخبين في ضوء التغيرات الديموغرافية في الولايات المتحدة ولكن ما يبقى غير واضح هو ما إذا كان ترامب سيبقى على هذا النهج أم أنه سيعود إلى مواقفه السابقة بعد انتهاء الانتخابات
وفي ظل كل هذه الأحداث يبقى المشهد السياسي في الولايات المتحدة مشحوناً بالتوترات والتناقضات حيث يسعى المرشحون للبحث عن أصوات جديدة لتأمين فوزهم بينما يتصارع المجتمع المسلم بين خيارات متعددة قد تكون لها تداعيات كبيرة على مستقبلهم السياسي والاجتماعي
ويجب أن ندرك أن انتخابات 2024 قد تكون أكثر أهمية من أي وقت مضى للمجتمع المسلم في الولايات المتحدة فاختياراتهم قد تحدد مسار السياسة الأميركية في الشرق الأوسط وما يحدث في غزة ولبنان قد يكون له تأثيرات بعيدة المدى على العلاقات الأميركية الإسلامية فهل سيتحقق التغيير الذي ينشده هؤلاء أم ستبقى الأمور كما هي عليه في ظل التحديات السياسية المعقدة القائمة