تواصل الحكومة المصرية إغلاق أبواب الأمل في وجه النساء، مما يعكس عجزًا صارخًا في توفير فرص العمل داخل البلاد، إذ جاء القرار الأخير الصادر عن الإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية ليزيد الأوضاع سوءًا.
الإدارة التابعة لوزارة الداخلية المصرية فرضت شروطًا تعسفية جديدة على النساء الراغبات في السفر إلى السعودية سواء للعمل أو الزيارة.
القرار الذي صدر بإلزام النساء من “الفئات الدنيا” أو ما يسمى بالمهن الضعيفة بالحصول على تصريح أمني مسبق للسفر يمثل انتهاكًا لحقوقهن وحريتهن الشخصية، ويكشف عن تمييز صارخ ضد هذه الفئات.
النساء اللاتي تشملهن هذه الإجراءات هن من وصفت بهن الحكومة المصرية بـ”الفئات الدنيا”، حيث شمل القرار كل من يدوّن في بطاقاتهن الشخصية: “دون عمل، حاصلة على دبلوم، ربة منزل، كوافيرة، سكرتيرة، خادمة، ممرضة“.
ويبدو أن هذا الوصف الاستعلائي يؤكد على نية الدولة في استمرار تهميش هذه الفئات الضعيفة دون تقديم حلول حقيقية لتمكينهن اقتصاديًا واجتماعيًا، بل يجري فرض المزيد من العقبات على طريقهن.
في الوقت الذي تعاني فيه مصر من تفاقم البطالة بين النساء، تتزايد الانتقادات حول فساد الحكومة وعجزها عن توفير بيئة آمنة ومناسبة للعمل.
بدلًا من تقديم حلول لإيجاد فرص عمل حقيقية داخل مصر، تختار الحكومة تعقيد الأمور أكثر بتضييق الخناق على النساء اللاتي يحاولن البحث عن فرص عمل خارج البلاد، الأمر الذي يعكس تقاعسًا واضحًا وتخبطًا إداريًا على كافة المستويات.
القرار الجائر لم يتوقف عند هذا الحد، بل أصدرت شركات الطيران تعليمات لوكلاء السفر والسياحة بضرورة تنفيذ التعليمات الجديدة بصرامة، حيث تم توجيه رسائل واضحة بضرورة الامتثال لضوابط تصريح السفر.
هذه الخطوات التي تصفها الحكومة بأنها “إجراءات أمنية” ليست سوى غطاء لسياسات تتعمد تقييد حرية النساء وتعزيز الطبقية والتمييز.
في ظل هذه الظروف القاسية، تعيش النساء المصريات في دوامة من الإحباط والمعاناة. الأرقام الرسمية تشير إلى ارتفاع معدلات البطالة بين النساء، إلا أن الحكومة المصرية لا تزال غير قادرة أو غير راغبة في مواجهة هذه الأزمة بجدية.
بدلاً من معالجة الأسباب الجذرية للبطالة وتوفير بيئة عمل مناسبة للنساء داخل مصر، يتم وضع المزيد من القيود والعوائق أمامهن.
مصادر أمنية في مطار القاهرة الدولي أكدت أن القرار يستهدف “حماية” النساء، لكن يبدو أن هذه الحماية ما هي إلا ذريعة للتضييق على حقوق النساء.
تلك الخطوة تأتي في إطار سياسات قديمة تعمد إلى تهميش الفئات الأضعف دون معالجة مشاكلهم الحقيقية، مما يزيد من تأزم الوضع الاقتصادي والاجتماعي.
النساء المصريات اللاتي يرغبن في الهروب من واقع البطالة والفقر داخل البلاد يتعرضن الآن لتحديات جديدة من قبل حكومة لا تفعل سوى تعقيد حياتهن.
هذه الفئات ليست مجرد أرقام في تقارير حكومية، بل هن نساء يتحملن أعباء الحياة اليومية ويحاولن إيجاد فرص لتحسين حياتهن، في وقت يتزايد فيه فساد الحكومة وتجاهلها لحقوقهن الأساسية.
مع استمرار الحكومة في تجاهل احتياجات النساء، تتصاعد الانتقادات ضد سياسات القمع والتمييز التي تستهدف الفئات الأكثر ضعفًا في المجتمع.
إن فرض تصاريح سفر على النساء العاملات يعكس أزمة أخلاقية في سياسات الحكومة التي تستغل سلطتها للسيطرة على مصائر المواطنين بدلاً من تمكينهم.
النساء اللاتي يعملن في مهن مثل الكوافيرات أو السكرتيرات أو الخادمات، واللاتي يعتبرهن النظام “فئات دنيا”، هن في الواقع جزء أساسي من الاقتصاد، ولكن بدلاً من تمكينهن وتوفير بيئة عمل آمنة، تتعمد الحكومة المصرية إذلالهن وفرض المزيد من القيود على حريتهن.
النظام المصري، الذي يتشدق بشعارات التنمية والتمكين، يقف اليوم أمام فضيحة جديدة تظهر مدى ضعفه وعجزه عن مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية.
بدلاً من البحث عن حلول لتوفير فرص عمل محلية، تنغمس الحكومة في سياسات قمعية تزيد من تهميش النساء وتحرمهن من حقوقهن في البحث عن حياة كريمة.
وفي الوقت الذي تتوالى فيه الاتهامات ضد الحكومة المصرية بشأن الفساد وسوء الإدارة، يظل قرار إدارة الجوازات والهجرة بوزارة الداخلية شاهدًا على مدى الاستهانة بمعاناة النساء.
من خلال فرض تصاريح سفر على النساء الباحثات عن عمل في الخارج، يظهر النظام وجهه الحقيقي كنظام قمعي لا يهتم إلا بمصالحه الشخصية على حساب الفئات الأكثر ضعفًا.
ما يحدث الآن هو فصل جديد من فساد الدولة التي ترفع شعارات التمكين ولكنها في الواقع تمارس تمييزًا ممنهجًا ضد النساء.